عربي دولي

دعوات إلى إعلان السويداء منكوبة | الشرع يتعنّت: نحارب بالعشائر

دعوات إلى إعلان السويداء منكوبة | الشرع يتعنّت: نحارب بالعشائر

ترفض السلطات الانتقالية السورية هدنة مقترحة في السويداء، وتواصل استخدام الفزعات العشائرية كسلاح اقتحام، بعد سحب قواتها من المحافظة قبل يومين.

تدخل المعارك في السويداء، جنوبي سوريا، أسبوعها الثاني، على وقع عمليات كرّ وفرّ، قامت خلالها الفصائل المرتبطة بالإدارة الجديدة بتغيير مظهرها، رافعةً الشعار «القبلي»، في محاولة للالتفاف على «خطوط إسرائيل الحمر»، التي تمنع تقدم أيّ قوات حكومية إلى المنطقة الجنوبية.

وسبق الاشتباكات، التي تجدّدت خلال الـ24 ساعة الماضية، بعد انكفاء الفصائل التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية تحت وطأة تدخل تل أبيب وقصف مبنى وزارة الدفاع والقصر الجمهوري في العاصمة دمشق، شحن طائفي وقبلي مقرون بمئات التسجيلات والصور المزوّرة، في إطار حرب إعلامية تبادل فيها طرفا المعركة (فصائل السويداء المحلية والفصائل الموالية أو التابعة لحكومة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع) الاتهامات والانتهاكات، إذ وثّقت عشرات التسجيلات المصوّرة عمليات إعدام ميداني وسرقة واعتداء نفّذتها التشكيلات الحكومية في السويداء، في حين ظهّرت تسجيلات أخرى انتهاكات ارتكبتها مجموعات السويداء بحق بعض أبناء العشائر الذين يقطنون في المحافظة، والذين تركت المجموعات الحكومية بعضهم خلفها أثناء انسحابها.

وجاء مشهد الانتهاكات المتبادلة ليؤجّج نار الفتنة المستعرة، ويفتح للإدارة الجديدة بوابة مناسبة للدخول إلى السويداء بالقوة. هكذا، انطلقت عشرات البيانات العشائرية تحت مسمى «الفزعة»، التي شاركت فيها، بحسب ما تمّ رصده، أكثر من 41 عشيرة، وصلت ببساطة إلى السويداء، التي تحيط بها الفصائل الحكومية، والتي سهّلت وصولها، في وقت ذكرت فيه مصادر محلية و «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن التشكيلات الحكومية نفسها كانت على رأس الهجوم العشائري. ويفسّر ذلك حيازة هذه الأخيرة طائرات مُسيّرة انتحارية مكّنتها من دخول عدد من القرى في البادية، بينها المجدل، لتصبح التشكيلات التابعة للحكومة على أبواب مدينة السويداء للمرة الثالثة خلال أقل من أسبوع.

وبالتوازي مع ذلك، نظّم ناشطون وحسابات مؤيّدة للإدارة السورية حملة إعلامية كبيرة ضد الدروز في السويداء، كما ظهرت تصريحات عديدة لمسؤولين باركوا هذا الهجوم، بينهم أنس عيروط، عضو «لجنة السلم الأهلي» التي قام بتشكيلها الشرع في سياق محاولته امتصاص الآثار السلبية لمجازر الساحل؛ إذ بارك عيروط، في منشور على «تويتر» حذفه لاحقاً بعد تعرّضه لانتقادات لاذعة، «الفزعة التي أثلجت الصدور ورفعت رأس الأمة».

وكشفت التسجيلات المصوّرة التي نشرتها حسابات مؤيّدة لفصائل السويداء المحلية، عن وجود مقاتلين غير سوريين (بعضهم تمّ أسره) جاؤوا تحت عباءة «هبّة العشائر»، فيما أثار الدعم الإعلامي الحكومي والعسكري للعشائر تساؤلات عديدة حول مفهوم المواطنة والسلاح المنفلت الذي تذرّعت الحكومة به لدخول السويداء، في ظل امتلاك الآلاف من المقاتلين الذين وصفتهم الحكومة نفسها بأنهم عشائر، هذا الكم الكبير من الأسلحة والذخائر، خارج نطاق الدولة.

واستخدمت الفصائل المهاجمة، في غارتها المتجددة على المدينة، أسلحة خفيفة ومتوسطة، وقذائف هاون وقذائف صاروخية، عادت مرة أخرى لتسقط على السويداء التي دعا أبناؤها إلى اعتبارها منكوبة، في حين طالبت مطرانية بصرى حوران وجبل العرب للروم الأرثوذكس بفتح ممر إنساني لإنقاذ حياة 300 ألف عائلة تعاني من اختناق في ظل انقطاع الماء والكهرباء والدواء والغذاء.

تشكّل على مدار الأسبوع الماضي نمط واضح لسياق المعارك

وفي هذا السياق، أعلن حسن كوجر، نائب الرئاسة المشتركة في «الإدارة الذاتية»، أن الإدارة ستستجيب لدعواتِ فتحِ ممرٍ إنساني مع محافظة السويداء، بناءً على طلب شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، حكمت الهجري، موضحاً، في تصريحات إعلامية، أن الإدارة وجّهت طواقمها بالعمل لإرسال مساعدات إنسانية وطبية عاجلة إلى السويداء، معتبراً أن الحكومة الانتقالية أخطأت في شن الهجمات على الطوائف الأخرى.

ويحتاج فتح ممر إنساني نحو السويداء إلى موافقة الولايات المتحدة التي تسيطر على منطقة التنف، والتي يمكن أن تمثّل معبراً يصل السويداء بمناطق «الإدارة الذاتية»، بشرط تحييد القوى التي قد تعرقل هذا المنفذ. ويجعل ذلك من مسألة إرسال المساعدات المعلن عنها، أمراً يحتاج إلى وقت طويل نسبياً، يفوق قدرة السويداء المحاصرة من كل الجهات على الصمود، وهو ما يشكّل فرصة ذهبية لإسرائيل التي أعلنت البدء بإرسال مساعدات إلى سكان المحافظة.

وفي ظل انقطاع الخدمات، والذي ترافقه حالة تعتيم شبه كامل في السويداء، مقرون بانقطاعات في الاتصالات، تَشكّلَ على مدار الأسبوع الماضي نمط واضح لسياق المعارك، التي يمثّل الليل فيها فرصة للفصائل الموالية للسلطات والعشائر، لشنّ هجمات وتكثيف الضغط الإعلامي، والنهار ميدان قتال لجماعات السويداء المحلية، في وقت تتابع فيه الطائرات الإسرائيلية شن هجماتها على محاور القتال التي تشهد عمليات كرّ وفرّ مستمرة.

وفي خضمّ ذلك، نقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عما سمّاها «مصادر خاصة» أن القصر الجمهوري في دمشق رفض اتفاق هدنة جرى التفاوض حوله أخيراً بين وجهاء من محافظة درعا وبدو حوران من جهة، وقيادات دينية وميدانية في السويداء من جهة أخرى، كان يهدف إلى وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء التوترات والاقتتال بين أهالي السويداء والعشائر.

وبحسب «المرصد»، جاء هذا الاتفاق بعد اتصالات مكثّفة ومبادرات وطنية قادها وجهاء من درعا مع الشيخ حكمت الهجري، الذي يقود الحراك المناوئ للسلطات الانتقالية، وعدد من القوى المؤثّرة في السويداء، التي وافقت على تسليم المعتقلين كافة كخطوة أولى لبناء الثقة، على أن يتم التوصل إلى حل سلمي دائم برعاية شخصيات حورانية.

وعلى خلفية هذه التطورات الإيجابية، بادر الوسطاء إلى التواصل مع القصر الجمهوري لطلب مباركته للاتفاق ودعمه، بهدف احتواء الوضع المتدهور ومنع تفاقم العنف والتجييش الشعبي، الذي يهدد بجرّ المنطقة إلى مواجهات مفتوحة. لكن، وبحسب المصادر، أحال القصر الجمهوري ملف المبادرة إلى قائد الأمن الداخلي في السويداء، أحمد الدالاتي.

وبعد محادثات أجراها الوجهاء مع الدالاتي، طلب الأخير مهلة للتواصل مع الرئاسة للحصول على الموافقة أو على الأقل «عدم الاعتراض». وبعد نحو نصف ساعة، تلقّى الوسطاء اتصالاً من الدالاتي يُبلغهم فيه برفض الرئاسة لهذا الاتفاق، وعدّها الموافقة عليه قبولاً بالهزيمة، وفق «المرصد».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب