صمودُ الفلسطيني الانسان، ومواجهة الحياة!

صمودُ الفلسطيني الانسان، ومواجهة الحياة!
بكر أبوبكر
ارتبطت الثورة والمقاومة الفلسطينية الحديثة بفكرة التحرير لأرض فلسطين، وتحرير الانسان بذاته ليكون غير مستعبَد أو محتَل او مستعمَر حتى بالفكر أو الثقافة والرواية والنفس، وليكون حرًا آمنًا كريمًا سعيدًا في أرضه ووطنه، وبذا كان النضال بالثورة حتى النصر، بكافة الأشكال المتاحة، وتخيّر الوسيلة الأنسب في الوقت الأرحب ما تم تعلّمه بعد كثير فشل ومآزق ومنعطفات وكبوات ونكبات، وأيضًا بمفهوم النصر الذي يعد له كل أسباب القوة، وليس اجتزاؤها وحصرها فيما لا طائل منه لوحده، والنصر على الذات وعلى الصعوبات والمعيقات وصولًا لتحقيق الهدف.
ومن قِيَم الثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها عام 1965م كان الايمان والالتزام والاخلاص والوفاء والانضباط وحُب الجماهير وخدمتها والتعلم منها، وكان حُسن التفهم والثبات والرباط والصبر والتفكر والوعي والاعتماد على الذات وغيرها الكثير من السلوكيات والأخلاق والقيَم التي ميزت المقاتل أو المقاوم أو المجاهد أو الثائر العربي الفلسطيني حيث أصبح ثوريًا فدائيًا مجاهدًا ولم ينزلق لربقة الفاسدين أو الانتهازيين الطفيليين.
في مراحل المحنة الشديدة والعائق الكبير وحين تتكالب الأمم على فلسطين وعلى قضيتها العادلة، وعلى الفلسطيني أو المناضل عامة، كان يضغط على ذهنه أنشودة أنا صامد صامد أنا صامد التي تتكرر فيها كلمة صامد الى الدرجة التي يصبح معها الصمود مبتغى وغاية، وهي بالحقيقة عملية نفسية هامة حيث كان لوقع هذه الأنشودة الثورية (صدرت لأول مرة عام 1969م)، كلمات: سعيد المزيّن، وألحان: صبري محمود تأثيرًا على عملية الشحن الثوري والتحريض على مسار النضال بأشكاله التي تغيرت وفق الظروف، وتطور الوعي والتقدير، والأزمنة وافتراق موازين القوى.
برز الصمود عند الفلسطينيين في ثباتهم على المبدأ، أي مبدأ فلسطين أرضنا، ومبدأ النضال الذي تمحور في التطبيق الأول بالاعتماد الكلي على البندقية ثم سرعان ما أحاطت العواصف والغيوم والسحائب السوداء بالأمة فأعيد النظر ليتقابل العسكري مع السياسي، وفي المرحلة التي أصبح فيها السعي نحو الحل السلمي هو الهدف مارس الإسرائيلي الغاصب تلاعبه وخذلانه لكل من اتفق معهم، فلم يتوقف عن استخدام القوة حتى ضد الانتفاضات والتظاهرات والحِراكات الفلسطينية السلمية الكثيرة بل أمعن وأسرف وطغى وتجبّر.
وقع الطوفان أو المباغتة عام 2023م بغض النظر عن طريقة النظر له بعد النتائج الفظيعة، ليوقظ في الإسرائيلي المتقوقع نحو الذات (المقدسة بخرافات توراتها) كثير حقد وكثير عنصرية، ومارس بطشًا فريدًا بالعالم لم يكن بحجم الحدث قط، وإنما بطغيان وإسفاف لم يسبق له مثيل فتم إسقاط كل قيود القوة لتغدو ساحقة ماحقة بلا أدنى أخلاق الحروب في مواجهة شعب أعزل ما جعل في هذه المرحلة (الرابعة) تستوجب إعادة النظر في تكاليف المواجهة أو المقاومة أو الثورة التي تجلّت مرعبة الى الدرجة التي يصبح فيها خالد بن الوليد في معركة مؤتة هو النموذج لهذه المرحلة وليس غير ذلك.
