الصحافه

نيويورك تايمز: دعوة ترامب للحرس الوطني تكشف عن رؤيته للجيش والأمن كوسائل لتحقيق نزواته

نيويورك تايمز: دعوة ترامب للحرس الوطني تكشف عن رؤيته للجيش والأمن كوسائل لتحقيق نزواته

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” افتتاحية استنكرت فيها نشر الرئيس دونالد ترامب الحرس الوطني في لوس أنجلس، قائلة إن هذا الحرس يتم استدعاؤه عادة إلى المدن الأمريكية في حالات الطوارئ مثل الكوارث الطبيعية والاضطرابات المدنية أو من أجل تقديم الدعم أثناء أزمات الصحة العامة وعندما تحتاج السلطات المحلية إلى موارد أو قوى عاملة إضافية.

ولم يكن هناك ما يشير إلى الحاجة أو الرغبة في ذلك في لوس أنجلس في نهاية هذا الأسبوع، حيث أبقت سلطات فرض القانون المحلية الاحتجاجات على مداهمات الهجرة الفدرالية، في معظمها، تحت السيطرة.

وعادة ما يتم نشر أفراد الحرس دائما تقريبا بناء على طلب قادة الولاية، ولكن في كاليفورنيا، وصف الحاكم غافين نيوسوم نشر القوات بأنه “تحريض متعمد” ومن المرجح أن يؤدي إلى تصعيد التوترات.

عادة ما يتم نشر أفراد الحرس دائما تقريبا بناء على طلب قادة الولاية، ولكن في كاليفورنيا، وصف الحاكم غافين نيوسوم نشر القوات بأنه “تحريض متعمد”

وتقول الصحيفة إن 60 عاما مضت منذ أن أمر رئيس الحرس الوطني بالتوجه إلى ولاية وبرغبة منه، مما جعل أمر الرئيس ترامب يوم السبت، سابقة غير تاريخية ويستند إلى ذرائع كاذبة ويخلق بالفعل الفوضى ذاتها التي كان من المفترض أن يمنعها.

وقالت الصحيفة إن ترامب استند إلى بند نادر من قانون القوات المسلحة الأمريكية، يسمح بنشر الحرس الوطني على المستوى الفدرالي في حال “وجود تمرد أو خطر تمرد ضد سلطة حكومة الولايات المتحدة”. ولا يوجد تمرد من هذا القبيل جار الآن. وكما أشار المتحدث باسم الحاكم وآخرون، فإن الأمريكيين في المدن يتسببون بشكل روتيني في مزيد من الأضرار في الممتلكات بعد فوز أو خسارة فرقهم الرياضية.

وتقول الصحيفة إن آخر مرة تم استحضار هذه السلطة الرئاسية رغم اعتراضات الحاكم، كانت عندما نقض جون إف كينيدي قرار حاكم ولاية ألاباما وأرسل قوات لإلغاء الفصل العنصري في جامعة ألاباما عام 1963. وقد ثار مؤيدو حقوق الولايات والفصل العنصري في ذلك الوقت، ولا يزالون يحتجون عليه في أماكنهم المعتادة. وقد برر ترامب في أمر تنفيذي، وهو ليس قانونا بل مذكرة موجهة إلى السلطة التنفيذية، “إن الاحتجاجات أو أعمال العنف التي تعيق تنفيذ القوانين بشكل مباشر، تعتبر شكلا من أشكال التمرد على سلطة حكومة الولايات المتحدة”.

 ومع ذلك، فإن أقرب ما وصلت إليه الأمة الأمريكية من وضع تمرد، كان عندما هاجم أنصار ترامب (الذين حرضهم، ثم عفا عنهم في الغالب) مبنى الكابيتول الأمريكي في عام 2021.

ومن النادر بمكان أن نشر الرؤساء السابقون، من كلا الحزبين، قوات داخل الولايات المتحدة لقلقهم من استخدام الجيش محليا ولأن الأسس القانونية للقيام بذلك غير واضحة.

 وترى الصحيفة أن على الكونغرس تركيز اهتمامه على مثل هذه الأمور وفورا، لأن الرؤساء ترددوا في استخدام الجيش للمساعدة في دعم جهود التعافي بعد الكوارث الطبيعية، ولم يترددوا في إرسال الجنود بعد إحراق بعض السيارات، لذا فإن القانون غامض بشكل مثير للقلق.

ويشير بعض الخبراء القانونيين إلى أن أمر ترامب التنفيذي يذهب أبعد من هذا.

 فبحسب ليزا غوتين، مديرة برنامج الحرية والأمن القومي في مركز برينان للعدالة، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: “لقد سمح أيضا بنشر قوات في أي مكان في البلاد حيث تجري أو يحتمل أن تجري احتجاجات ضد سلطات الهجرة والجمارك، حتى لو كانت سلمية تماما”. وأضافت: “هذا أمر غير مسبوق وانتهاك واضح للقانون”.

وهناك تقليد عريق من الاحتجاجات السياسية التي تعزز قوة أمريكا، ولن يفعل المتظاهرون شيئا لدعم قضيتهم إذا لجأوا إلى العنف. لكن أمر ترامب لا يرسي القانون ولا النظام، بل يرسل رسالة مفادها أن الإدارة مهتمة فقط بالمبالغة في رد الفعل والتجاوز.

 وقد أكدت مشاهد الغاز المسيل للدموع في شوارع لوس أنجلس يوم الأحد هذه النقطة وهي أن فكرة ترامب عن القانون والنظام تعني التدخل المتسلط وغير المتناسب بشكل يزيد من القلق والفوضى على وضع متوتر أصلا.

أكدت مشاهد الغاز المسيل للدموع في شوارع لوس أنجلس يوم الأحد أن فكرة ترامب عن القانون والنظام تعني التدخل المتسلط وغير المتناسب بشكل يزيد من القلق والفوضى على وضع متوتر أصلا

وفي عام 2020، تدخل رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي ووزير الدفاع مارك إسبر والمدعي العام ويليام بار، لمنع ترامب من نشر القوات المسلحة لوقف الاحتجاجات في ساحة لافاييت بواشنطن، مما أثار إحباط الرئيس. ولم يبد المدعي العام الحالي، بام بوندي، ووزير الدفاع، بيت هيغسيث، أي تحفظ بشأن إمكانية وضع القوات في موقف قد يضطرهم فيه إلى اتخاذ قرار بشأن اتباع أمر غير قانوني أو غير أخلاقي أو تعريض المدنيين للخطر دون داع.

وهؤلاء رجال ونساء أقسموا اليمين على شيء أقوى من القائد العام الحالي: الدستور. ومع ضعف القيادة، يبدو أنهم سيضطرون هم أنفسهم لأن يصبحوا طلابا يدرسون القانون والأخلاقيات التي يجب أن توجه سلوكهم. ولا يسع المرء إلا أن يأمل في أن يختاروا الطريق الصحيح.

وترى الصحيفة أن التحدي الأكبر الذي يطرحه ترامب من خلال “فدرلته” قوات الحرس الوطني يدور حول المبدأ المحدد، وهل سيتمكن أي رئيس من فعل هذا مع الوحدات القتالية من أجل تحقيق نزواته.

والسؤال في النهاية، عمن يخدم الجيش الأمريكي؟ هل الشعب أم الأجندة السياسية للرئيس؟ ومع إدارة ترامب الحالية، ثمة ضمانة قوية بأن الحل لن يكون في سيادة القانون أو القيم أو الأعراف الراسخة. بل سيرتبط الأمر، كما هو الحال دائما مع هذه الإدارة، بما يخدم مصالح الرئيس ودوافعه.

 – “القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب