مقالات
كي لا تنحرف بوصلة الصراع عن وجهتها الأساسية : بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان –
بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان -

كي لا تنحرف بوصلة الصراع عن وجهتها الأساسية :
بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان –
بدايةً لا بد من الانطلاق من مسلّمتين أساسيتين :
١-ان الصراع الذي تخوضه امتنا العربية ضد العدو الصهيوني هو صراع وجودي لا يمكن ان ينتهي إلا باستئصال المشروع الصهيوني الاستيطاني الذي بدأ بالاستيلاء على فلسطين في العام ١٩٤٨ وتوسع في العام ١٩٦٧ مع احتلال الضفة الغربية وغزة والجولان وسيناء ويتوسّع اليوم ليرسم شرق اوسط جديد يكون فيه الكيان الغاصب هو المقرّر وصاحب السيطرة على الارض والبحر والجو وسياسة المنطقة وتوجهاتها السيادية معاً ،
٢-اما العلاقات العربية – الإيرانية ، فلم تتخذ موقف الصراع العدائي الحاد سوى خلال حكم الملالي لايران منذ استلامهم مقاليد الحكم في عام ١٩٧٩ واعتماد مبدأ تصدير ما اسموه في ذلك الحين “ثورة إسلامية” عملت على تمزيق الوحدة الإسلامية عبر أيديولوجية “ولاية الفقيه” واحدثت صدعاً كبيراً داخل الوطن العربي بدءاً من الحرب على النظام الوطني التقدمي في العراق إلى تقديم الخدمات الاستراتيجية للاحتلال الاميركي البريطاني الصهيوني لهذا القطر العربي ، فكوفئ النظام الإيراني على ذلك بتمكين سيطرته على العراق وعمل على تمزيق نسيجه الوطني مستكملاً مشروعه المماثل في اليمن وسوريا ولبنان وبالتالي فان الصراع الحاصل ليس مع الشعوب الإيرانية بقدر ما هو متأججُّ بسبب القيادة المذهبية العنصرية الفارسية التي تحكم ايران واي تبديل في نظام الحكم او سياساته تجاه امة العرب ووقف كل تآمر عليها سيكون المستقبل افضل للطرفين من منطلق الاحترام المتبادل لسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية .
من هنا ، لا يمكن لأصحاب المواقف المبدئية ان يتغيَّروا مع التحوّلات الاستراتيجية الجارية اليوم بعد المواجهات العسكرية المفتوحة بين ايران والكيان الغاصب ،والطرفان ولغا في دمائنا العربية حتى الثمالة، وبوصلة الموقف الصحيح تتجه دوماً نحو رفض الشماتة بمن تغاضى عن “عدائه” للصهاينة منذ تغيير النظام في طهران ليعلن ان وجهته الأساسية هي إسقاط النظام الوطني التقدمي في العراق فارهق هذا القطر بثماني سنوات من القتال اودت بالملايين من الضحايا بين الطرفين وخلقت فجوةً كبيرةً من انعدام الثقة بين العرب ودولة الملالي وكم كان لهذه الثقة ان تتعزز وتقوى لو صبّت ايران جهودها مع عراق صدام حسين ليواجها معاً العدو الصهيوني الذي يجب ، نظرياً على الاقل ، ان يكون عدوّاً مشتركاً للطرفين ، غير انها شهوة القيادة الإيرانية لتحقيق مشروعها التوسعي الذي قدم العراق خيرة جنده وشبابه لايقافه ، ليس خوفاً على العراق وحسب ، وانما لمنع انهيار البوابة الشرقية للوطن العربي امام الزحف الشعوبي الفارسي الذي تخلّى عن كل شعاراته وما ادعاه من مبادئ يوم وضع يده مع “الشيطان الأكبر”والذين يقاتلهم اليوم ليشقوا له الطريق إلى بغداد وتنصيب دمىً تابعة له تحكم العراق ويتوسّع نحو اليمن وسوريا ولبنان وعطشه غير المحدود دفع به إلى التدخل في اقطار عربية وإسلامية اخرى قبل ان تهتز صورته اليوم ويدفع أثمان جموحه التوسعي غير المشروع على طريقة براقش ، التي جنت على نفسها بعد ان ضيّعت الفرص وجعلت ممن تسأل مساندتهم اليوم أعداءً ، وهم يغتبطون لما يحل بالكيان الغاصب وصور الدمار الحالّة به ليشرب سكانه من نفس الكأس المرّة التي فرض النتن ياهو شربها على شعب غزة وفلسطين ولبنان وسوريا.
لن ننزلق إلى ما يذهب اليه الشامتون اليوم بالنظام في طهران ، ولن تسمح لنا مبادئنا وقيمنا العربية ان نقف مع العدو الصهيوني الذي سيبقى صراعنا معه وجودياً ليس لان امتنا تهوى الصراعات وانما هو الرفض المطلق للمشروع الصهيوني التوراتي الذي لا يمكن مواجهته وأمة العرب والمسلمين مجزأة لا مشروع توحيدياً لها بعد ان أسهم نظام الملالي ولم يزل في تكريس تجزئتها على مدى سنوات حكمه السابعة والأربعين مُحدِثاً كراهيةً غير مسبوقة له لدى الأنظمة والشعوب على السواء في الوقت الذي يحتاج فيه إلى كل هؤلاء لانتشاله من كبواته القاتلة التي ستحدد غداً امكانية بقاء هذا النظام ام عدمه ، اما صراعنا مع العدو الصهيوني فهو باقٍ باقٍ مهما تعثّرت الامة في طريقها نحو الوحدة والتحرير ، سواء انتهى نظام الملالي ام أُبقِيَ عليه منزوع المخالب ، ومقطوع الأذرعة التي ألهت الامة في صراعات ٍ داخلية عقوداً اربعة ونيّف من السنين صبّت كلها في مصلحة العدو الصهيوني على حساب العرب والمسلمين .