اصرار نتنياهو على احتلال غزة محاولة للتخلص من ارث ثقيل وعقدة دعم حركة حماس بقلم مروان سلطان. فلسطين
بقلم مروان سلطان. فلسطين

اصرار نتنياهو على احتلال غزة محاولة للتخلص من ارث ثقيل وعقدة دعم حركة حماس
بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
8.8.2025
——————————————-
في مفارقة سياسية لافتة، يسعى بنيامين نتنياهو اليوم إلى احتلال غزة والقضاء على حكم حركة حماس، رغم أنه كان أحد أبرز من عملوا على تمكينها وترسيخ سلطتها قبل نحو عقدين. فالرجل الذي تبنى استراتيجية “فرّق تسد” وسهّل الانقسام الفلسطيني، يجد نفسه الآن أسيرًا لعقدة سياسية تطارده في الداخل والخارج: عقدة دعمه السابق للحركة التي أصبحت العدو الأول له، وشكلت ذراعا متقدما للمحور الايراني في المنطقة.
الدعم الذي قدمه نتنياهو لحركة حماس والانقلاب الاسود في 2007 ، من اجل ابقاء الجسم الفلسطيني مريضا وغير قادر على القيام في واجباته يعتبر احد ابرز القضايا التي ظلت تلاحق شبحها رئيس وزراء اسرائيل وستبقى . لقد ساعدت اسرائيل حركة حماس في الانقلاب على السلطة الفلسطينية سنة 2007 ,ومهدت لها الطريق لاستلام زمام الامور فيها على قاعدة فرق تسد. وتقدمت اسرائيل بطلب الى قطر او قد تكون ارست تفاهمات معها من اجل احتضان قيادة حركة حماس في الخارج، وتقديم الدعم مالي الى حركة حماس ، وفعلا كانت المنحة القطرية الشهرية التي تقدر بثلاثين مليون دولار تصل شهريا في حقائب الى مطار اللد ، ويتسلمها جهاز المخابرات الاسرائيلي الشين بين، وينقلها في سيارات اجهزة الامن الاسرائيلية الى معبر ايرز ، حيث يستلمها السفير القطري العمادي الذي بدوره يسلمها الى حركة حماس في غزة ، وشكل هذا الدعم المالي استقرار مهما لاستمرار الحركة في حكمها لقطاع غزة، ومكن حركة حماس من شراء الاسلحة وتصنيعها في قطاع غزة، من صواريخ ، وبنادق الغول ، والطائرات الشراعية، ومسيرات…. الخ من الانواع التي استخدمتها الحركة في الهجوم على غلاف غزة.
ومن جانب اخر كم من المرات تم مناقشة القضاء على حركة حماس في اروقة السياسة الاسرائيلية سواء في الكنيست او في مجلس الوزراء، وكان رد نتنياهو اذا اردتم منع قيام دولة فلسطينية يجب ان تبقى حركة حماس في غزة والحفاظ عليها، فقد شكلت هذه الرعاية دعما قويا من اجل اسناد الحركة واستقرار حكمها.
بعد السابع من اكتوبر ، رفض نتنياهو تشكيل اي لجنة تحقيق ، تبحث في العملية التي تمت، واسبابها، ومكونتها، وكيف وصلت حركة حماس الى هذه المرحلة حتى استطاعت ان تشن هذا الهجوم العسكري المتقدم لمليشيا مسلحة على غلاف غزة. كل المؤشرات تشير الى ان نتنياهو سيتحمل مسؤولية دعم الحركة ، بسبب ظنه ان هذا الدعم سوف يمنع المشروع الذي تحمله منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية في اقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس.
ان اي تحقيق رسمي أو لجنة فحص مستقبلية للحرب قد تضع أمام الرأي العام الإسرائيلي حقائق موثقة عن دوره في إبقاء حماس قوية، بهدف منع قيام دولة فلسطينية.
فان نتنياهو يدرك أن خصومه السياسيين في الداخل، من اليمين واليسار، قد يستخدمون هذا الملف كدليل على “سوء تقدير استراتيجي” أو حتى “خيانة أمنية.
على الساحة الدولية، أي اعتراف أو كشف موثق عن دوره في تمويل أو حماية حماس يمكن أن يُستخدم ضده في المحافل الدولية، خصوصًا مع اتهام إسرائيل نفسها حماس بارتكاب هجمات ضد مدنيين.
هذا كله يجعله يسعى لتغيير السردية عبر “حسم” غزة عسكريًا ليظهر بمظهر القائد الذي أنهى الخطر بدل من صانعه.
لسنوات، برّر نتنياهو استمرار حكم حماس بأنه “مصلحة استراتيجية” لأنه يضعف السلطة الفلسطينية ويمنع وحدة الصف الفلسطيني، لكن اليوم، بعد حرب 7 أكتوبر، أصبح يواجه سؤالًا محرجًا: إذا كانت حماس خطرًا وجوديًا، فلماذا لم تقضِ عليها عندما كنت قادرًا
نتنياهو يحرص على أن يسجل اسمه في التاريخ كـ”حامي إسرائيل”، ” “ملك اسرائيل “لكن أي رواية للتاريخ ستضع بجانبه حقيقة أنه ساهم في خلق وضع أمني خطير. لذا فان احتلال غزة بالنسبة له قد يكون محاولة لمحو هذه الصفحة من إرثه الشخصي.
اليوم، يحاول نتنياهو التخلص من هذا الارث الثقيل و قلب الصفحة التي كتبها بيده، لكن الطريق نحو ذلك محفوف بالمخاطر. فاحتلال غزة قد يمنحه فرصة للتخلص من عبء سياسي يلاحقه منذ 2007، لكنه في الوقت نفسه يذكر الإسرائيليين والعالم بأن السياسة التي تبناها آنذاك هي التي وضعت الأسس للواقع الحالي. وبين الرغبة في محو الماضي والواقع الميداني المعقد، قد يكتشف نتنياهو أن التخلص من عقدة دعم حركة حماس هو أصعب بكثير من صناعتها.