مقالات

على إيقاع التكليف الشرعي وقرع الأجراس ، قراءة عامة لانتخابات بلدية طال انتظارها   بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان –

بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان -

على إيقاع التكليف الشرعي وقرع الأجراس ، قراءة عامة لانتخابات بلدية طال انتظارها  

بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان –

ثمة اكثر من مهمة على الحكومة العتيدة معالجتها مع إسدال الستار عن الانتخابات البلدية والاختيارية وذلك في الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة قبل تسليم الامانة لحكومةٍ اخرى يرشحها المجلس النيابي المرتقب انتخابه في مثل هذا الشهر من العام المقبل : ١-اعادة النظر في قانوني الانتخاب النيابي ( النسبي) والبلدي ( الأكثري) وكلا القانونين يحملان من الشوائب والثغرات ما ينبغي معالجتهما والبلد يجد نفسه على سكة الإصلاح الديموقراطي المنشود من جديد ، ٢-الخروج النهائي من عمليات الفرز اليدوي التي لم تعد تصلح البتة لبلد ينهض من سباته ويبحث عن دورٍ ريادي له وهو يواكب الثورة التكنولوجية والذكاء الاصطناعي ولديه من اللبنانيين اصحاب الأدمغة ما يدفعه إلى أن يكون رائداً ومتقدماً في ذلك بين كل دول العالم ، إلى ذلك لا بد من تسجيل اكثر من ملاحظة اسفرت عنها الانتخابات البلدية والاختيارية للعام ٢٠٢٥ : ١-اولى ايجاباً ، للإصرار الحكومي على اجراء هذا الاستحقاق في موعده بعد تأجيل استغرق ثلاث سنوات وتجارب انتخابية سابقة كانت الاسوأ على البلديات خاصةً في العاصممة والمدن الكبرى وما شابها من سلبيات ربما كانت الدافع للآلاف من المرشحين والمرشحات لخوض التجربة الانتخابية الجديدة من منطلق التغيير لدى البعض إذا استثنينا الوجاهة لدى البعض الآخَر ، ٢- وأخرى ، ما صدر عن المجلس النيابي عقب الانتهاء من انتخابات الشمال وعكار من تجريم لمطلقي النار في الهواء وتغليظ العقوبات الصارمة بهم ، يقابل ذلك اكثر من سلبية فاضحة تمثلت بالفوضى التي شهدتها بعض الأقضية لناحية ترك الموظفين المولجين بالعملية الانتخابية القادمين من اماكن بعيدة والمضطرين استلام أوراقهم وصناديقهم قبل يوم من ذلك دون توفير بدلات المأوى والنقل والطعام ،(فهل سألت الحكومة عن كيفية تأمين الموظف أيام سير العملية الانتخابية؟ هل سألت عن أمنه؟ هل اهتمت لمأكله ومشربه ومنامته؟ هل اهتمت لسمعته من الاتهامات الباطلة) كما جاء في بيان رقم ٦/٢٠٢٥ الصادر عن تجمع موظفي الإدارة )، دون ان نتغافل عن تلك الصورة السوريالية جداً التي رافقت تصارع الأضداد لدرجة قرع الأجراس والتكليف الشرعي في مكان ، وتناسي التكليف والجرس في مكانٍ آخَر عندما شعر الضدَّان ان مصلحتهما المشتركة فوق كل اعتبار ولو على حساب استبعاد وجوه تغييرية كفؤة شابة مستقلة ليس من خطورة منها على البلد فيما لو لم يتم تطويقها وتشويهها لمنعها من خدمة بلدها ومناطقها وتعزيز مفهوم المواطنة الذي لا يمكن تحقيق اي استنهاض وانماء بدونه وإخراج ما يمكن إخراجه من حظائر الطائفة والمذهب التي ما ان تستشعر الخوف عليها تعود إلى التكليف والجرس وتلك آفةُّ اشدُّ خطراً من الرصاص العشوائي ولا بد للمجلس النيابي غداً من اعادة النظر بالقوانين الانتخابية وجعل ذلك تدخلَّاً سافراً في اي عملية انتخابية والغاء كل نتيجة ناجمة عن تأثيراتها . وبالعودة إلى العملية الانتخابية بعد إنحسار الغبار عن جولتها