أب يــــرثــــي ابــــنــــه الــشّــهــيـد /عبدالناصر عليوي العبيدي

أب يــــرثــــي ابــــنــــه الــشّــهــيـد
—-
رَعَـيْتُكَ غُـصْنًا فِـي رُبَـى الْحُبِّ نَاهِضًا
وَرُحْـــــتُ أُغَــذِّيــهِ الْــحَـنَـانَ فَـيَـكْـبُـرُ
–
كَـبُـرْتَ كَـمَـا تَـرْجُـو الـرِّجَـالُ لِـسَـيْفِهَا
وَصُــغْـتَ جَـبِـيـنَ الْـعِـزِّ مَـجْـدًا يُـبَـشِّرُ
–
خَـرَجْتَ كَبَدْرٍ فِي الدُّجَى تَحْمِلُ الضِّيَا
وَخَــلْـفَـكَ أَحْــــلَامٌ تُــضِــيءُ وَتُــزْهِــرُ
–
وَكُــنْـتَ إِذَا نَـــادَى الــتُّـرَابُ سَـمِـعْتَهُ
بِــقَـلْـبٍ كَــصَـخْـرٍ لَا يَــلِـيـنُ وَيُــعْـصَـرُ
–
لَـقَدْ عِـشْتَ مِثْلَ اللَّيْثِ، تَرْفُضُ نَفْسُهُ
إِذَا مَـــا رَأَى الْأَعْـــدَاءَ تَـطْـغَى وَتَـغْـدِرُ
–
فَـفِـيـكَ وُجُـــودُ الْــحَـقِّ قَــامَ مُـبَـشِّراً
وَفِـــيـــكَ نُـــبُــوءَاتُ الْأُبُـــــوَّةِ تُــثْــمِـرُ
–
فَــلَـوْلَاكَ مَـــا كُــنَّـا نُـعَـدُّ مِــنَ الْــوَرَى
وَلَا كَــــانَ فِــيـنَـا مَـــنْ يَـــرَى وَيُــقَـرِّرُ
–
فَـمَـا كَــانَ فَـقْـدُ الْـبَـدْرِ فَـقْـدًا، وَإِنَّـمَـا
هُــوَ الْـفَـجْرُ إِنْ جَـاءَ الـظَّلَامُ سَـيُسْفِرُ
–
فَــمِـنْ نَــفْـحِ جُـــرْحٍ قَــدْ تُـفَـتِّقُ وَرْدَةٌ
وَيَــنْـمُـو رَبِــيـعٌ مِـــنْ دِمَـــاكَ وَيُــزْهِـرُ
–
وَقَدْ يَخْرُجُ الْمِسْكُ الدَّفِينُ مَتَى سَقَتْ
دِمَــــاؤُكَ تُـــرْبَ الْــعِـزِّ حَــيْـثُ تُـفـجَّـرُ
–
وَكُـــلُّ انْـطِـفَـاءٍ فِـــي جِــرَاحِـكَ غَـائِـرٌ
تَــشُـبُّ بِـــهِ الـنِّـيـرَانُ دَوْمًــا وَتَـسْـعَرُ
–
وَكَــمْ مِــنْ صَـبَـاحٍ لَـمْ يَـجِئْ بـخُيُوطِهِ
سِــوَى طَـيْـف ظِـلٍّ مِـنْ ظِـلَالِكَ يُـخْبِرُ
–
وَأُمُّـــكَ تَـبْـكِـي فِـــي الْـخَـفَـاءِ كَـأَنَّـهَا
تَـــمُــرُّ عَــلَـيْـهَـا الــذِّكْــرَيَـاتُ وَتَــعْـبُـرُ
–
تُـقَـبِّـلُ تُـــرْبَ الْـقَـبْـرِ شَــوْقًـا كَـزَهْـرَةٍ
تُـصَـلِّـي عَـلَـى دِرْعِ الـشَّـهِيدِ وَتَـذْكُـرُ
–
جَـلُـودٌ وَفِــي جُـرْحِـي نَـزِيـفُ مَـعَـازِفٍ
أُقَــبِّـلُ فِــيـكَ الـصَّـمْتَ، أَزْهُــو وَأَفْـخَـرُ
–
تُــحَـدِّثُـنِـي الْأَيَّـــــامُ أَنَّــــكَ نَـجْـمُـهَـا
فَـأَبْـكِـي وَمِـــنْ دَمْــعِـي تَــوَلَّـدَ أَنْـهُـرُ
–
أَرَى فِـيكَ مَـعْنَى الْحَقِّ يَجْرِي كَجَدْوَلٍ
وَيَــــرْوِي ظِــمَــاءَ الـصَّـابِـرِينَ وَيُـنْـصِـرُ
–
تَــرَكْـتَ لَــنَـا حَــدْبًـا، وَهَـمًّـا، وَغَـصَّـةً
يُــسَـافِـرُ فِــيـهَـا كُــــلُّ حُــــرٍّ وَيُـبْـحِـرُ
–
وَفِــيــكَ تَـنَـاهِـيـدُ الْــبِــلَادِ وَحِـلْـمُـهَـا
تَــبُــوحُ إِذَا عَــيْــنُ الْـحَـقِـيـقَةِ تُــبْـصِـرُ
–
يَــمُـرُّ نَـسِـيـمُ الـصَّـبْـرِ فَـــوْقَ جِـبِـينِهِ
وَيَــحْـمِـلُ ذِكْــــرَاكَ الَّــــذِي لا يُــكَــرَّرُ
–
وَمَــا زَالَ فَـوْقَ الـرَّمْلِ خُـطْوُكَ شَـاهِدًا
يُــقَـبِّـلُـهُ الــتَّــارِيـخُ حِـــيــنَ يُــسْـطَّـرُ
–
وَيَــا قُـبْـلَةَ الـدُّنْـيَا عَـلَـى جُـرْحِ بَـاسِلٍ
تَـــنَـــامُ عَـــلَــى أَكْــفَــانِـهِ فــتُـعَـطَّـرُ
—
عبدالناصر عليوي العبيدي