فلسطين

bbc تبرّر قتل أنس الشريف!

bbc تبرّر قتل أنس الشريف!

لم تقف جريمة اغتيال الصحافيين الفلسطينيين في غزة على قتلهم فحسب. قبل أشهر من العملية وصولاً إلى ما بعد حدوثها، يدأب متحدّثو قوات الاحتلال على مهاجمتهم إعلامياً لتبرير استهدافهم، خصوصاً الشهيد أنس الشريف.

علي سرور

لم تقف جريمة اغتيال الصحافيين الفلسطينيين في غزة على قتلهم فحسب. قبل أشهر من العملية وصولاً إلى ما بعد حدوثها، يدأب متحدّثو قوات الاحتلال على مهاجمتهم إعلامياً لتبرير استهدافهم، خصوصاً الشهيد أنس الشريف.

هذه الحملة الإعلامية الموجّهة من الاحتلال واكبتها شبكة «بي. بي. سي» البريطانية بكل حماسة، إذ اختارت أن تمنح دعاية الاحتلال مساحة واسعةً، مقدّمة مزاعمه كجزء «متوازن» من التغطية، كأنّ عرض رواية القاتل جنباً إلى جنب مع صرخة الضحية هو من صميم العمل الصحافي.

التقرير الذي بثّته الشبكة أخيراً، أشار إلى أنّ «جيش» الاحتلال اعترف باستهداف الشريف، ولكنه روّج لسرديات العدو بأنه «قائد خلية تابعة لحماس» استغل عمله الصحافي كغطاء.

بدورها، نفت «الجزيرة» هذا الزعم جملة وتفصيلاً، ووصفت الحادثة بأنها «اغتيال متعمّد» و«اعتداء صارخ على حرية الصحافة».

بالإضافة إلى ذلك، صرّح أنس الشريف مراراً وتكراراً أنّ ادعاءات العدو حوله زائفة، وبقي حتّى الرّمق الأخير ينشر على منصّة إكس الحقيقة التي تجري في غزة، وهذا ما أراد العدو اغتياله تحديداً، إسكات الصوت الأبرز في كشف هول الإبادة. لكنّ «بي. بي. سي» تجاهلت كل هذه الحقائق، مكتفيةً بعرض الموقفين على قدم المساواة، وكأن الحقيقة مسألة رأي شخصي، لا واقعة ميدانية موثقة.

دائماً ما اعتمدت لغة مموّهة عند الحديث عن جرائم الاحتلال

هذا النمط من التغطية ليس جديداً على الشبكة. دائماً ما اعتمدت «بي. بي. سي» لغة مموّهة ومفردات مخففة عند الحديث عن جرائم الاحتلال، ولكنها في هذه المرة تجاوزت ذلك إلى إعادة تدوير سرديته لتبرير قتل الصحافيين، بهدف إضعاف وقع الجريمة في الوعي العالمي، وتحويل القاتل من مجرم حرب إلى طرف «له روايته».

الأخطر أنّ هذه السردية تأتي في وقت تمنع فيه إسرائيل دخول الصحافيين الدوليين إلى غزة، ما جعل المراسلين الفلسطينيين، ومنهم الشريف، المصدر شبه الوحيد للحقائق الميدانية.

لهذا السبب يمعن الاحتلال منذ أكثر من 22 شهراً، في استهداف الإعلاميين ضمن حملة منظّمة لإسكات أي صوت يُظهر ما يجري في غزة. وبينما تعتمد خطّة الاحتلال على استهدافهم، ثم التشكيك في نزاهتهم، في خطوة مزدوجة لطمس الحقيقة، تكرّر «بي. بي. سي» مزاعم الاحتلال، لتُسهم في هذه الإستراتيجية، سواء بوعي أو تحت غطاء «الحياد».

الحياد في مواجهة الإبادة ليس مبدأً أخلاقياً، بل شكل من أشكال التواطؤ. وعندما يتحول «التوازن» إلى تمرير اتهامات القاتل بحق الضحية، يصبح الإعلام شريكاً في الجريمة، لا مجرد شاهد عليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب