أزمة مالية خانقة تتطلب مقاربة شاملة ودورًا دوليًا فاعلًا

أزمة مالية خانقة تتطلب مقاربة شاملة ودورًا دوليًا فاعلًا
المحامي علي ابوحبله
تتفاقم الأزمة المالية التي تعيشها السلطة الفلسطينية مع استمرار احتجاز إسرائيل لأموال المقاصة، ما يضع الحكومة أمام خيارات اقتصادية صعبة قد يكون لها تداعيات عميقة على حياة المواطن الفلسطيني. وفي ظل هذه الأوضاع، يحذر خبراء الاقتصاد من الاكتفاء بتحميل المقاصة وحدها مسؤولية الأزمة، مؤكدين أن هناك مشاكل هيكلية أعمق تتعلق بضعف القاعدة الإنتاجية، والاعتماد الكبير على المساعدات الخارجية، وسياسات مالية تحتاج إلى مراجعة جذرية.
تشير التقديرات إلى احتمال لجوء الحكومة إلى توسيع الجباية عبر زيادة الضرائب والرسوم لتغطية العجز المالي، وهو خيار قد يفاقم الأعباء المعيشية على المواطن ويؤدي إلى مزيد من الركود الاقتصادي. وفي المقابل، يرى الخبراء أن بإمكان الحكومة تحسين إدارة مواردها السيادية وترشيد الإنفاق لتأمين نسب مقبولة من الرواتب تصل إلى 70%، شرط تبني إصلاحات مالية وإدارية عاجلة ومكافحة الهدر والفساد.
إن الأزمة المالية الفلسطينية ليست شأناً داخليًا فحسب، بل تعكس اختلالًا سياسيًا واقتصاديًا يفرض على المجتمع الدولي مسؤولية مضاعفة، سواء بالضغط على إسرائيل للإفراج عن أموال المقاصة دون اقتطاعات، أو بدعم خطط تنمية مستدامة تعزز استقلالية الاقتصاد الفلسطيني، وتشجع الاستثمار الدولي، وتفتح الأسواق أمام المنتجات الفلسطينية.
وفي هذا السياق، لا يمكن لأي حل اقتصادي أن يستمر أو يحقق استقرارًا حقيقيًا دون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الكامل للأراضي الفلسطينية، ورفع كافة القيود المفروضة على حركة الأفراد والبضائع، وفتح المجال أمام الاقتصاد الفلسطيني للانفكاك التدريجي والكامل عن الاقتصاد الإسرائيلي الذي يقيّد حركته وينتهك سيادته. إن تحقيق هذه الخطوات هو الشرط الأساسي لأي استقرار اقتصادي وسياسي مستدام، ويجب أن يكون الهدف الأول للمجتمع الدولي في إطار جهوده لدعم الشعب الفلسطيني وحماية حقوقه المشروعة.