ظلّت نغمة أنا صامد في أذن الثائر واحدة في كل المراحل ومع كل الأساليب، فالحد الأدنى منها هو الصمود الذاتي، والقدرة على التعاطي مع الحالة القائمة حيث البيت المهدوم والابن المقتول والشارع الذي تم تجريفه والمدرسة التي أزيلت، وتفاصيل الحياة اليومية الصغيرة القاتلة من أكل وشرب وتبول وغسيل ونظافة، وصحو ولا نوم وفقدان وأسى وخوف لا يزول…، ومن الألم المستقر والجوع الذي يفتك بالأبناء، والإصابات التي تجد مثيلها مما حصل في “هيروشيما” و”درسدن”، عوضًا عن المعاناة الجسدية والعقلية والنفسية (وأحيانًا الروحية)، لكل فاقد لأعز مَن لديه أو أعز ما لديه قريبًا أو حبيبًا أو دارًا أو بستانًا أو شجرة او حانوتًا أو مصنعًا… أو كتابًا ومدرسة وجامعة ومكتبة، أو معينات صمود أخرى من عقل وثقافة وفكر، وذكريات والتي هزت عالمًا لدى كل فرد، وكل جماعة هزًا عميقًا، لمن ظل على قيد الحياة الى الدرجة التي يتمنى فيها البعض منهم الموت على الحياة اليوم. عوضًا عن افتقاد البسمة أو الحنوّ والحنان أو النظرة المريحة، أوالشعور بالسرور أو بغَرْفَة من السعادة وكيف يكون ذلك؟ إذ استقر الحزن وركب الغمّ رؤوس الكبار والصغار وأصبحت الفاجعة بحجم جبل الجرمق والخليل والعاصور، وبحجم بحر غزة، بل وأكبر تدق رؤوس الناس تحت ثقل الدمار والخراب والحريق في الأرض وفي القلب والجوانح.
غزة الفاجعة والقائد الانسان
ما يحصل على إثر النكبة الثانية للفلسطيني، والفجيعة الانسانية الساحقة في فلسطين وخاصة في قطاع غزة والبائقة العظمى حدثٌ يحتاج لوصفه مجلدات وأسفار، ولتدوينه للتاريخ مرئيا آلاف الشرائط (الأفلام) والمسلسلات.
ولكن في إطار فهم معنى الانسان بالثورة وهو المكون الأول بالجماهير والنضال، حادثني الكثير من الأخوة الأصدقاء في القطاع حول فواعل ثباتهم وصمودهم ورسوخهم في أرضنا، التي سيضرب بها الأمثال. فلكل منهم أكثر من قصة بمعنى أنك ستجد مئات إن لم يكن مئات آلاف القصص المختلفة أو المتميزة والعجيبة، والتي تُضفى على هذا الشعب الصامد والأبيّ مهابة وعظَمة ستظل تصاحبه أبد الدهر، وتُضرب بها الأمثال تمامًا كما صاحبت الفلسطيني الأول الذي سكن هذه البلاد فلسطيننا من نصف مليون عام أو أكثر حتى الآن.
في إطار الحوارات والنقاشات حيثما تيسّر مع الأخوة في قطاع غزة وبنسبة مختلفة مع أمثالهم في شمال الضفة وجنوبها والوسط، ومع أخوتي الفلسطينيين بالخارج أيضًا استفدنا أن الإنسان هو الفاعل الأول في الثورة، وأن الانسان هو المكون الأول للجماهير، وأن الانسان هو قبل القائد أو المسؤول، فحيث أمكن تحصينه وعقلنته وتثبيته، وحيث وجب رعايته ودعمه، وعدم تهييجه بالأكاذيب والتدليسات والشعارات والوعود وجدت امكانية لديه للتعامل مع مخاوفه العظمى وفواجع يومه الطويل، المتفجر بالأحداث منذ الصحو حتى المنام هذا إن تسنى له النوم أصلًا!؟
إن امكانيات الصمود تحتاج لعمل جماعي من قبل القادة بالطبع، فماذا إن كانوا بعيدين أصلًا عن هموم الناس ومشاكلهم ولا يحسّون بهم؟! بل يعتبرونهم أرقامًا أو خسائر تكتيكية أو للأسف كما قال كبيرهم (قرابين بشرية)؟! سيتم الإلقاء بهم -بيد هؤلاء القادة وفساد عقولهم- الى مرمى النيران ومحرقة القتل والإبادة الفاشية، فهم لا حماية عندنا لهم، فالأنفاق لهم وعموم الناس لهم الأمم المتحدة و(الأنروا)!؟ التي لا تمون على ذاتها. أي الى الجحيم هم ذاهبون وبموافقتنا!؟ هذا لسان حالهم، وهذه الطريقة المتطرفة والمتكبرة بالتفكير والتي تستغل المقدس فتحرفه. إنها العجرفة بحد ذاتها التي لا تهتم بالإنسان الذي جعله الله سبحانه وتعالى مستخلفًا ومستأمنًا وجعل من حياته القيمة العظمى بمعنى هنا أن العبء الأكبر بالصمود والثبات و/أو التكيف والمرونة يقع على عاتق القيادة، والتي كان واجبها الأول هو الحماية والرعاية والدعم ما فشلت به فشلًا ذريعًا.
