كتب
حول اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران بمناسبة مرور 50 سنة على إبرامها. بقلم مصطفى كامل
بقلم مصطفى كامل -العراق -

حول اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران بمناسبة مرور 50 سنة على إبرامها.
بقلم مصطفى كامل
قرأت أمس مقالًا للدكتور عبد الحسين شعبان حول اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران بمناسبة مرور 50 سنة
على إبرامها.
والمقال بالأصل محاضرة ألقاها الدكتور شعبان في مؤتمرٍ بمحافظة أربيل في شمال العراق، لذا فإن مغازلته للأطراف السياسية الكردية فيه واضحة بشكل صارخ.
نشر الدكتور شعبان مقاله في موقع اسمه “نمتار” يُعنى بقضايا ثقافية عامة باشر الصدور من شمال العراق قبل بضعة أشهر.
من المفيد الإشارة بدءًا إلى أن الدكتور شعبان كان لفترة طويلة جزءًا من مؤتمر الجاسوس أحمد الجلبي اللا وطني واللا عراقي، الذي كان نصل خنجرٍ غادرٍ في التمهيد لغزو واحتلال العراق، وبالتالي فما يُظهره من مواقف محكومٌ بهذا التاريخ غير النزيه الذي يُبعده عن الموقف العلمي والوطني، ويُسقطه في مهاوي الدعاية المغرضة الحاقدة.
وجدت المقال حافلًا بالأخطاء التاريخية، وينطلق كاتبه من موقفٍ مسبقٍ معادٍ للدولة الوطنية، لذلك فقد تعمّد سلق الأمور فيه سلقًا، وأهمل مناقشة بنود اتفاقية الجزائر كلها بصفتها صفقة واحدة أو كلًا لا يتجزأ، وأكاد اجزم أن اطّلاعه على النص الكامل للاتفاقية كان سطحيًا إن لم أقل إنه لم يطّلع عليها بالكامل أبدًا وانما قرأ مقتطفات منها في وسائل إعلام.
فضلًا عن ذلك تعمّد الكاتب إغفال مناقشة الظروف الذاتية والموضوعية، المحلية والإقليمية والدولية، التي أدّت إلى إبرام الاتفاقية.
كما قفز على ما أسفرت عنه من نتائج إيجابية لصالح العراق على صُعدٍ عديدة أيام شاه إيران محمد رضا بهلوي.
في مقاله هذا اجتزئ الدكتور شعبان موضوع تسوية الحدود النهرية بين العراق وإيران فقط، موضوع شط العرب فقط، وأهمل البنود الأخرى، وأعني أمن الحدود، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وإيقاف دعم التمرد الكردي، وتسوية الحدود البرية، وهي بنود تصبّ في صالح العراق.
كاتب المقال وضع وزر إلغاء اتفاقية الجزائر برقبة العراق، والرئيس صدام حسين يرحمه الله تعالى تحديدًا، كما تعمّد إهمال الإشارة إلى كل المواقف الإيرانية، بعد مجيء خميني سنة 1979، وهي المواقف الرافضة للاتفاقية، والداعية لإلغائها، بل المواقف التي أعلنت إلغاء الاتفاقية بالفعل (ننشر هنا نموذجين منها فقط سياسي وعسكري).
الكاتب وانطلاقًا من مواقفه المعادية للحكم الوطني قفز على كل الحقائق التي باتت معلنة، وكرّر، خلافًا للمنهج العلمي الذي ينبغي عليه اعتماده كونه يقدّم نفسه باحثًا علميًا، كرّر شائعاتٍ وافتراءاتٍ بعيدةٍ تمامًا عن الواقع، وحاول إلباسها ثوب الحقائق العلمية الراسخة، وهي محاولة فاشلة بالطبع.
وجدت من الضروري كتابة هذا التعليق المقتضب، وتعزيزه بمثالين على حقيقة الموقف الإيراني من الاتفاقية الذي ألغاها بالقول والفعل قبل إلغاء العراق لها، وهو الموقف الذي كان من أسباب اندلاع الحرب ضد العراق التي رمى الدكتور شعبان المسؤولية عنها برقبة العراق طبعًا بناءً على مواقف حاقدة مسبقة كالعادة، مواقف منطلقات بعضها طائفية وبعضها سياسية وبعضها مصلحية، وكلها ليست لوجه العراق ولا الحقيقة.