الدمار غير المسبوق يدفع إسرائيل إلى الاستنجاد بأمريكا: سيناريو إنهاء الحرب دون غالب ولا مغلوب..

الدمار غير المسبوق يدفع إسرائيل إلى الاستنجاد بأمريكا: سيناريو إنهاء الحرب دون غالب ولا مغلوب..
بقلم : علي او عمو.
كاتب من المغرب.
تعيش منطقة الشرق الأوسط على وقع تصعيد غير مسبوق بين إسرائيل وإيران، حربٌ ألحقت
أضرارًا جسيمة بكلا الطرفين، لكنّ الكفّة تميل نحو إسرائيل من حيث الخسائر، إذ لم تشهد
إسرائيل في تاريخها المعاصر مثل هذا الدمار الذي طال بنيتها التحتية، ومراكزها العسكرية،
وحتى عمقها المدني.
لقد غيّرت هذه الحرب قواعد الاشتباك التقليدية التي اعتادت عليها إسرائيل، ووضعتها في موقع دفاعي هش، ما دفعها إلى دقّ أبواب
واشنطن بحثًا عن مخرج. الولايات المتحدة، الحليف الاستراتيجي لتل أبيب، سارعت إلى التدخّل ولكن بأسلوب
محسوب، فاختارت شنّ هجمات "رمزية" على بعض المنشآت النووية الإيرانية كرسالة مزدوجة: أولاً لإرضاء إسرائيل
وإيهامها بأنها حققت أهدافها من الحرب، وثانيًا لإعطاء طهران مخرجاً مشرّفاً للقبول بوقف إطلاق النار دون تصعيد
إضافي.
هذا السلوك الأمريكي ليس وليد لحظة، بل يُجسّد عقيدة ثابتة في السياسة الخارجية لواشنطن، وهي الحفاظ على توازن
هش في الشرق الأوسط يمنع اندلاع حرب إقليمية شاملة لا تُحمد عقباها. فبينما تستعرض إيران قدرتها العسكرية،
وتحاول ترسيخ مكانتها الإقليمية، تجد إسرائيل نفسها في وضع لا تُحسد عليه، إذ إن استمرار الحرب قد يجرّها إلى
مزيد من الاستنزاف الميداني والسياسي، وحتى انهيار صورتها كقوة رادعة.
لذلك، فإن ما يجري خلف الكواليس هو إعادة رسم سيناريو مألوف في السياسة الدولية: إنهاء الحرب دون غالب ولا
مغلوب، في إطار "حفظ ماء الوجه"، لا سيّما لإسرائيل التي لن تقبل بالخروج مهزومة أمام خصمها الإقليمي اللدود.
النتيجة المتوقعة، حسب هذا السيناريو، هي تهدئة مؤقتة تعيد ترتيب أوراق القوى في المنطقة، دون حلّ جذري
للصراع، بل فقط تأجيله إلى حين. وهكذا، تبقى منطقة الشرق الأوسط حبلى بالانفجارات المحتملة، رهينة التوازنات
الدقيقة بين الكبار، وضحية حسابات القوى الإقليمية والدولية.