إسرائيل: لا تحييد للخطر الإيراني إلا بتغيير النظام

إسرائيل: لا تحييد للخطر الإيراني إلا بتغيير النظام
أيال زيسر
ضربة البدء التي بدأت بها إسرائيل حربها ضد طهران، كالتي أوقعتها على منشآت النووي الإيرانية وعلى منظومات الدفاع الجوي والصواريخ لديها، هي إنجاز دراماتيكي وتعبير عن التفوق التكنولوجي والاستخباري والعملياتي لإسرائيل على أعدائها.
الشرق الأوسط ينظر كيف تعمل إسرائيل على تغيير وجه المنطقة وتصميم نظام جديد تغيب فيه إيران عن الإقليم كقوة ذات مكانة ونفوذ. لكن محظور أن تنسينا الإنجازات جوهر التهديد الذي لا يزال النظام الإيراني يضعه أمامنا في كل نطاقه.
لقد ضربت إسرائيل بشكل مركز وناجع قمة قيادة الجيش والحرس الثوري الإيراني، وعطلت بضع منشآت نووية، وحيدت منظومات الدفاع الجوي الإيراني، الأمر الذي يسمح لسلاح الجو بحرية عمل كاملة في سماء إيران. كما أن ضرب منظومة الصواريخ الإيرانية ذات مغزى، حتى وإن لم تكن كاملة.
ضربت إسرائيل بشكل مركز وناجع قمة قيادة الجيش والحرس الثوري الإيراني، وعطلت بضع منشآت نووية، وحيدت منظومات الدفاع الجوي الإيراني
غير أنه محظور نسيان أن إيران دولة كبيرة مساحتها قرابة مليون وسبعمائة ألف كيلومتر مربع، وعدد سكانها أكثر من 90 مليوناً.
طهران العاصمة فقط التي تهاجمها طائراتنا بلا توقف، تقع على مساحة نحو 20 ألف كيلومتر مربع، ويسكنها أكثر من ثمانية ملايين نسمة كعدد سكان إسرائيل تقريباً. الجيش الإيراني وإلى جانبه قوات الحرس الثوري وقوات الميليشيات التي تحت تصرف النظام، تعد نحو 700 ألف مقاتل.
ينبغي الاعتراف بأن الهجمات الإسرائيلية، مهما كانت فتاكة، لم تكن إلا قطرة في بحر، إذ إننا لم نهاجم بعد معظم المنظومات العسكرية، خصوصاً قوات البر والأمن في إيران، ويمكن الإشارة إلى أننا لم نهاجم البنية التحتية الاقتصادية لهذه الدولة.
كل هذا يمنح طول نفس لنظام آية الله، وقدرة على مواصلة خوض حرب استنزاف تجاهنا يتعرض فيه لضربات قاسية، لكنه ينجح في ضربنا.
تشيد وسائل الإعلام في إسرائيل بإنجازات الجيش الإسرائيلي في الحرب ضد إيران، لكنها لا تدقق بل وتضلل حين تخلق انطباعاً بأن هذه ستؤدي إلى حسم سريع في غضون ساعات أو أيام، وبالتأكيد حين تصدح بالرسالة التي تقول بأن أيام النظام الإيراني معدودة، وأن الضربات الإسرائيلية ستؤدي إلى انهياره عقب ثورة ستنشب في أي لحظة. بعد كل شيء، وعقب التقارير عن الإنجازات الإسرائيلية، يأتي إطلاق الصواريخ من إيران، وإن كنا ننجح في اعتراض معظمها، فإن تلك الصواريخ القليلة التي تضرب أهدافها تتبين كهدامة، بل وفتاكة، وتخلق انعدام فهم بل وحرجاً لدى الجمهور.
ينبغي أن نقول الحقيقة: رغم إنجازاتنا، ستكون هذه الحرب طويلة وأليمة أيضاً وتطالبنا، كأفراد وكمجتمع، بأثمان غير بسيطة. هذا بفرض أن الولايات المتحدة ستسمح لنا بالقيام بالمهمة السوداء في العمل ولا تنضم إلى المعركة.
رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل، الذي قاد شعبه في حرب طويلة إلى النصر، لا يذكر بفضل خطابات النصر الحماسية، بل بفضل خطاباته في الساعات الصعبة التي شهدها البريطانيون، خطابات واقعية لم تجمل الصورة بل وصفتها كما هي، وزرعت في الجمهور قوة وتصميماً لمواصلة القتال.
ما زالت إسرائيل تضرب إيران باستثناء منظومات النووي والدفاع الجوي، وإذا كنا بالفعل في حرب شاملة مع آية الله، فإن إيقاع الضربات على خاصرة إيران الرخوة ربما يسرع المهمة.
لكن إلى جانب ذلك، وبفرض أن ينجو النظام الإيراني، ينبغي بلورة سيناريو نهاية مفضل مع الأمريكيين يسمح بتحييد الخطر.
إن التوافق على سيناريو تقبله إسرائيل والولايات المتحدة وحتى دول عربية، سيسهل تحقيق أهداف الحرب.
إسرائيل اليوم 22/6/2025