
خنق الحياة اليومية: سياسة سلطات الاحتلال في فرض عقوبات جماعية عبر اغلاق ولحام البوابات الحديدية والسدات بالحجارة والاتربة والرمال.
بقلم مروان سلطان. فلسطين 14.6.2025
——————————————-
ضمن الاجراءات المتبعة التي تقوم بها سلطات الاحتلال باتجاه الفلسطينيين في المدن والقرى والمخيمات التي تضيق على الفلسطينين حركتهم وارزاقهم ونموهم وتطورهم ، وضعت لوحات ارشادية امام البوابات الحديدية المغلقة التي تم لحمها بالاكسجين ، تقول انه الجيش الاسرائيلي وبسبب الظروف الامنية الراهنة ” فرض اغلاقا استباقيا على منطقتكم”، واستطرد في الاشعار قائلا ان ذلك بهدف الى الحفاظ على سلامتكم وامن المنطقة، وعليه يقول الاشعار ” يحظر تماما الخروج من المنطقة حتى اشعار اخر”.
هذا الاشعار والذي يعتبر احد السياسات الاسرائيلية في فرض عقوبات جماعية على الشعب الفلسطيني ، يتم العمل به من وقت لاخر، حيث يمنع سكان منطقة من الخروج الى المدن الفلسطينية الاخرى لاي غرض كان سواء التجارة او التنقل او السياحة ….. الخ من الاهداف التي يتنقل فيها عادة الفلسطنيين الى خارج مدنهم والعودة اليها. وياتي هذا القرار المتجدد مع بدء الحرب التي اندلعت بين ايران واسرائيل, ليحول مدن الضفة الغربية الى سجون كبيرة ومعازل من الابرتهايد العنصرية .
ومن خلال هذا الاجراء فان المئات من الموظفين ، والعمال ، والشركات واصحاب الاعمال يتوقفون من الالتحاق في اعمالهم ، وتتعطل حركتهم وكذلك الخدمات والمشاريع التي يعملون عليها. وهناك كثير من المرضى يتوقفون عن زيارة المشافي منا يتوقف حصولهم على العلاج اللازم لهم ، خاصة ان هناك مرضى كثيرون يتلقون علاجهم في مستشفيات بالقدس وغيرها من اصحاب الامراض المستعصية.
ان تاثير تلك العقوبات يتعدى ازمة محلية ، العقوبات تهدف الى خلق بيئة غير صالحة للحياة في المنطقة . في الاصل الحركة والتنقل هي التي تولد الاعمال، والازدهار ، وتعزز اركان النمو الاقتصادي في المنطقة. وعندما تغلق المعابر فان الحياة تتعطل باكملها ويقود ذلك الى انتكاسة وكساد في مجال الإعمال المختلفة.
مقابل المدن وعبر الشوارع الخارجية يتنقل المستوطنون الذين لا يفرض عليهم مثل تلك العقوبات ، تحت حجج واهية ويسيرون على نفس الشوارع لا يتم حظرهم او منعهم من الخروج من مستوطناتهم ، وهي لا غير تلك الحجة وهي الامن ، وانتشار الارهاب. في الخليل التي ذاقت الامرين من تلك السياسات ، وتحت ذريعة الامن تم التطهير العرقي للبلدة القديمة عندما فرض حظر التجوال على البلدة لمدة 550 يوما متواصلا، ودون ان يتزود السكان في الماء او الغذاء، وقد نجحت هذه السياسة في تهجير المواطنين من اماكن سكناهم الى مناطق اخر واحتل المستوطنون البيوت المهجورة. وهنا يتم التساؤل لماذا لا يمنع المستوطنون الذين يعيشون بمحاذاة المدن الفلسطينية من الخروج من تلك المستوطنات او مغادرتها. الامن حجة ذات مدى واسع وما يصيب الفلسطينيون يصيب المستوطنون المحاذيين للمدن الفلسطينية. ولكنها العقوبات الجماعية تفرض على الفلسطينيين. وهذا يعني تسهيل سيطرة المستوطنين على الارض ، وابقاء الفلسطينيين تحت الرقابة العسكرية محصورين في اماكن وجودهم.
يترك هذا القرار اثرا سلبيا على الناحية الانسانية ، في تعميق الفصل العنصري وكذلك الشعور بالاهانة والاذلال من المعاناة اليومية التي يواجهها الناس جراء وقف حركتهم اليومية ، او عبر اذلالهم التي يتلقونها عبر الحواجز المنشرة في الضفة الغربية.
مما لا شك فيه فان هذا الواقع يخلق ظروفا ترسخ على الارض في عملية ترسيخ الضم والتهجير التي تقوم بها اسرائيل في الضفة الغربية. انها جزء لا يتجزء من المشروع الاسرائيلي الذي بدء في مخيمات ومدن شمال الضفة الغربية من هندسة للوضع الديموغرافي للمدن والقرى الفلسطينية. والسؤال الذي يطرح نفسه هل وضعت اسرائيل الفلسطينيين رهينة للضغط على ايران لوقف هذه الحرب واثارها المدمرة على الطرفين ، ولكن يبدوا ان الاسرائيليين اصيبوا بالصدمة من قوة الردع الايرانية؟.
في ظل هذه السياسة يجب ان تتضافر كل الجهود ، لوقف هذا القرار الجائر لتحرير الانسان من العبودية ، والنظام العنصري البغيض من خلال الديبلوماسية الشعبية والرسمية الفلسطينية ، المانعة وتبيان اثر ذلك على الشعب الفلسطيني اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا . لتعزيز صمود المواطنين ، من اجل خلق ظروف تمكنهم من الصمود في وجه تلك السياسات الاسرائيلية الهادفة الى التنكيل في الفلسطينين وتهجيرهم و تعزيز الاستيطان وضم الاراضي الفلسطينية واحلال المستوطنين مكان الفلسطينيين. هكذا يتم قراءة هذا الواقع الاليم الذي يطال صمود الناس ووجودهم على ارضهم امام الهجمة المعززة بالجيش والمستوطنين، وكذلك اخذ الفلسطينيين رهينة لوقف التصعيد الايراني والقوة الصاروخية الضاربة التي تؤثر على المنطقة عامة واسرائيل خاصة.