الجيش الإسرائيلي: “الأكل شهي” من سماء إيران… والدليل “تاكو والأسبوعان”

الجيش الإسرائيلي: “الأكل شهي” من سماء إيران… والدليل “تاكو والأسبوعان”
الجيش الإسرائيلي يطلب مزيداً من الوقت. مع الأكل تأتي الشهية. كلما اتسعت حركة طائرات سلاح الجو فوق إيران، طالت قائمة الأهداف التي ضربت، وهكذا يزداد الطموح. تتركز الهجمات الآن على ضرب قدرة الإيرانيين على إعادة بناء أنفسهم بسرعة في اليوم التالي للحرب. سلاح الجو يضرب منظومات إنتاج الصواريخ ومنظومات إنتاج السلاح. قرار قصف المفاعل النووي في أراك” مثال على ذلك: فقد قصف المفاعل فجر أمس رغم أنه ليس نشطاً. “في المستقبل، سيكون ممكناً تحويله إلى نشط”، كان التبرير.
الإنجازات العسكرية مبهرة: النشوة تشعل ضوء تحذير. مسألة اليوم التالي لإيران لا تتلخص بإعداد عن انخفاض قدرة الإنتاج مستقبلاً؛ فإسرائيل تتصدى لدولة كبيرة ومتطورة ولنظام متزمت يؤمن بالطريق الطويل. ضربة بدء ناجحة لا تضمن النصر في النهاية. أمنية إسرائيل واضحة لكن ليس واضحاً إذا كانت النهاية قابلة للتحقق. أسبوع مر منذ بدء الحرب: زمن طويل مقارنة بالحروب الإسرائيلية في الماضي، زمن قليل مقارنة بالقصة الإسرائيلية في غزة. ربما نتعلم بضعة دروس، لكن حتى هذا التعلم سيكون تجريبياً، مؤقتاً، منوطاً باللاعبين وبالظروف.
ثانياً، العالم ينتظر المنتصر. هذا مثير للحفيظة، لكن العالم مبني على ذلك. المرة الأخيرة التي حظيت فيها إسرائيل بالعطف بسبب ضعفها كانت في أيار 1967، عشية حرب الأيام الستة. العالم الغربي بكى إبادتنا القريبة، لكنه لم يفعل سوى القليل لمنعها. وعندها نشبت الحرب، وكل شيء انقلب رأساً على عقب. في 7 أكتوبر 2023، عندما انكشفت دولة إسرائيل في ضعفها، امتلأت جامعات الغرب بالدعوات لإبادة إسرائيل.
ليس في الرأي العام لدى الغرب رحمة كبيرة على النظام الإيراني. الحكومات تريد سقوطه. عندما قال رئيس وزراء ألمانيا الجديد إن إسرائيل تقوم بالعمل القذر نيابة عن العالم، قال علناً ما يقوله نظراؤه في الخفاء.
أحد التعابير عن التغيير الإيجابي هو رفع الحظر على بيع السلاح لإسرائيل (أحياناً هناك فجوة إيجابية بين التصريحات والأفعال: لدى البريطانيين، مثلاً). في الصالون الجوي في “لا بورجيه” الذي بقيت الأجنحة الإسرائيلية فيه مغلقة بسبب تدخل الرئيس ماكرون، تعقد إسرائيل الصفقات كالمعتاد. قد لا تكون شعبية، لكن أسلحتها شعبية.
المنضم الأبرز هو ترامب. أمريكا انتخبت رئيساً مدمناً قصص النجاح، يتبناها لنفسه ويتباهى بها. قال أمس إنه قد يضم أمريكا إلى الحرب وقد لا، لا أحد يعرف. بـ “أحد” قصد أيضاً نفسه. لكن تصريحاته، الصبيانية والمتذبذبة مثلما هي، تصعب على النظام الإيراني اتخاذ القرارات. وربما كما كتبت “نيويورك تايمز”، نجح نتنياهو في جر ترامب إلى مشاركة مباشرة في حرب لم يرغب فيها. ربما تقع المسؤولية على كاتب مقال ما في “وول ستريت جورنال” الذي كتب أن ترامب هو TACO: وهذه الأحرف الأولى من تشخيص مهين يقول إن “ترامب دوماً يذعر ويهرب”. الأحرف الأولى هذه أنتجت أجنحة، وشعر ترامب بأنه ملزم بألا يكون دجاجة مذعورة، بل رجل الرجال.
ثالثاً، أثبتت إسرائيل قدرات استثنائية في تصفية قيادة إيران العسكرية ودقة قصف سلاح الجو على مسافة نحو 2000 كيلومتر عن إسرائيل. هذا الخليط بين القدرتين كان فتاكاً. مصدر عسكري في إسرائيل يشرح بأن النظام اضطر لتنصيب عمداء قليلي التجربة ألوية وفرقاء، لكن قدرة إيران النووية تضررت بالهوامش فقط. إسرائيل بحاجة إلى تدخل أمريكي أو على الأقل إلى قنابل أمريكية كي تكمل الضربة.
رابعاً، بين قرار ترامب أم بين روح القائد، تحصل إسرائيل في هذه الحرب على كل ما تطلب من المخازن الأمريكية. السياسيون لا يقولون هذا، بل يقوله المهنيون. على حد قولهم، مشكلة صواريخ الاعتراض ضخمت بسبب التسريب، نتيجة خلاف بين البنتاغون ووزارة الخارجية الأمريكية.
التوترات الداخلية في الإدارة الأمريكية ولدت تسريباً آخر يقول إن إيران لم تبن قدرة عسكرية نووية. يبدو أن المصدر هو تولسيجفارد، المسؤول عن الاستخبارات التي علاقتها مع النظام الإيراني معروفة. كعقاب له، لم يدعُه ترامب إلى نقاش عن الحرب في البيت الأبيض. أما إسرائيل فقد سارت في هذا الشأن على الخط مع قائد المنطقة الوسطى الأمريكي الذي قدر مثلها بأن إيران بعيدة أسابيع فقط عن إنتاج 15 قنبلة.
خامساً، ثمة مظاهر فزع في أجزاء من المنظومة العسكرية الإيرانية، لكن الدولة تدار. لا توجد حالياً مؤشرات على تفكك النظام. إنما مؤشرات على خوف الجنود من إطلاق الصواريخ.
سادساً، فرضية إسرائيل أن حزب الله، أو ما تبقى منه، لا يسارع إلى فتح معركة ضد إسرائيل من جديد. دعوة خامنئي لم تستجب حالياً. الهجوم على إيران، يقول مصدر عسكري، ما كان ليتاح لولا صفينا قوة حزب الله.
سابعاً، يقدر الجيش الإسرائيلي في نهاية أسبوع من القتال أن ثلث منصات إطلاق صواريخ أرض أرض قد دمر، وثلث تضرر، وثلث سليم.
إضافة إلى ذلك، فإن سلاح الجو الذي جرى الحدث عنه كثيراً في السنتين الأخيرتين، أجمع على مهاجمة إيران. الأسراب الرباعية من طائرات اف 16 تخرج إلى المهمات وتتلقى مهمات جديدة فور هبوطها.
لقد حذر من فرصة مبكرة قائلاً: “ما نحتاج إلى عمله هو إعادتهم إلى الوراء، بالأدوات، بالذخائر، بالتكنولوجيا، بالمعرفة. لكني أقول لطياريّ، تعالوا بتواضع وأعطوا العدو احتراماً. هم إيرانيون. سيحاولون التعلم والانتعاش.
ناهيك عن أن ترامب وبوتين في هذه الأثناء لا يسارعان لفرض اتفاق، وليس لإسرائيل خطة خروج. الإيرانيون يحسنون استخدام الزمن. قد ننتصر في المعركة ونخسر في الحرب.
كل شيء قابل للتراجع
النصر في حرب الأيام الستة جلب ست سنوات من الغرور والاعتداد، حرب استنزاف عديمة الجدوى وإخفاق عسكري رهيب في يوم الغفران. كما جلب أيضاً مناطق جديدة أثارت لدى بعض الإسرائيليين أحلاماً جديدة، وتطلعات جديدة، وسلم أولويات جديد، ولدى آخرين أسف وندم.
حرب يوم الغفران انتهت بتعادل لاذع، لكنها جلبت سلاماً مع مصر والأردن، وبداية دخول إسرائيلي إلى العالم العربي وتجربة لم تنجح لمسيرة سلام مع الفلسطينيين.
ما هو الشرق الأوسط الجديد الذي يعلن عنه نتنياهو، لا نعرف. نعرف ما هي إسرائيل الجديدة التي تسعى حكومتها إليها. الجهد الحربي يدعو إلى الوحدة الداخلية، والإجماع. هذا هو الخطاب أيضاً. لكن ما يحصل معاكس، عملياً. ثمة مهمات للطيارين في إيران؛ واستماع قبيل إقالة المستشارة القانونية للحكومة. دعم الإعلام الحر للحكومة؛ وتصفية الإعلام الحر في خطوات الحكومة. لم يسبق لمثل هذا الأمر في أي من حروب إسرائيل.
ناحوم برنياع
يديعوت أحرونوت 20/6/2025