الرابعة ، فإن الفترة الزمنية القصيرة جداً بين الترشيح وتركيب اللائحة ثم يوم الاقتراع ، قد أرخت بثقلها على اقتصار المعارك والتعريف من الناس لبضعة ايام جاءت خلالها أغلبية اللوائح بشكلٍ (مسلوق) اختلط فيها المغمور وحديث العلاقات مع الناس بالمخضرمين واصحاب التجربة والسمعة الحسنة ، الأمر الذي دفع بالناخب إلى التشطيب ثم الاختيار من كل اللوائح والمنفردين ايضاً ، ما جعل(فسيفساء) بعض المجالس المنتخبة فاقعةً بألوان التمثيل المتعددة والمتناقضة توجهاً في آن وهذا ما سيجدد الخوف من تكرار تجارب المجالس السابقة التي شلّت التجاذبات من عملها بدل ان تقوم بما عليها من مهام إنمائية وخدماتية . ومع الأخذ بعين الاعتبار ما وُجِّهَت من انتقادات لناحية دستورية العملية الانتخابية البلدية ذات القانون الأكثري من عدم دستوريتها بوجود القانون النسبي وما شابها من ثغرات تتعلق بالسقف المالي للمرشح إلى غير ذلك مما يجب حسمه وفق القوانين المعمول بها ، ثمة امرين أساسيين بالتالي ينبغي ان يشتغل الجميع على تحقيقهما غداً كمنطلق لا بد منه في معركة الإنماء والتنمية المطلوبين : ١- العمل على تكريس اهمية البلديات ضمن كل توجه لا مركزي إداري واعتبار البلدية حكومةً محلية مصغرة تعنى بمختلف شؤون المقيمين على جغرافيتها وقد لحظت الدراسات الانمائية ان اللامركزية لا تخفف من الأعباء على المركز ادارياً وماليا فحسب وانما تزيد مداخيلها ايضاً بنسب لا تقل عن العشرين بالمئة مما يردها من صندوق البلديات مما يساعدها على تطوير قدراتها والصرف على مشاريعها الانمائية والاستثمار في خدمة الناس ، ٢-من اهم واجبات المشترع اللبناني الحريص على دور البلديات ، ان يشحذ الهمم منذ اليوم لجعل القانون البلدي اكثر مرونةً للخدمة العامة ورفع كل وصاية سياسية عليه ، لا سيّما الدور الذي يلعبه المحافظ في اكثر من قضاء واستغلاله للصلاحيات المعطاة له لتأخير وشل كل بلدية تختلف معه حتى في وجهات النظر وهذا ما عانت وتعاني منه المدن الكبرى ولم تزل ولا سيّما في العاصمتين الاولى والثانية للبنان ، وبالتالي فان المجلس النيابي القادم ينبغي ان يكون على صورة التغيير الموعود وآمال الناس وتطلعاتهم في تحديث القوانين الادارية واولها قانون البلديات . ان المشرعين من النواب مطالبين ان يلتفتوا كذلك إلى اعادة النظر في صلاحيات رؤساء البلديات ودور الاعضاء في تحمل المسؤوليات بدل تفرُّد الرئيس بالقرار بدل العمل الجماعي وإشراك سائر اعضاء المجلس البلدي في المسؤولية والتنفيذ وترك البلديات تدير أمورها بنفسها انسجاماً مع القانون الذي يضفي الشرعية التمثيلية لعضو المجلس البلدي وصولاً إلى مختار المحلة وكلاهما استمدَّا شعبيتهما وحصانتهما من خلال التصويت الشعبي في صناديق الاقتراع ولم ينزلا بالبارشوت تعييناً من قِبَل المنظومة الفاسدة او موظفين كما هو عليه المحافظ والقائِمَّقام . إلى كل ذلك ، ليس من “انتصر” قد ربح ثقة الاكثرية الصامتة التي تجنبت الاقتراع تحت إيقاع الجرس والتكليف ، وليس من لم يحالفه الحظ قد خسر وكل اطراف المنظومة حاربته وسعت إلى الغائه بتجاوز كل تناقضاتها وخلافاتها بقرع الجرس والتكليف الشرعي ومع ذلك سجلت اللوائح الخارجة عن سيطرة هؤلاء نِسَبَاً عالية لا يمكن تجاهلها غداً وذلك لعمري هو الانتصار الحقيقي اخلاقياً وأدبياً والذي لا يضاهيه انتصار .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب