رئيسيالافتتاحيه

كفر مالك.. جريمة حرب مكتملة الأركان ومطلب فوري لحماية دولية للفلسطينيين

كفر مالك.. جريمة حرب مكتملة الأركان ومطلب فوري لحماية دولية للفلسطينيين

بقلم رئيس التحرير

تشهد الضفة الغربية تصعيدًا غير مسبوق في اعتداءات المستوطنين، وسط غياب تام لأي رادع دولي. جريمة الاعتداء على بلدة كفر مالك شرق رام الله، والتي أسفرت عن استشهاد عدد من الفلسطينيين وإحراق المنازل والممتلكات، ليست حادثًا معزولًا، بل جزء من سياسة ممنهجة تمارسها إسرائيل بشكل يومي، تحت حماية جيشها، وبغطاء سياسي واضح من حكومة اليمين المتطرف.

جريمة حرب بنصوص القانون الدولي

وفقًا للقانون الدولي الإنساني، وتحديدًا اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، فإن ما يجري في كفر مالك يرقى إلى جريمة حرب مكتملة الأركان. تنص المادة (49) على حظر نقل سكان القوة المحتلة إلى الأراضي المحتلة، أو تهجير السكان الأصليين قسرًا. كما تعتبر المادة (147) أن تدمير الممتلكات على نطاق واسع، دون ضرورة عسكرية، هو جريمة حرب تستوجب المحاسبة.

ما يقوم به المستوطنون، بحماية جيش الاحتلال، يدخل مباشرة في هذا الإطار القانوني، ويتطلب تحركًا دوليًا فوريًا لمحاسبة الجناة ومن يدعمهم.

بيانات الشجب لم تعد كافية

في كل مرة يتكرر المشهد ذاته: اعتداء دموي، صور لمنازل محترقة، وأهالي يدفنون شهداءهم، بينما تتوالى بيانات الشجب والاستنكار من هنا وهناك. لكن الواقع يثبت أن بيانات الإدانة لم تعد قادرة على وقف آلة القتل والتهجير التي يمارسها الاحتلال.

لقد تجاوزت إسرائيل كل الأعراف، وكسرت كل القواعد، في ظل صمت دولي يرقى إلى التواطؤ، وعجز عربي وفلسطيني لم يعد مقبولًا أمام هذا المشهد الدموي المستمر.

مطلب الحماية الدولية.. حق قانوني وإنساني

القانون الدولي لا يمنح فقط الحق، بل يُلزم المجتمع الدولي، والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف، بالتحرك لحماية المدنيين في حالات الاحتلال والصراع. استنادًا إلى مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، فإن حماية الشعب الفلسطيني لم تعد خيارًا دبلوماسيًا، بل التزامًا قانونيًا وأخلاقيًا.

هذا يتطلب خطوات واضحة وعملية، تبدأ بـ:

تحريك ملف الجرائم الإسرائيلية أمام المحكمة الجنائية الدولية.

مطالبة مجلس الأمن بتطبيق آليات الحماية الدولية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

دعوة الدول المتعاقدة على اتفاقيات جنيف إلى عقد اجتماع طارئ لاتخاذ إجراءات ملزمة بحق إسرائيل.

تصعيد الضغوط السياسية والاقتصادية على الاحتلال، بما في ذلك فرض عقوبات دولية.

لحظة اختبار تاريخي

جريمة كفر مالك ليست مجرد عنوان عابر في سجل المعاناة الفلسطينية، بل مفترق طرق حقيقي. إما أن يتحرك العالم لفرض حماية دولية للشعب الفلسطيني، أو أن يواصل الاحتلال تنفيذ مشروعه الاستيطاني الإحلالي على مرأى ومسمع من الجميع، دون أي رادع.

إن استمرار الصمت، أو الاكتفاء ببيانات الإدانة، سيُفسر بأنه ضوء أخضر لاستمرار الجرائم. والمطلوب الآن تحرك على كل المستويات: فلسطينيًا، بإنهاء حالة الرهان على المسار السياسي الذي لم يجنِ سوى المزيد من التوسع الاستيطاني؛ وعربيًا، بكسر حاجز البيانات إلى أفعال وضغوط؛ ودوليًا، بوقف سياسة الكيل بمكيالين، وتطبيق القانون الدولي بعيدًا عن الانتقائية.

ووفق كل ذلك كفر مالك اليوم هي شاهد على أن الاحتلال لا يفهم إلا لغة فرض الأمر الواقع بقوة السلاح والقتل والتهجير. لكنها أيضًا شاهد على أن الصمت ليس حيادًا، بل شراكة في الجريمة. ولأن الحماية الدولية ليست منّة، بل حق مكفول بالقانون الدولي، فإن المعركة المقبلة يجب أن تكون معركة قانونية ودبلوماسية وسياسية على كل الساحات، بالتوازي مع صمود الشعب الفلسطيني على الأرض، دفاعًا عن حقه في الحياة، وفي وطنه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب