مقالات

خطب انتصار ترامب وخامنئي ونتنياهو… وجدلية شرق أوسط جديد!

خطب انتصار ترامب وخامنئي ونتنياهو… وجدلية شرق أوسط جديد!

د. عبد الله خليفة الشايجي

أستاذ في قسم العلوم السياسية ـ جامعة الكويت

تذكرت وأنا استمع إلى خطب ادعاء الانتصار التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونتنياهو والمرشد الأعلى في إيران، مقولة الرئيس الأمريكي جون كنيدي «للانتصار ألف أب ـ وتبقى الهزيمة يتيمة» ـ ينسب الجميع لأنفسهم الانتصار… وينفي الجميع مسؤوليتهم عن الهزيمة!!
كان ملفتا بعد إعلان الرئيس ترامب المفاجئ بعد يوم من قصف مواقع نووية إيرانية في أول اعتداء وعمل عسكري أمريكي مباشر على إيران منذ قيام الثورة ـ وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران منهيا حرب اختيار وليس ضرورة شنها نتنياهو على إيران فجر 13 يونيو الجاري ـ على مدى 12 يوما-روج لها زورا بأنها حرب وجود-بتنسيق وضوء أخضر من الرئيس ترامب. بعدما حرّضه لسنوات على تنفيذ أجندته وحلمه بضرب إيران.
كان ملفتا خطاب التحدي والانتصار الذي أعلنه المرشد الأعلى للثورة آية الله خامنئي، وكذلك خطاب الرئيس ترامب بتضخيم إنجازات قصف منشآت إيران النووية في فوردو ونطنز وأصفهان-وتدمير منشأة فوردو بالكامل. ما أثار كثيرا من اللغط، ودافع ترامب ووزراؤه علانية عنه، وشنوا هجوما غير مسبوق على الدولة العميقة مستهدفين أجهزة الاستخبارات والإعلام الأمريكي التي شككت بنتائج عملية «مطرقة منتصف الليل»!
لكن ما هي الحقيقة؟ ومن انتصر في «ميني حرب؟»-وما هي المكاسب والخسائر، وما هي تداعيات ذلك كله على الأمن والاستقرار. يكرر نتنياهو هدفه تغيير الشرق الأوسط بما يخدم مصالح إسرائيل كقوة مهيمنة على النظام الشرق أوسطي بدعم وإسناد أمريكي؟ ولكن السؤال المهم: هل يمهد ذلك بالفعل لشرق أوسط جديد؟
كل طرف من الأطراف الثلاثة الولايات المتحدة، إسرائيل وإيران روج لسردية تناقض سردية الطرف الآخر، وكل ادعى الانتصار بطريقته وبأدلته القابلة للدحض والنقاش. علق نتنياهو في خطاب النصر على إيران: «لقد قاتلنا بشجاعة ضد إيران، وحققنا نصرا عظيما. هذا النصر يفتح الباب أمام توسيع كبير لاتفاقيات السلام، ونحن نعمل على ذلك بجد». ـ ويؤكد نتنياهو وترامب ومبعوثه ويتكوف أن فرص توسيع الاتفاق الإبراهيمي-الذي رعاه ترامب في رئاسته الأولى بإقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل ودولة الإمارات-والبحرين والسودان والمغرب. ويأمل ترامب ونتنياهو بتوسيع الاتفاق الإبراهيمي لتنضم دول عربية لقطار التطبيع. وعلق ويتكوف: «سنعلن قريبا انضمام مزيد من الدول للاتفاق الإبراهيمي»!
وكان ملفتا انتشار لافتات صور كبيرة في ساحات تل أبيب الرئيسية بعد وقف الحرب تضم صور قادة الدول العربية الست المطبعة، إضافة لصور ولي العهد السعودي وسلطان عُمان والرئيس السوري الانتقالي والرئيس اللبناني يتوسطهم الرئيس ترامب ونتنياهو-تحت مسمى «التحالف الإبراهيمي» «حان وقت الشرق الأوسط الجديد». لكن دون وقف حرب إبادة إسرائيل على غزة المستمرة منذ 21 شهرا والتي تجاوزت 630 يوما ـ فلن نشهد تطبيع دول عربية مع إسرائيل.

الشرق الأوسط الجديد الذي يطمح ترامب ونتنياهو تشكيله بفرض هيمنة القوة الطاغية والعدوان ما يتسبب بالفوضى وعدم الاستقرار

وكان ملفتا تعليق الرئيس ترامب بعد وقف الحرب على إيران في قمة حلف الناتو ـ «بإحراز تقدم كبير في غزة بعد الضربة الأمريكية على منشآت إيران النووية، «ولاحقا أشار ترامب نحرز تقدما كبيرا، وذلك بعد الضربة التي دمرت منشآت إيران النووية…وهذا سيساعد في إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.. وسط احتمال التوصل لاتفاق خلال أسبوع لوقف حرب غزة «.
كان ملفتا ومستغربا شن الرئيس ترامب هجوما وانتقادا قاسيا وعلنيا لأجهزة الاستخبارات والإعلام الأمريكي بعد نشر معلومات استخباراتية عسكرية أولية مسربة تناقض ادعاءه بنجاح الضربة العسكرية الأمريكية بتدمير منشأة فوردو النووية وأنه يمكن استئناف عملها خلال أشهر يثير قلق الكثيرين. خاصة لاقتصار التدمير على مداخل الأنفاق ومنصات أجهزة الطرد المركزي. وتضررت المنشأة ولكن لم تتدمر، ويمكن إصلاحها خلال أشهر. كما تحتفظ إيران بـ400 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 60في المئة.
هذا التقييم يناقض بشكل كامل إصرار ترامب على تقييمه المتفائل بتدمير المنشأة كليا وأنها تحتاج لعدة سنوات لإعادة تشغيلها. وهو ما اعتبرته أجهزة الأمن القومي والديمقراطيون بأنه تضليل للرأي العام لتبرير شن الغارات وترويجه لنصر كامل!! كما يفاخر ترامب بعدم سقوط ضحايا، والنجاح بالتصدي مع القوات القطرية لقصف الحرس الثوري الإيراني قاعدة العديد في قطر. وهدف ترامب للترويج بالنجاح في ضرب مفاعلات إيران النووية-ودوره المهم بوقف الحرب يعزز تقديم نفسه-رئيس سلام قوي بإنجازات كبيرة، أنهى الحرب على إيران، الذي كان هو من أشعلها ودعمها ثم أطفأها لانتزاع تنازلات من إيران!
تعمد المرشد الأعلى علي خامنئي في خطاب النصر والتحدي، إرسال رسائل للداخل الإيراني وإلى الخارج ولترامب وإسرائيل، مؤكدا على الصمود والانتصار وفشل العدوان الصهيوني الأمريكي-بتحقيق أهداف عدوانهم على إيران. وانتصرت إيران على إسرائيل والولايات المتحدة التي تدخلت لإنقاذ العدو، ولولا تدخلها لتدمر الكيان الصهيوني. في دحض لسردية وادعاء ترامب ونتنياهو. وحذّر المرشد الأعلى من خطورة الاستمرار في التصعيد، مهدداً «إذا كرر العدو عدوانه، فلن تبقى تل أبيب ولا حيفا آمنتين.». ولم تركع إيران، ولم تتراجع. وسيعاد بناء منشأة فوردو النووية مجدداً».
وبعد تلويح ترامب ونتنياهو بضرب إيران مجدداً إذا عادت لتخصيب اليورانيوم، وأكد ترامب تجميد إجراءات تهدف لتخفيف العقوبات عن طهران، وذلك رداً على خطاب المرشد علي خامنئي عن انتصار بلاده في المواجهة مع إسرائيل.
علّق وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي «على ترامب التوقف عن استخدام لهجة غير لائقة تجاه المرشد. وإذا كان الرئيس الأمريكي صادقا بالتوصل لاتفاق فعليه ترك نبرته غير المحترمة وغير المقبولة تجاه المرشد الإيراني… ولن تتردد إيران بكشف قدراتها الحقيقية».
واضح الشرق الأوسط الجديد الذي يطمح ترامب ونتنياهو تشكيله بفرض هيمنة القوة الطاغية والعدوان ما يتسبب بالفوضى وعدم الاستقرار!! بينما رغبة دولنا وشعوبنا تحقيق الأمن والاستقرار والسلام والرخاء!!

أستاذ في قسم العلوم السياسية ـ جامعة الكويت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب