الصحافه

رئيس وزراء أسبق: إسرائيل الرسمية تطلق يد زعرانها المستوطنين لقتل فلسطينيي الضفة الغربية

رئيس وزراء أسبق: إسرائيل الرسمية تطلق يد زعرانها المستوطنين لقتل فلسطينيي الضفة الغربية

على خلفية احتفال الحكومة ورئيسها بالإنجاز العسكري ضد إيران، ثم عرض ما تبقى من حماس بعد تدمير غزة وتحويلها إلى أنقاض، وحسب بعض المعطيات التي يصعب دحضها إزاء قتل حوالي 60 ألف غزي، بينهم آلاف الأطفال والنساء، والكثير ما زالوا تحت الأنقاض، وعرض ذلك على أنه خطر أمني فوري على إسرائيل، غير أن ذلك كله ليس سوى تضليل لإخفاء عدم رغبة الحكومة في معالجة العدو الحقيقي الذي يهدد أمن الدولة واستقرارها وعقلانيتها وسلامتها.

عدو إسرائيل الحقيقي هي المليشيات الإرهابية العنيفة، الدموية، التي أخذت تسيطر على الضفة الغربية، وتحول قوات الأمن والشرطة والجيش إلى أحد أهداف الحرب التي تشنها ضد النظام المدني والأمني والعسكري، في إسرائيل. “شبيبة الرعب” الذين تركزوا خلال سنوات بشكل غير قانوني على تلال مختلفة في الضفة الغربية، هم المسؤولون عن قتل 140 فلسطينياً في الضفة منذ بداية السنة الحالية، الكثير منهم أطفال.
في الوقت الذي يتركز فيه اهتمام الجمهور على إعادة المخطوفين ووقف الحرب التي تعرض حياتهم للخطر، فإن عدواً أكثر خطراً من كل الأعداء الخارجيين الذين نحاربهم، يهدد إسرائيل في الداخل، هذا العدو هو نفس هؤلاء الشباب العنيفين الذين لديهم لحى وسوالف ويضعون قبعات كبيرة ويتجولون في التلال والوديان مزودين بسلاح زودهم به سادتهم السياسيون، رغم معرفتهم أنه سلاح لن يستخدم في الدفاع عن المستوطنات، بل لمهاجمة الفلسطينيين في الضفة الغربية.
في الفترة الأخيرة، استيقظ اهتمام الجمهور بهؤلاء الأشخاص المتوحشين لأنهم هاجموا جنود الجيش الإسرائيلي، المسؤولين عن أمن المستوطنين جميعاً. كالعادة، نصاب بالصدمة من المس برجال الشرطة والجنود. ولكن عندما يتم إحراق ممتلكات الفلسطينيين في نفس الحادثة، وتدمير حقول زيتونهم وهدم بيوتهم وقتل أشخاص لم يفعلوا شيئاً، حينئذ نرد بالصمت. بكلمات أخرى، الشباب القتلة لا يظهرهم الخطاب الإعلامي والخطاب العام في إسرائيل على أنهم مشكلة إلا عندما يمسون بقواتنا الأمنية، لكن عندما يقتلون الفلسطينيين ويحرقون ممتلكاتهم ويدمرون ويثيرون أعمال الشغب العنيفة ضد الفلسطينيين، فأفعالهم هذه لا تعتبر إشكالية.
منذ سنوات، أخذت هذه المليشيات العنيفة تتبلور إلى وحدات قتالية منظمة، وكتائب غضب في “المناطق” [الضفة الغربية]. على المدى القصير، هدف عنفهم هو الفلسطينيون، بكل طريقة عنيفة، وبدون شفقة ورحمة، وبصورة منفلتة العقال.
في الضفة الغربية إرهاب فلسطيني، لا يمكن تجاهل ذلك. لا أريد الادعاء، لا سمح الله، بأن الإرهاب الفلسطيني هو الرد المحتم على الإرهاب اليهودي. هذا غير صحيح. الإرهاب الفلسطيني كان موجوداً قبل فترة طويلة من تحول الإرهاب اليهودي إلى تهديد حقيقي، ليس على الفلسطينيين فحسب، بل أيضاً على دولة إسرائيل. الإرهاب الفلسطيني خطر حقيقي وفوري، ويقتضي عملية تصفية ناجعة، وهي جارية. في حالات كثيرة، تتعاون السلطة الفلسطينية وأجهزة الأمن الفلسطينية مع “الشاباك” وتساعد على إيجاد المخربين المشاركين في قتل إسرائيليين أو الذين يخططون لتنفيذ عمليات. لكن لا يمكن لأي إرهاب فلسطيني تبرير الإرهاب اليهودي. فهو يستخدم الإرهاب الفلسطيني كذريعة لتنفيذ المهمة الأساسية للمستوطنين العنيفين – طرد جميع سكان الضفة الغربية وتنغيص حياتهم إلى درجة الرغبة في الهرب، وهكذا، سيتاح تحقيق حلم أرض إسرائيل الكاملة للصهيونية العنيفة، المشوهة والقاتلة، التي تطورت عندنا بالتدريج، لكن بشكل ثابت، منذ حرب الأيام الستة، ولا سيما بعد أن قتل أحد أبنائها رئيس الحكومة إسحق رابين.
جمهور المستوطنين الواسع، رغم أنه لا ينقض على القرى الفلسطينية بالسلاح، فإنه لا ينفصل عن الشباب العنيفين. في كل حالة يهاجم فيها المستوطنون الجنود ورجال الشرطة، وبالطبع الفلسطينيين، يهب المحللون وممثلو الجمهور ورؤساء المجالس الإقليمية في “المناطق” وأعضاء كنيست، فوراً، ويحاولون طمس حجم هذه الظاهرة والادعاء بأن الأمر يتعلق بأقلية صغيرة لا تمثل كل جمهور المستوطنين الذين يحترمون القانون ويعارضون العنف. ولكنه استعراض عبثي.
عندما يقول رئيس مجلس إقليمي، وهو من المتحدثين البارزين والمؤثرين في المناطق، إن الرد المناسب على قتل سالا غاز هو إحراق القرى، فهو بذلك يعبر عما يفكر فيه كثير من المستوطنين.
إضافة إلى ذلك، مليشيات الفتيان الذين لديهم سلاح وأدوات تخريب كثيرة، لا يمكنها التواجد بدون منحها المساعدة والدفاع عنها من قبل الغطاء المدني الذي تعيش فيه.
فتيان هذه المليشيات ليسوا إلا الطليعة التي تختفي وراءها شريحة واسعة من المساعدين. هي منظومة كبيرة ومتطورة مع الخبرة، وهي ترتبط بكل مراكز الحكم وصنع القرار المدني والعسكري والأمني.
قرار وزير الدفاع الذي جاء على الفور بعد تسلم منصبه، بإلغاء الاعتقال الإداري لليهود في “المناطق”، لم يكن صدفياً؛ بل نتيجة منظومة جماهيرية عنيفة جداً، تؤيد من يثيرون أعمال الشغب العنيفين وتوفر بنية تحتية لأفعالهم. فتيان الرعب هؤلاء ليسوا حفنة أشخاص متوحشين، بل طليعة لكل من يدفعهم ويعطيهم الإلهام ويغطي عليهم.
المواجهات بين مثيري أعمال الشغب وقوات الأمن ليست الهدف الأول والرئيسي لهم. في غالبية الحالات، نرى الحكومة والجيش والشرطة تغض النظر وتتجاهل جرائمهم، بل يغطون عليهم عند الحاجة. عندما تحاول قوات الأمن، حتى من أجل التظاهر، وقف مثيري أعمال الشغب، فلا مشكلة في الانقضاض على رجال الشرطة والجنود وكأنهم هم الأسوأ من بين الأعداء. هذه هي الثمرة المتعفنة لسياسة التغطية والإخفاء والتسليم من قبل أجهزة السلطة. يجب عدم الاندهاش من هذه الظاهرة، إذا أخذنا في الحسبان أن لهؤلاء المشاغبين ممثلين في المستويات العليا في منظومة الحكم. بن غفير، وسموتريتش، تسفي سوكوت، الموغ كوهين، عيديت سلمان وعميحاي شكلي، جميعهم في مواقعهم لكي يعطوا الإشارة لشباب الرعب بأن هناك من سيهب للقيام بنضال جماهيري، وحكومي وقانوني، للدفاع عنهم، شريطة أن لا يتوقفوا.
الإدانات التي أسمعها ممثلو الحكومة عقب المس بقوات الأمن، هي ضريبة كلامية مضحكة. هم لم يدينوا قتل الفلسطينيين بشكل جدي ولو مرة. فهؤلاء يمكن قتلهم، ويفضل ألا تتدخل قوات الأمن. التجربة تظهر أنه في معظم الحالات، بعد الهجمات القاتلة ضد الفلسطينيين، لا يتم اعتقال المعتدين اليهود، بل اعتقال الضحايا الفلسطينيين.
إلى أين يؤدي كل ذلك؟ هدف عنف المستوطنين القادم ليس فقط قوات الأمن، بل كل من هو غير مستعد للتسليم بجرائم الحرب التي تنفذ في “المناطق”. عندما تكون الضفة الغربية خاضعة لسيطرة إسرائيل المطلقة، وينشرون فيها قوات الجيش والشرطة، حيث يقتل فلسطينيون وتحرق ممتلكاتهم وتدمر، فالتسليم بعنف الاستيطان جريمة. في هذا السياق، مؤسف أن المنظومة السياسية، بما في ذلك رؤساء المعارضة بني غانتس، وغادي آيزنكوت ويئير لبيد، لم تسمع إدانات أو احتجاجات قوية على عنف مليشيات المستوطنين.
إذا لم تدرك حكومة إسرائيل بأن هذه المليشيات هي العدو الأكثر خطراً علينا، ولم تستخدم قوتها لوقفها واعتقال وحبس ومحاكمة رجالها، فنحن، الذين نتفاخر بتمثيل قيمة الشفقة والتسامح والانضباط والرغبة في التسوية والسلام، سنكون هدفها القادم. فهذه المليشيات لن تتردد أيضاً في إطلاق النار علينا، وسيكون هناك من يزودونها بالسلاح.
إيهود أولمرت
هآرتس 4/7/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب