صحيفة عبرية: انطلاقاً سفر يهوشع وإصلاحاً لـ”الظلم البريطاني” و”استعادة” الضفتين.. والبدء بـ”عملية الحرم بأيدينا2″

صحيفة عبرية: انطلاقاً سفر يهوشع وإصلاحاً لـ”الظلم البريطاني” و”استعادة” الضفتين.. والبدء بـ”عملية الحرم بأيدينا2″
كان هذا مشهداً مثيراً للإعجاب ومؤثراً: رؤساء الدول الغربية، بما في ذلك الذين ينتقدون إسرائيل بسبب استمرار حربها الخاسرة في غزة، وقفوا إلى جانبها في حربها مع إيران. سبب عرض هذا الدعم واضح، وحتى روسيا بوتين – مصدر الشر والفوضى في العالم هذه الأيام – تدرك ما صرح به كل من الرؤساء البريطاني والألماني والفرنسي: لا يسمح لإيران، الدولة الديكتاتورية المتعصبة، امتلاك سلاح الإبادة الجماعية.
لكن على خلفية هذا الادعاء المبرر، يجب توجيه النظر إلى دولة أخرى في الشرق الأوسط، التي تمر في السنوات الأخيرة بعمليات داخلية متسارعة وعميقة من التعصب الديني المتطرف. وفي الوقت نفسه، حسب منشورات أجنبية، لديها قدرة نووية. ألا تشكل هذه الدولة في المستقبل أي تهديد وجودي حقيقي على السلام في المنطقة، ثم السلام العالمي؟
في إسرائيل، التي ترتفع فيها حجم المجموعة السكانية الظلامية التي تعتبر الحاكم مبعوث الله، بات من غير السهل تخيل اللحظة التي ستجد فيها مؤسسة الكهانية الجديدة الثقة بالنفس، القوية بما فيه الكفاية، للبدء في تجسيد أحلامها المسيحانية الغريبة.
إذا كان شخص مثل دافيد زيني سيترأس “الشاباك”، ويقرر ذات يوم بأن مهمته ليست الدفاع عن نهج الديمقراطية في إسرائيل، بل عن النهج الديني، فإن “الشاباك” المسيحاني سيجند قدرته الأمنية لتنفيذ عملية “الحرم في أيدينا 2” التي ستشمل سيطرة يهودية مطلقة على الحرم الشريف، وهدم المساجد، والبدء في بناء الهيكل الثالث.
يجب توسيع تطبيق هذه الخطة الإلهية، عند تطبيق سيادة كاملة لإسرائيل على أرض إسرائيل كلها. في الوقت نفسه، تحت غطاء السلاح النووي، حسب المنشورات الأجنبية، وبدعم إله إسرائيل، حسب المنشورات اليهودية، لن يتمكن أحد من الوقوف أمام الحكومة الكهانية – المسيحانية الإسرائيلية من أجل “تطهير” الأرض بين البحر والنهر من الفلسطينيين، سواء من خلال محطات وسطية مثل المدينة الإنسانية، على شاكلة نموذج الأخلاق اليهودية، يسرائيل كاتس، أو بطرق مباشرة أكثر مستوحاة من تقليد الإبادة الجماعية في سفر يهوشع.
وفي ضوء نشوة مستمرة إزاء الهزيمة التي أوقعتها قوات الحلف اليهودي المسيحاني بـ “الدولة العظمى الإقليمية” الإسلامية، فمن يضمن أن قادة الكهانية، العنصريين المتطرفين اليهود، لن يطلقوا الخيال للأوهام الجغرافية بالحد الأعلى، الذي سيكون في مركزه شرق الأردن، الجزء الأصلي، سواء في أرض إسرائيل التوراتية أو أرض إسرائيل الانتدابية؟
حتى دافيد بن غوريون في فترة الانتداب وفي محادثاته مع الزعيم الفلسطيني موسى العلمي، عرض عليه “تفهم إقامة الدولة اليهودية في أرض إسرائيل، لتشمل شرق الأردن أيضاً”. ولكن في هذه الأيام، مع أمريكا الإفنغلستية، ومع روسيا التي تفرك يديها براحة إزاء أي عاصفة في الشرق الأوسط تسمح لها بمواصلة قصف أوكرانيا بدون إزعاج، ومع أوروبا المتلعثمة والتي تفقد العقل، من الذي سيوقف قيادة مسيحانية إسرائيلية واثقة بنفسها من شن الحرب على الأردن، الذي بات يخشى الآن من سيطرة إسرائيلية بعد انتهاء الحرب مع إيران، كما كتب اوفير فنتر و أميرة أورون (“هآرتس”، 1/7) بهدف إصلاح “الظلم” البريطاني القديم وإعطاء أهمية حقيقية لشعار “ضفتي الأردن”؟
هل يبدو هذا مبالغاً فيه ولا أساس له، وخيالياً؟ بربكم، تحدثوا الآن مع الذين ضحكوا في حينه من السيناريو الذي لا تنوي فيه حكومة إسرائيل الخضوع لأحكام المحكمة العليا، أو بدلاً من ذلك، تخيلوا محادثة خيالية في أربعينيات القرن الماضي مع الذين وضعوا أصابعهم حول الفك وضحكوا عند قراءة كتاب “كفاحي” في عشرينيات القرن الماضي.
العملية الأهم والأخطر، التي تمر بها الدولة والمجتمع في إسرائيل بسرعة كبيرة الآن، هي التدين الواسع والجذري للواقع السياسي – العام المؤسسي. والخيال الثقافي في أوساط المواطنين العاديين، الذين ينفون هذه الحقيقة أو يتجاهلونها ويعانون من عمى في الإدراك ونقص الوعي بالتاريخ. واضح أن الجمهور الديمقراطي والليبرالي في إسرائيل ما زال كبيراً ومهماً، كي يرد بحرب ضروس على الكهانية والمسيحانية. ويجب عليه عدم الاستسلام لهذا الوحش. ولكن في هذه المرحلة، قبل أن يصبح الوقت متأخراً جداً، يجب القول وبشكل واضح وحاسم بأن الثيوقراطية اليهودية الآخذة في التشكل، لا يجب أن تمتلك سلاح الإبادة الجماعية.
ديمتري شومسكي
هآرتس 20/7/2025