الرئيس ترامب في ضرب المفاعلات النووية الإيرانية: مرة أخرى يمد طوق النجاة إلى نتنياهو بقلم:مروان سلطان – فلسطين
بقلم:مروان سلطان – فلسطين

الرئيس ترامب في ضرب المفاعلات النووية الإيرانية: مرة أخرى يمد طوق النجاة إلى نتنياهو
25.6.2025
——————————————
نتنياهو، الذي بات غارقًا في وحل القضايا الداخلية والخارجية والإقليمية، والهارب إلى الأمام مع كل أزمة تواجه حكومته اليمينية المتطرفة، يتنقل بين الزقاق والملاجئ، وقد ضاق عليه الخناق من كل الجهات. ومع ضغط المحاكم واستدعائه المتكرر، أخذ في الهذيان بأجوبته، مجيبًا في إحدى الجلسات بـ”لا أتذكر” أكثر من 1700 مرة، حتى أصابه الإعياء مرات ومرات، فنصحه طبيبه بالاستراحة وتناول الدواء.
وفجأة، وقبيل جلسة الكنيست الأخيرة قبل عشرة أيام للتصويت على حله، يتدلى له طوق النجاة من الرئيس ترامب، بعد مكالمة هاتفية استمرت قرابة أربعين دقيقة، سُمح له خلالها بتوجيه ضربة عسكرية لإيران.
لطالما كان هذا المشروع هو الحلم الأكبر لنتنياهو منذ اعتلائه سدة الحكم: ضرب المشروع النووي الإيراني وإسقاط نظام الفقيه في طهران. فهو يرى في امتلاك إيران للسلاح النووي تهديدًا وجوديًا لإسرائيل. ناهيك عن الشعارات التي طالما رفعتها إيران: “الموت لإسرائيل” و”أمريكا الشيطان الأكبر”. وارتفعت حدة العداء بين الطرفين منذ الانقلاب على الشاه، هذا إذا تجاوزنا ما جرى في فضيحة “إيران غيت”، حين زودت إسرائيل طهران بالأسلحة أثناء الحرب العراقية الإيرانية.
ومع تصاعد التوتر، استغلت إيران البيئة السياسية المتفجرة في المنطقة، خاصةً بعد الغزو الأمريكي والإسرائيلي للعراق ولبنان، فدعمت حركات المقاومة ذات الجذور الشيعية في لبنان والعراق واليمن، وكذلك حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، لتشتعل المناوشات منذ بروز العلاقة الإيرانية–الفلسطينية وحتى هجوم السابع من أكتوبر 2023.
مشروع ضرب إيران وتدمير بنيتها النووية ليس جديدًا؛ فقد حاول نتنياهو مرارًا إقناع الرؤساء الأمريكيين بالتورط في ضرب المنشآت الإيرانية، أو الدخول في حرب مباشرة. بل إن الرئيس أوباما قدم مقترحًا لنتنياهو لتزويد إسرائيل بالسلاح والطيران اللازم، لكنه الاخير رفض ذلك ، نظرًا لتعقيدات المشهد الإقليمي.
أما ترامب، فبدا أنه يدرك مأزق نتنياهو السياسي، ويرى أن المخرج الوحيد له هو خلق أزمة خارجية توحّد الداخل الإسرائيلي وتؤجل الانتخابات. فقرر دعم توجيه ضربة للمفاعلات الإيرانية في “فوردو”، وأوعز بذلك لنتنياهو، بالبدء بالهجوم على ايران معتقدا ان الامر لا يعدو اكثر من نزهة وفق ما فهم من تصريحاته العديدة بعد الهجوم، لكنه سارع بالتوسط لوقف النار بعد الرد الايراني المدمر.
تربط ترامب ونتنياهو علاقة وثيقة تجلت منذ الولاية الأولى لترامب، حين قدّم لإسرائيل ما لم تقدمه أي إدارة أمريكية سابقة:
• نقل السفارة إلى القدس
• الاعتراف بالجولان السوري المحتل
• طرح “صفقة القرن” التي تبنت الرواية الإسرائيلية بالكامل
كل هذه المواقف جعلت نتنياهو يصف ترامب بأنه “أفضل صديق لإسرائيل في البيت الأبيض”.
اما تاثير الهجوم الاسرائيلي في الوسط الاسرائيلي على ايران فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته القناة 13 الإسرائيلية أن حزب الليكود يتصدر المشهد السياسي، في ظل استمرار الهجمات على إيران، حيث أيّد 83% من الإسرائيليين قرار نتنياهو بمهاجمة إيران. وأشار الاستطلاع إلى أن حزب الليكود سيحصل على 27 مقعدًا في حال جرت الانتخابات اليوم، بينما يتراجع حزب نفتالي بينيت المنافس إلى 24 مقعدًا.
ماذا تعني الضربة الإسرائيلية على ايران؟
تعني – بكل وضوح – أن نتنياهو يتوج ملكا لإسرائيل، والزعيم الأوحد الذي قضى على “التهديد الوجودي”. وهذا يمنحه شعبية واسعة ويصنع منه “بطلا قوميا”، تتوارى خلفه قضايا الفساد والملاحقات القانونية، في لحظة اصطفاف جماهيري مواتية.
لطالما وصف نتنياهو بأنه “الناجي الأكبر” في السياسة الإسرائيلية، إذ تجاوز أزمات متعددة وسحق خصوما سياسيين تباعا. واليوم، إن تحقق له هذا النصر، فلن يكون إلا بفضل الرئيس ترامب، الذي مده بطوق نجاة في اللحظة الأخيرة.
لكن السياسة لا تخلو من المفاجآت، ونتنياهو أضحى كثير التعثر، يفتح جبهات متعددة في وقت واحد، ويجر المنطقة إلى حروب متتالية. وبفعل الحماية الأمريكية وغياب المساءلة، يستمر في عدوانيته تحت غطاء عناوين كبرى مثل: “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، و”حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، و”بناء شرق أوسط جديد”.
إلا أن ما لا يراد سماعه قد يقع، وحينها، لا ينفع الندم.