أجهزة عربية في خدمة «أبو شباب»: غزة تترقّب آلية تجويع جديدة

أجهزة عربية في خدمة «أبو شباب»: غزة تترقّب آلية تجويع جديدة
الاحتلال يبتكر آلية تجويع جديدة لغزة بغطاء «إنساني»، فيما تنكشف خيوط تعاون أمني عربي مع عصابة «أبو شباب» المتورّطة في الفوضى خلال توزيع المساعدات والسطو عليها.
غزة | يُمعن كيان الاحتلال في سياسة التجويع المتواصلة ضدّ سكان قطاع غزة، عبر إغلاقٍ محكم يفرضه منذ الثاني من آذار الماضي على المعابر، ويمنع بموجبه إدخال المساعدات والبضائع. ووسط رفض إسرائيلي تام لعودة المؤسسات الدولية العاملة في المجال الإنساني إلى القطاع، وعملية التجويع الممنهجة، بدأت سلطات الاحتلال، في أواخر أيار الماضي، تنفيذ مشروع «مؤسّسة غزة الإنسانية»، المرعيّ أميركياً، والذي روّجت له باعتباره «ممرّاً إنسانياً بديلاً»، علماً أنّ هذا المشروع حصر الإغاثة بنقاط في وسط غزة وجنوبها، ضمن عملية هندسية ضمن عبرها العدو استمرار التجويع، بل وتحويل مراكز التوزيع إلى ما بات يُعرف بـ«مصائد الموت».
وأخيراً، وبعد سلسلة جولات من النقاش بين منظمات أمميّة، أبرزها «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية» (OCHA) و«برنامج الأغذية العالمي» (WFP)، وأطراف محلّية متعدّدة، وافق الاحتلال على إدخال المساعدات، وفق آلية جديدة، هندسها بشكل يحافظ على واقع التجويع، بعد أسابيع من مجازر شبه يومية في نقاط توزيع المساعدات.
فبحسب معلومات «الأخبار»، تقوم الآلية الجديدة على ثلاثة محدّدات رئيسة: أوّلها، رفض توزيع المساعدات عبر «الأونروا»؛ والثانية، أن يتمّ توزيعها عبر العشائر شريطة عدم دخولها إلى أي مخازن؛ والثالثة، رفض تأمين المساعدات من قِبل الأجهزة المختصّة في غزة، مع الإبقاء على تأمين مدني تتوّلاه بعض العوائل داخل القطاع. وعلى إثر ذلك، سمح الاحتلال بدخول 140 شاحنة محمّلة بالدقيق إلى غزة، وإيصالها إلى مخازن «الغذاء العالمي»، الذي سيباشر بتوزيعها على المواطنين الأسبوع القادم.
أمّا في ما يتّصل بتنسيق إدخال البضائع التجارية إلى غزة، فقالت سلطات الاحتلال إنها لا تمانع إعادة العمل بالآلية التي جرى اعتمادها أثناء الهدنة السابقة قبل الثاني من آذار، وذلك بالتعاون مع الجمعيات. إلّا أنه مع الرفض الإسرائيلي لقبول تأمين للشاحنات رغم إمكانية تعرّضها للسّطو من قِبل مجموعات عشائرية على غرار ما جرى في السابق، لا تزال الآلية مجمّدة في انتظار تحقيق تقدّم في مسار التفاوض.
وفي هذا السياق، تقول مصادر، في حديثها إلى «الأخبار»، إنّ نجاح تأمين شاحنات المساعدات في القطاع، قد يمهّد الطريق نحو إدخال البضائع التجارية إلى شماله وجنوبه على نحو متزامن. وتلفت المصادر إلى أنّ سلطات الاحتلال لا تزال ترفض إدخال الوقود إلى غزة، إلّا عبر آلية الشركة الأميركية، والتي سبق أن أعلنت العشائر والقوى الفلسطينية رفضها التعامل معها.
«المخابرات المصرية أبلغت أبو شباب بإمكانية فتح معبر رفح له»
في غضون ذلك، كشفت مصادر أمنية، لـ«الأخبار»، أنّ الجهات المختصّة في غزة فرضت إجراءات أمنيّة صارمة تجاه بعض ممثّلي العشائر والعوائل التي تورّط أبناؤها في تشكيل عصابات للسرقة والسّطو. وبحسب المصادر، فقد فُرضت الإقامة الجبرية على مختار عائلة كبيرة في غزة، تورّط عدد من أبنائها في عمليات السّطو. كما اتُخذت إجراءات ميدانية بحق مساعدي مختار لعائلة من شرق وسط القطاع، وهو ما ترافق مع إطلاق تهديدات واضحة من الجهات المختصّة بتفعيل «تدابير صارمة» ضدّ المخاتير الذين يتورّط أبناء عوائلهم في عمليات السرقة.
وترافقت تلك الخطوات مع إجراءات أمنيّة اتخذتها الجهات المختصّة ضد العاملين في شركة «الخزندار»، وهي الشركة الوحيدة في غزة التي انخرطت في التعاون مع الشركة الأميركية، وتعمل لصالحها في تجهيز المساعدات داخل مقرّات أمنيّة تابعة لجيش الاحتلال جنوب القطاع ووسطه. وشملت هذه الإجراءات اعتقال أحد المقرّبين من ياسر أبو شباب، ويدعى «ع. ن» وهو عنصر تكفيري سبق أن انخرط في الجماعات المتطرّفة في سيناء، وتورّط في قتل شرطي، وإطلاق النار على عقدة قتالية للمقاومة، فضلاً عن تورّطه في سرقة مقدّرات تعود إليها أثناء فترة العدوان، إلى جانب تُهم أخرى متعلّقة بالسّطو والسرقة أيضاً.
وفي هذا السياق، تقول مصادر في المقاومة، في حديثها إلى «الأخبار»، إنّ سلطات الاحتلال أقدمت على استهداف الموقع الذي كان «ع. ن» محتجزاً فيه (مع عدد من محتجزيه)، في إِشارة واضحة إلى تخوّفها من اعترافاته بالارتباط المباشر بها، وخصوصاً أنّ العصابة التي ينتمي إليها تنشط في منطقة شرقي رفح الواقعة تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي.
وإلى جانب تعاون مجموعة «أبو شباب» مع الجانب الإسرائيلي، تضيف المصادر، إنّ اعترافات الموقوف كشفت أيضاً عن «تعاون أمني واضح بين العصابة المذكورة وأجهزة أمنيّة عربية»، لافتة إلى أنّ من بين أبرز الاعترافات التي أدلى بها إفادته بـ«وجود تعاون أمني مصري مع أبو شباب»، وأنّ «المخابرات المصرية أبلغت الأخير بإمكانية فتح معبر رفح له في أي وقت تضيّق فيه عليه حركة حماس، ويشعر أنه بات محاصراً من قِبل قواتها».
كما تشير الاعترافات إلى «استلام أبو شباب عدداً من سيّارات الدفع الرباعي والأجهزة الإلكترونية والحواسيب المحمولة، بتمويل من قِبل دولة الامارات، عبر ممرّ صلاح الدين»، في ما يؤشّر إلى طبيعة التنسيق بين الجانبين. أيضاً، تكشف عن «تلقّي مجموعة أبو شباب أموالاً من بهاء بعلوشة، بغرض شراء كمّيات من الأسلحة من السوق المحلّي، وهو ما تمّ بالفعل؛ إذ جرى شراء بنادق وذخيرة من بعض التجار في القطاع».
كذلك، عرضت شخصيات أمنيّة في السلطة الفلسطينية، على عدد من موظفي حرس الرئاسة، الالتحاق بمجموعة «أبو شباب، مقابل تلقّيهم رواتب تصل إلى ثلاثة آلاف شيكل، بالإضافة إلى الكابونات والمساعدات التي يحصلون عليها من الشركة الأميركية»، وفقاً للمصادر نفسها. كما تكشف المصادر الأمنية عن «انخراط عدد من العاملين في شركة الخزندار وعصابة أبو شباب في إطلاق النار تجاه المدنيين، الأمر الذي دفع الجهات المختصّة إلى اتخاذ إجراءات ميدانية بحقّ عدد من المنتمين إلى العصابة وتصفيتهم».