فواعل الصُمود
رغم ما سبق وفي ظل الخذلان والتقصير للقيادة، أو في ظل الفشل والفساد القيادي بالعقل والمسلك وسوء التقدير وخطايا القرارات بنتائجها المدمرة، فإن على الانسان في مرحلة الفواجع، والخوف والمأساة أن يتكيف ويتعامل مع المصيبة أو المصائب التي لا يستطيع لها دفعًا، ومن هنا قمنا بالاستدلال على عدد من الأساليب التي شاهدناها في غزة والضفة، ويمكن استخدامها بالإطار العلمي والحركي والوطني والشخصي لتعزيز الثبات والصمود الانساني الشخصي الذاتي كما يلي، ومما أرشدنا اليها صديق غزّي رحمه الله الذي قضى بقصف طال بيته والعائلة حتى أبيدت عن وجه البسيطة:
1-الايمان بالله سبحانه وتعالى، والقيم الدينية والوطنية الثابتة بفلسطين التي ليس لنا غيرها فهي أمنا، والوطن، وما ينبثق عنه من حوافز قوية لتجاوز العقبات والثقة بالنفس رغم كل المصاعب والفجيعة، لأن نستمر بالثبات والصمود (أنا صامد صامد صامد أنا صامد-تكرار ذاتي وجماعي) متأقلمين لوقت نعتقد أنه مؤقت بعملنا وسعينا نخفف فيه من أزمتنا والمحيطين بنا، ونضرب النموذج والمثل والقدوة.
2-الاحساس بالمسؤولية الذاتية، والمجتمعية أو عن المجموع وحيث الإيثار رغم كثير خوف وألم تشاهده في عظيم أحداث وروايات نقلها لنا الأخوة الأصدقاء في غزة، (بالحقيقة هي أمام كل العالم عبر شاشات الفجور) فلم أجد من كوادر الحركة الكرام إلا مستوى عال من الاحساس بالمسؤولية يقدمون فيها الأصدقاء والأجوار عليهم (ولو كان بهم خصاصة) -أنهم الفدائيون الحقيقيون- وحيث يتقدم دعم الأفقر على الفقير والأشد حاجة على المحتاج هذا من الناحية المادية، وبالحد المتوفر.
3-الدعم النفسي والمجتمعي حيث يقوم عديد الأخوة والأخوات بالدعم النفسي عبر توفير بعض وسائل الترويح القليلة للأفراد الآخرين وخاصة الصغار. ومن خلال نسج الصِلات والعلاقات الجديدة وتبادل القصص والأحداث وشد الأزر المتبادل لما له من شديد حثّ وحفْز على الصبر حيث خاتمته الفرج لا محالة (وهذا إيمان ديني مستقر والحمد لله) وكل هذا في ظل ضيق ذات اليد، وفي ظل فشل القيادة المتمركزة حول انقاذ ذاتها والفصيل، بفهم الواقع والتعاطي معه، وفشلها بتقديم الناس عليها، وفشلها في الخطة وعدم تقدير نتائجها الكارثية المنظورة، وكأنها مجرد مشهد يتكرر يبررونه بأكاذيب دينية أو سياسية.
4-في القدرة على الصمود عبر المرونة والتكيف والتأقلم مُعطى ذاتي مهم للإنسان، هو إيماني أساسًا، ولكنه عاقل أيضًا، وليس عاطفي غارق في نار عاطفيته، بل عاطفي بمعنى التعاطف مع الذات وعدم تكرار لومها وتوبيخها، لو فعلت كذا أو كذا …، والتعاطف مع الآخرين بالإحساس بهم ودعمهم بالأقل بالتماثل معهم. وكلمة طيبة خير من خطبة عظيمة، ولقمة خبر في بطن جائع أفضل من (نطنطة) السياسيين بين فضائية محرّضة او كاذبة، وأخرى حزينة شامتة.
5- أن الصمود يتطلب حقيقة التكيّف والتأقلم مع الواقع، (ومع السعي لتغييره، أو تغيير الذات) كما يتطلب المرونة بالتعامل مع المتغيرات الداهمة أي التي لا يد لك بتغييرها كفرد لوحدك ولكنك مع ذاتك قادر على جلب كثير من الثبات والصمود وأن تظل متفائلًا في عز الفجيعة والنار. فالله سبحانه وتعالى لن ينسى عبيده، حتى لو نسيهم من هم أولى أمر (بالقوة) فشلوا وقصّروا، وسيكون حسابهم عسيرًا، وعليه وجدنا في نموذج قطاع غزة والضفة من أهم خطوات بناء المرونة التواصل مع من حولك ومما تقاطع مع آراء المختصين مما نسرده بين يديك.
6. بناء علاقات صحية مع أشخاص وأصدقاء أوجيران يهتمون بك (واحتياجاتك) وتهتم بهم، أونسج علاقات جديدة مع أمثال هؤلاء ممن تشاركهم ويشاركونك الاهتمام والتفكير والتجارب والحكايات والأحاسيس والوعي المتماثل.
7. الاقتراب أكثر ممن تحبهم (العائلة والأجوار والأصدقاء…) وتبادل مشاعر الألفة والاحتضان و(الطبطبة) حيث وجب، وتحملك اختناقاتهم وانفجاراتهم، وتحملهم لعواصفك وثوران براكينك.
8. تواجد ما استطعت حيث تشعر بالأمان والراحة، وإن كان الأمان في حالتنا الفلسطينية في كل فلسطين مفقود في ظل الطغيان الاحتلالي والقوة الباطشة المنفلتة، وسقوط كل القيم، ولكنه مع ذلك أمان نسبي وراحة نسبية مستحقة السعي وصولًا لها.
9. حاول ألا تظل وحيدًا بين هواجس الموت وضجيج الطائرات وقصف المدافع، والأفكار السوداء الطاغية السارقة لأجفانك والعيون، وأخرج من هذه الشرنقة بالعمل خدمةً لعائلتك والآخرين ما استطعت، وبالصلاة والدعاء، والقراءة والكتابة والتأمل، وحُسن الذكر والمعاملة وحُسن الصحبة، واللقاء فلا تجالس الا من يعطيك (أو كنت أكثر شجاعة وقوة من تعطيه أنت) الشعور بأنك لست وحدك لأن الشعور بالوحدة والخوف والعجز أو القهر قاتل، ويجر الى القنوط واليأس وما يستجلبه ذلك من مهلكة فتصبح كالميت الحي.
10. إن ثلاثية الثقة والتعاطف والاحترام هي ثلاثية متبادلة متى ما توفرت لك بالمحيطين استطعت التحمل أكثر، والتكيف مع الوضع المأزوم، والصمود الى أن يجعل الله لنا مخرجًا، ولكل حسابه وللقيادة الفاشلة حسابٌ عسير في الدنيا والآخرة.
11. نعلم جميعًا أن الباب الأول في العلاقة مع الآخرين هي أن نقدّر الآخر ونتعاطف معه مما ذكرناه أعلاه ولا يبرز ذلك الا في إطار أن تدخل من الباب الواسع أي باب الاستماع فأن تستمع فأنت تدخل الفؤاد، وأن تحسن الإصغاء فأنت تقترب من حبّة القلب، وأن تصغي فأنت وقراءة القرآن واحد.
12. الاعتراف بالمشاعر، والبكاء على كتف صديق، أو حبيب. وتجنب الأشخاص شديدي السواد يعدّ من أهم عوامل المرونة والتأقلم وتحقيق الثبات والصمود.
فالصديق كتفٌ يرفعك وكلمة تدفعك وبسمة تشبعك. والصديق يستمع لهمومك بلا ضجر خاصة في ظل الفجيعة العامة الطامة، وهو الى ذلك يمنحك التعاطف والاحترام ولا يكون لاعترافك بحضرته زلّة أو ممسكًا بل سَكِينة وحَرَضًا على الخروج من بائقة اليأس أو الكلل اوالقنوط لا سمح الله، وبتبادل الأحاديث والمشورة والرأي ابتعاد عن النفس الجوفاء أو النفس السوداء أو الأفكار السامة التي تعصف بك كبيت أو خيمة تلعب بها الأرياح من كل جانب.
خاتمة
قال شاعرنا الكبير محمود درويش “نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا”، لذا نثبت ونتمسك ونصمد كشعب وكانسان فرد، فنحن شعبٌ يحب العيش ككل شعوب الأرض، ولا نخاف الموت نعم لكن لا نطلبه، ولا يستشهد فينا الفدائيون دونًا عن الناس وحماية لهم الا وفي بالهم أنهم قد ينتصرون فليس الموت هدفهم قط، وما كان لخطيئة قائد أو ظلم ظالم أن ننجرّ معه وفق مقولة (الموت مع الجماعة رحمة!) التي يقول فيها الكاتب سليمان بن صالح الخراشي أنه “يقصد بهذا القول أن الإقبال على عمل لا تعرف نتائجه يصبح هينًا عندما يكون بالاشتراك مع مجموعة من الناس، حتى وإن كانت عاقبة هذا الأمر هي الموت! ولكن ينبغي أن نعلم أن قيام جماعة من الناس بعمل لا يقتضي كون هذا العمل صائبًا، بل قد يكون خاطئًا .. والله سبحانه وتعالى يخاطب الظالمين بقوله: (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ-الزخرف 39)، مما يؤكد أن الاشتراك مع جماعة في أي عمل سيئ لا يؤثر على نتائج هذا العمل بالنسبة لأحدهم، بل كلّ مسؤول عن نفسه ومجزي بعمله”.
من البندقية حيث مرحلة النضال المرتبط بمراحل القياس المرتبطة بحركات التحرر العالمي (الخمسينيات الى السبعينيات من القرن 20) الى الانتفاضة الشعبية العارمة، والسياسة العاقلة، وصولًا للحركات المدنية الشعبية، الى مرحلة ما بعد المباغتة كنا قد مررنا بنجاحات مشهودة واخفاقات كبرى، ومررنا بمسيرة عظمى من الوعي وتفهّم معنى القوة وحدود القدرة-إلا من أبى ولم يتعظ، أو يمنعه كِبره وعدم قدرته على الاعتراف بالخطأ- لقد كان العام 2023 وما تلاه نهاية مرحلة وبداية أخرى مختلفة كليًا تستوجب إعادة النظر مما قلناه منذ اليوم الأول ولم يفهمه أصحاب العقول المغلقة والارتباطات المؤقتة، ولكنها مفاهيم تجددت في إطار الغلو الاستعماري اللاأخلاقي والمتحلل من كافة القيم والأخلاق بمواجهة قوة الضعيف، والدخول بمرحلة جديدة من المقاومة والثورة والنضال بكافة أشكاله، وفيها يظل الرباط والثبات والحقوق العادلة وتقرير المصير والتجذر والمثابرة، والصمود للإنسان كانسان، والشعب مما حاولنا الإطلالة على مفاعيله، وعوامل تكريسه بالذات الانسانية جزء لا يتغير، ولا يغير من معنى الثورة، والفكرة والمقاومة والجهاد، الشاق الطويل حتى النصر المؤزر بإذن الله.
بكر أبوبكر
رئيس أكاديمية فتح الفكرية
رئيس مركز الانطلاقة للدراسات
فلسطين في 2025م