اتصالات لمنع الانفجار الداخلي على وقع جلسة الثلاثاء: واشنطن تسحب برّاك وتعـيد أورتاغوس

اتصالات لمنع الانفجار الداخلي على وقع جلسة الثلاثاء: واشنطن تسحب برّاك وتعـيد أورتاغوس
دخلَ لبنان العدّ العكسي لجلسة الحكومة يوم الثلاثاء المقبل، لمناقشة بند أول على جدول أعمالها يتعلق بحصرية السلاح بيد الدولة، في خطوة تشكّل استجابة للضغوط الأميركية والسعودية على لبنان، ومن أجل «تحويل الأقوال إلى أفعال» كما قال المبعوث الأميركي توم برّاك، وكيف «لا يترحّم علينا العالم» كما قال رئيس الجمهورية جوزيف عون.
أمس أُعلن عن موعد الجلسة، الذي يقول البند الأول في جدول أعمالها: «استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري للحكومة في شقّه المتعلق ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصراً، وبالترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية لشهر تشرين الثاني 2024». وقد بدأت المؤشرات السياسية تُنذر يإمكانية حصول تصادم، حيث تنشط القوى السياسية لتفاديه من خلال اتصالات يجريها الرؤساء الثلاثة في ما بينهم ومع حزب الله، والتي تدفع في اتجاه الوصول إلى «صيغة توافقية للقرار الحكومي» كي لا ينزلق البلد إلى مشكل داخلي خطير، في حال أصرّ بعض من في الحكومة على وضع جدول زمني واضح بسحب السلاح من المقاومة.
حتى مساء أمس، كانت مصادر الثنائي تؤكّد أن «حزب الله وحركة أمل سيشاركان في الجلسة ولم يوضع على الطاولة خيار مقاطعتهما، فهناك قناعة بضرورة التشاور داخل مجلس الوزراء وانتظار النتائج ليُبنى على الشيء مقتضاه»، مع التأكيد على «استحالة تسليم السلاح قبل التزام إسرائيل بالانسحاب من التلال الخمس ووقف الاعتداءات وإطلاق الأسرى وبدء الإعمار، وإذا تحقّق ذلك ننصرف إلى نقاش داخلي في ما يتعلق بالسلاح حيث إن المخاطر الوجودية تحيط بنا من كل مكان».
هذا الموقف، عكسه رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» الحاج محمد رعد بصراحة خلال اجتماعه أول من أمس برئيس الجمهورية جوزيف عون، بحسب مصادر بارزة قالت لـ«الأخبار» إن «رعد أكّد لعون أنه لا يمكن الاستجابة إلى ما يطلبه الأميركيون في ظل التعنّت الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن «الجميع معنيّ بمواجهة هذه الضغوط من خلال اتخاذ موقف موحّد، وعدم إعطاء الذريعة لمن يريد أن يأخذ البلد إلى الخراب». وفي ما يجري العمل على «توفير مخرج لا يؤدّي إلى صدام داخلي»، قالت المصادر إنه «حتى اللحظة ليست لدى الثنائي صيغة بعينها، لكنّ الاعتماد على الرئيس بري وهو المعروف بقدرته على صياغة طروحات توافقية، وهو اتّفق مع النائب رعد في اجتماعهما الأخير على أن يكون هناك موقف منسّق بينهما»، فيما يُرجّح أن يلتقي «بري الرئيس عون في الساعات المقبلة»، وسطَ تسريبات تحدّثت عن «بدء التداول في طرح يقوم على فكرة تثبيت الحكومة لمبدأ حصرية السلاح ثم تكليف المجلس الأعلى للدفاع بمواصلة الخطوات التنفيذية والتنسيق مع الحزب عبر الجيش»، فيما الأخير «لا يزال يناقش في مبدأ الطرح».
تتواصل الضغوط السعودية على لبنان لإصداره قرارات مع جدول زمني، وحزب الله يتشاور مع عون
في هذا الوقت، تواصلت التهديدات بإمكانية أن تقوم «إسرائيل» بتصعيد ما، في حال انكفأت الحكومة عن اتخاذ قرار واضح وحاسم وتحديد جدول زمني لحصر السلاح وفي حال أقرّت صيغاً «توافقية» حاولت من خلالها الالتفاف على الضغوط الخارجية، من خلال «التأكيد على الأولويات وربط الأمر بالشروط اللبنانية المطلوبة من إسرائيل». وهذا سيناريو، إن حصل سيجعل من التهديد العسكري أمراً واقعاً. وقالت مصادر متابعة إن «القوى السياسية تتخوّف من جلسة الثلاثاء، ليس بسبب إمكانية توتير الجو الداخلي، وإنما من ردّة الفعل الإسرائيلية التي قد تتزامن مع الجلسة أو فور انتهائها، وهي قد وجّهت رسالة في هذا الإطار رداً على كلام عون أول من أمس».
وفيما كانَ لبنان منشغلاً بورقة المبعوث الأميركي توماس برّاك، تفاجأت القوى السياسية بالمعلومات المسرّبة عن انتهاء مهمته في لبنان، علماً أنه «أبلغ المعنيين في زيارته الأخيرة إلى بيروت أنه قد لا يعود مجدّداً، وهو ما جرى تفسيره بانتهاء المهلة المعطاة للبنان لاتخاذ خطوات عملانية». وفور انتشار الخبر، بدأت التساؤلات عن البديل الذي سيحل مكان برّاك، وسطَ كلام عن إمكانية أن يتولى السفير الأميركي الجديد في بيروت المهمة، أو عودة مورغان أورتاغوس، وقد علمت «الأخبار» أن «قرار إعادة تكليف أورتاغوس صدر منذ يومين، لكنّ السفارة في بيروت لم تتبلّغ به بعد». وقالت مصادر مطّلعة على الجو الأميركي إن «إزاحة برّاك تتصل بشخصيته فهو لم يقدّم تجربة جيدة في إدارة الملف، لكنّ أبرز الأسباب يعود إلى كون مسؤولين في الإدارة الأميركية يعتبرون أن برّاك ضعيف وأن السعودية باتت تتحكّم به وبمواقفه، بسبب ما حصل معه أخيراً في بيروت وتدخّل الأمير يزيد بن فرحان في عمله، حتى إن أسلوب الأخير الفجّ بالتعاطي مع جولة برّاك الأخيرة كانَ فاضحاً إلى الحد الذي استفزّ الأميركيين أنفسهم». وأضافت المصادر أن «اللوبي اللبناني الموجود في الولايات المتحدة الأميركية لعب دوراً كبيراً في إزاحة برّاك، خصوصاً بعد كلامه عن ضمّ لبنان إلى بلاد الشام»، معتبرين أن «هذا الكلام يخدم حزب الله ويضرّ بأصدقاء الولايات المتحدة الأميركية في بيروت، الذين أُحرجوا من هذه التصريحات التي تضرب كل خطابهم عن السيادة وضمانة الولايات المتحدة الأميركية لحماية الاستقرار في لبنان».