قصة قصيرة : حجر صحي !؟

قصة قصيرة : حجر صحي !؟
بقلم : رحال امانوز .
حكاية من زمن كورونا …
صوت سيارة الإسعاف المخيف . كسر الصمت المطبق على الحي السكني . توقفت أمام إحدى عمارات السكن الاقتصادي . خرج منها شخصان يرتديان ملابس معقمة . يضعنا نظارات سوداء وكمامات على فيهما . يرتديان قفازين ابيضين . انزلا سريرا طبيا من مؤخرة السيارة . ودلفا بسرعة البرق إلى الطابق السفلي . ثم خرجا يحملان رجلا يسعل بشدة . انه بين الحياة والموت . وضعاه بداخل سيارة الإسعاف . انطلقت السيارة بسرعة نحو المستشفى . تشيعها نظرات مسترقة . يطل أصحابها من خلف النوافذ المغلقة … سيارات الإسعاف في حركة داءبة طيلة اليوم … تحمل المرضى إلى المشافي . نادرا ما يعود احدهم إلى البيت متعافيا . عند موتهم لا تسلم الجثامين لأهلها . يتم الدفن دون غسل . ودون تشييع او مراسيم الدفن … التعزية تتم عن بعد بواسطة الهاتف . منعت التجمعات و الاعراس والولاءم و عشاء الموتى … انه الحجر الصحي … المدينة خاوية على عروشها . و الصمت المطبق المخيف يهيمن على المدينة . كانما قد توقف الزمن . كأنما الحياة توقفت . ابواب البيوت والنوافذ موصدة . الشوارع مقفرة من المارة والسيارات . الإدارات . المعامل . المدارس . المساجد … وكل المرافق مغلقة . إلى أجل غير مسمى .. .انه أشبه بيوم الحشر او يوم القيامة . الجميع صغارا وكبارا . يلزمون بيوتهم ويضعون على أفواههم الكمامات . ويغسلون أيديهم بالصابون الساءل . ومرافق البيوت ترش بمواد التنظيف على مدار اليوم … التصافح ممنوع . الاجتماعات ممنوعة . الخروج من البيت ممنوع . خيل للناس انهم محتجزون في مخابيء سرية . وكان هناك حربا نووية قد اندلعت … الأمر اخطر من ذلك . فيروس لا مرءي يدعى كورونا . اجتاح المدينة عن آخرها . كما هو الحال بكل بقاع المعمور . انه كاءن غير مرءي . ينتقل مع الماء والهواء . كل الدول فرضت الحجر الصحي . وذلك لتقليص عدد المصابين والضحايا … كوحش متعطش للمزيد من الضحايا … الفروس يختطف كل يوم المزيد والمزيد من الضحايا … من جميع الأعمار والفئات الاجتماعية خاصة ممن يعانون من هشاشة صحية . صمت المدينة الرهيب لا يكسره. سوى أبواق أعوان السلطة . الذين . يحذرون من مخاطر الفيروس . ويذكرون بعدم مغادرة المنازل :
أيها المواطنون ! الزموا بيوتكم !
لا تغادروا بيوتكم إلا للضرورة القسوى!
التزموا بقواعد الوقاية الصحية ! …
سيارات الإسعاف تخترق الازقة . لحمل المصابين إلى المستشفيات . والتي امتلأت عن آخرها . عجزت الاطقم الطبية عن رعاية الإعداد الهاءلة من المصابين . يندر ان تجد أسرة لم تفقد أحد أفرادها. والذي اختطفه الفيروس اللعين من بين ظهرانيهم …الكل يترقب بفارغ الصبر انفراج الأزمة. ونجاح الباحثين في اختراع تلقيح مضاد للفيروس اللعين …
الدارالبيضاء / المغرب / 2020