تحقيقات وتقارير

أسئلة إسرائيلية معلّقة: هذه ليست «النهاية الكاملة»

أسئلة إسرائيلية معلّقة: هذه ليست «النهاية الكاملة»

رغم وقف النار، الشكوك تتصاعد في إسرائيل حول فاعلية الضربات لإضعاف إيران، وسط تحذيرات من أن البرنامج النووي لم يُدمَّر بالكامل.

في أعقاب الحرب الإسرائيلية على إيران، والتي أنهت أيامها الـ12 «تفاهماتٌ غير مكتوبة» تفيد بعدم إطلاق النار المتبادل، تبقى العديد من التساؤلات الأساسية من دون إجابات واضحة تهدّئ «القلق» الإسرائيلي حيال ما تعتبره تل أبيب احتمال «العودة الإيرانية المتجدّدة» إلى الساحة الإقليمية بقوة أكبر. وقال مسؤول إسرائيلي بارز لوسائل إعلام عبرية، أمس، إنّ «الاتفاق أطفأ فتيل الأزمة بين الطرفين، ويعزّز المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة»، لكن في الوقت نفسه فإنّ «قدرة إسرائيل على مواجهة إيران المتصاعدة تبقى محل شكّ كبير».

وأقرّ المسؤول، الذي لم يُكشف عن اسمه، بأنه «لم يتّضح بعد موعد انطلاق تلك المفاوضات ولا طبيعتها»، كما لم يتأكّد استعداد طهران لتقديم «تنازلات سبق أن رفضتها مراراً في السابق». وفي موقف يعكس التوجّس الإسرائيلي المستمرّ، نقلت قناة «كان» العبرية عن مسؤول رفيع آخر قوله: «لن تسمح إسرائيل لإيران بامتلاك أسلحة نووية أو تطوير إنتاج صواريخ باليستية تهدّدها. وإذا رصدت أي تحرّك إيراني في هذا الاتجاه، فستتحرّك بقوة لمنعه».

ورغم ما اعتبره رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، «نصراً تاريخياً سيبقى لأجيال»، مدّعياً أنّ إسرائيل «أزالت تهديدين مباشرين: التهديد النووي وتهديد العشرين ألف صاروخ باليستي»، فإنه سرعان ما عاد ووجّه رسالة تحذيرية واضحة تعكس القلق المتزايد في تل أبيب، قائلاً: «إذا حاولت إيران إعادة بناء برنامجها النووي فسندمّره». وفي الإطار نفسه، أعلن رئيس أركان جيش العدو، أيال زمير، في تقييم للوضع أمس، أنّ «الحملة على إيران لم تنتهِ بعد»، رغم أنّ «التركيز الآن سيعود إلى قطاع غزة من أجل استعادة الرهائن وإسقاط حكم حماس».

ومن واشنطن، كتب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عبر منصته «تروث سوشيال» منشوراً بأحرف كبيرة جاء فيه: «إيران لن تعيد بناء منشآتها النووية أبداً!». وتطابقت هذه الرسالة مع تصريح نقلته «القناة 14» العبرية عن مصدر سياسي إسرائيلي قال فيه إنّ «ترامب جعل منع إيران من الحصول على السلاح النووي مهمة شخصية له، وفكرة أنه سيسمح لها بإعادة بناء برنامجها منفصلة عن الواقع». ويتقاطع ذلك مع معلومات تحدّثت عن أنّ ترامب أبلغ نتنياهو تولّي واشنطن الملف النووي الإيراني، ومنع إسرائيل من التحرّك منفردةً بشأنه.

تقديرات استخباراية تفيد أنّ الهجوم على المنشآت أخّر البرنامج النووي شهوراً فقط

ورغم ما تروّجه تل أبيب، وإدارة ترامب كذلك، من تدمير البرنامج النووي الإيراني، أفادت شبكة «سي إن إن» الأميركية، أمس، نقلاً عن «تقديرات استخباراتية أولية»، بأنّ الضربات التي نفّذتها الولايات المتحدة وإسرائيل على المنشآت النووية الإيرانية «لم تنجح في تدمير هذه المواقع بشكل كامل». ووفق المعلومات التي استندت إليها الشبكة، فإنّ «المكوّنات الأساسية للبرنامج النووي الإيراني لا تزال سليمة، ما يعني أنّ التأثير الفعلي للهجمات كان محدوداً، ومن المرجّح أنّ البرنامج تأخّر لبضعة أشهر فقط»، من دون أن يُصاب بعطب جوهري يُفقده فاعليته.

وفي التفاصيل، أشار تقرير «سي إن إن» إلى أنّ الولايات المتحدة استخدمت في الهجوم على منشأة أصفهان النووية صواريخ «توماهوك»، أُطلقت من غواصات متمركزة في المنطقة، بدلاً من استخدام القنابل الخارقة للتحصينات التي صُمِّمت خصيصاً لضرب المنشآت شديدة التحصين. وعلّلت واشنطن هذا الخيار بوجود تقديرات استخباراتية تُشير إلى أنّ «المنشأة الإيرانية المُستهدفة محصّنة بشكل يفوق قدرة هذه القنابل على اختراقها، إذ تقع في مستويات سفلية عميقة تحت الأرض، أعمق حتى من تلك التي تحمي منشأة فوردو الشهيرة».

ورغم إسقاط قاذفات «بي-2» الأميركية لأكثر من اثنتَي عشرة قنبلة على منشأتين رئيسيتين، هما «فوردو» لتخصيب الوقود و«نطنز» لتخصيب اليورانيوم، فإنّ هذه الضربات «لم تُحقّق الهدف المنشود كاملاً». إذ بيّنت التقارير أنّ أجهزة الطرد المركزي وكمّيات «اليورانيوم» عالي التخصيب في الموقعين لم تُدمَّر بالكامل، بحسب الشبكة الأميركية، وهو ما «يُبقي على قدرة إيران الفنية على إعادة تشغيل البرنامج في المستقبل القريب». وفي تقدير أكثر إثارة للقلق، يعتقد المسؤولون في الاستخبارات الأميركية أنّ «إيران لا تزال تحتفظ بشبكة من المنشآت النووية السرية التي لم تُكشف مواقعها»، وبالتالي لم تُستهدف في الضربات الأخيرة، وما تزال تعمل بشكل طبيعي، ممّا يمنح طهران هامشاً كبيراً من المناورة إذا ما قرّرت استئناف التخصيب بوتيرة أعلى.

وعليه، وجّه الصحافي الإسرائيلي رونين برغمان، في مقال نشرته جريدة «يديعوت أحرونوت»، تساؤلات حادّة بشأن مصداقيّة تصريحات نتنياهو، متسائلاً: «ماذا حدث للموادّ المُخصبة؟ هل دُمّرت منشأة فوردو فعلاً؟ ألا تمتلك إيران قدرة تخصيب متبقّية؟ أم أنها قادرة على إعادة بناء واحدة بسرعة؟». كما طرح تساؤلات بشأن عدد الصواريخ ومنصات الإطلاق المتبقّية، ومدى الضرر الفعلي الذي لحق بالبنية التحتية الصاروخية الإيرانية.

الاخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب