تحقيقات وتقارير

لماذا ذهب المتطرف بن غفير إلى زنزانة الأسير مروان البرغوثي؟

لماذا ذهب المتطرف بن غفير إلى زنزانة الأسير مروان البرغوثي؟

سعيد أبو معلا

رام الله-

تحول فيديو مدته 12 ثانية ظهر فيه وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف ايتمار بن غفير برفقة الأسير الفلسطيني والقائد في حركة فتح مروان البرغوثي من مصدر لاستعراض القوة للوزير الإسرائيلي ومحاولة إظهار الأسير في حالة من الإذلال إلى أكبر عملية احتفاء بالأسير البرغوثي، وإلى وثيقة بصرية تكشف طبيعة الإجراءات التي تمارسها إدارة السجون بحق الأسرى الفلسطينيين.

وكانت القناة العبرية السابعة، قد كشفت مساء أمس، أن بن غفير زار القيادي في حركة “فتح” داخل سجنه في “غانوت”، ووجه له تهديدات مباشرة بالقتل قائلا: “من يقتل أطفالنا أو نساءنا سنمحوه.. أنتم لن تنتصروا علينا”.

وظهر في الفيديو القصير بن غفير يهدد البرغوثي في أول فيديو يُشاهد للزعيم الفلسطيني منذ سنوات، حيث ظهر السياسي الإسرائيلي اليميني المتطرف بن غفير وهو يقول: “لن تنتصروا علينا. من يؤذي شعب إسرائيل، من يقتل الأطفال، من يقتل النساء… سنمحوهم”.

ظهر في الفيديو القصير بن غفير يهدد البرغوثي في أول فيديو يُشاهد للزعيم الفلسطيني منذ سنوات

ولا يقدم الفيديو المجتزأ رد البرغوثي على تهديدات بن غفير وهو ما عزز من كونه وسيلة دعائية من اجل حشد أكبر دعم له من عناصر اليمين الإسرائيلي.

بدورها زوجة البرغوثي، فدوى، ناشدj المجتمع الدولي حمايته، حيث رأت في الفيديو وعملية تهديد الزعيم الفلسطيني مروان البرغوثي في زنزانته بمثابة تهديد لحياته.

ويعتبر البرغوثي بمثابة الزعيم السياسي الأكثر شعبية في فلسطين، حيث أمضى السنوات الـ 23 الماضية في السجن بعد محاكمة لاقت انتقادات واسعة لانتهاكها القانون الدولي.

فرضت المملكة المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والنرويج عقوبات على بن غفير بسبب تحريضه المتكرر على العنف.

وكتبت البرغوثي، إلى زوجها مباشرةً ردًا على الفيديو: “لم أتعرف عليك ولا على ملامحك، وربما جزء مني لا يريد الاعتراف بكل ما يُعبّر عنه وجهك وجسدك مما عانيته أنت والأسرى”.

وتابعت قائلة على صفحتها الشخصية على “الفيسبوك”: “ما زالوا يا مروان يطاردونك ويلاحقونك حتى بعد 23 عامًا في السجن وفي الزنزانة الانفرادية التي تعيش فيها منذ عامين”.

وقالت: “بعرف روحك وعزيمتك وبعرف انك تبقى حر وحر وحر ما بيهمك الا هم شعبك وانهاء معاناته اللي وصلت حدود السما في غزة وتحقيق حريته وحفظ كرامته. أعلم أن الشيء الوحيد الذي يؤلمك هو عجزك عن حماية أطفال فلسطين”.

كما وعبرت عائلة الأسير البرغوثي، عن خشيتها من “إعدامه” داخل الزنزانة، بقرار من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، بعد تهديده في سجنه.

وأضافت العائلة في بيان صحافي: “مصدومون من تغير ملامح وجه مروان، والإنهاك والجوع الذي يعيشه”.

وفي المقابل، وبعد زيارة الوزير بن غفير لزنزانة البرغوثي غرّد عضو الكنيست عوفر كسيف (ناشط يساري) قائلاً: “لن يكون اليوم الذي تنقلب فيه الأدوار بعيدًا. الكاهاني البائس خلف القضبان، والبرغوثي يكون بقيادة الدولة الفلسطينية المستقلة قريبا”.

ومنذ تسلم بن غفير مهامه نهاية 2022 وزيرا للأمن القومي تراجعت أوضاع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بشكل خطير.

ردود غاضبة

وفي ذات السياق، اعتبر رئيس نادي الأسير الفلسطيني، عبد الله الزغاري، أن تهديد الوزير الفاشي إيتمار بن غفير للقائد الوطني مروان البرغوثي، يشكل إعلانًا واضحًا عن نوايا الاحتلال في تصفيته واغتيال القادة القابعين في سجونه، في ظل ما يتعرض له الأسرى من جرائم غير مسبوقة منذ بدء حرب الإبادة.

وحمل رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، رائد أبو الحمص، بن غفير، المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير البرغوثي.

وقال: “ما صدر عن بن غفير يمثل تهديداً علنياً وتجاوزاً لكل الخطوط الحمراء، داعياً الشعب الفلسطيني للتضامن مع البرغوثي، والمجتمع الدولي للتحرك العاجل لتوفير الحماية له”.

ووصف مكتب إعلام الأسرى الفلسطيني المشهد المصور بأنه “مشهد يكشف عقلية الانتقام”.

يعد مروان البرغوثي، المحكوم بخمس مؤبدات في السجون الإسرائيلية منذ عام 2002، أبرز قيادات حركة “فتح” وأحد أبرز رموز الحركة الأسيرة الفلسطينية.

وبات يلاحظ الانخفاض الكبير في أوزان الأسرى بسبب السياسة التي فرضها بن غفير في السجون.

وفي 17 يوليو/تموز الماضي، تفاخر بن غفير، بتجويع الأسرى الفلسطينيين في السجون، وذلك عندما وصل إلى المحكمة العليا لحضور جلسة استماع بشأن التماس جمعية حقوق المواطن (حقوقية)، حول ظروف معيشة واحتجاز الأسرى الفلسطينيين.

دلالات الزيارة

وتساءل الخبير في الشأن الإسرائيلي ياسر مناع: “لماذا ذهب بن غفير إلى مروان؟” وحاول الإجابة قائلا: تعددت التفسيرات حول الفيديو الذي ظهر فيه وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، داخل زنزانة الأسير مروان البرغوثي. لكن السؤال الجوهري يبقى: ما التطورات الأخيرة التي قد تفسر هذا المشهد؟”.

وتابع في حديثه لـ”القدس العربي”: “إذا كان الهدف مرتبطًا بصفقة تبادل أسرى، فإن بن غفير معروف بمعارضته الصريحة لهذه الصفقات. وإذا كانت الغاية إيصال رسالة، فهي بالفعل جزء من الهدف العام”.

وشدد على أنه قبل أسابيع، نُشر مقطع مصوَّر لأسير في غزة بدا فيه نحيل الجسد، منهك القوى، وعليه آثار التعب الشديد. هذا المشهد أثار الرأي العام الإسرائيلي، وترك أثرًا داخل أروقة الحكومة، رغم صمتها العلني.

وشدد على أن رد بن غفير جاء عبر مقطع آخر، نُشر بطريقة التسريب المقصود، “يظهر فيه أبو القسام بجسد نحيل وقوى منهكة، في عزله الانفرادي، يواجه التهديد والموت”.

وأضاف: “كانت الرسالة أن تبقى هذه الهيئة غير المألوفة، كصورة عالقة في الذاكرة الجمعية، رغم مكانته الحالية وإمكان لعبه دورًا سياسيًا محوريًا في المستقبل”.

أما تصريحات بن غفير المصاحبة للمشهد، فجاءت لتؤكد الرسالة التي تسعى إسرائيل إلى ترسيخها من خلال هذه الحرب، وتعزز أبعادها الرمزية بحسب مناع.

الباحث في العلوم السياسية صبيح صبيح فاعتبر الفيديو جزءا من العمل الممنهج لكسر صورة الأسير الفلسطيني

أما الباحث في العلوم السياسية صبيح صبيح فاعتبر الفيديو جزءا من العمل الممنهج لكسر صورة الأسير الفلسطيني.

وتابع: “هنالك عمل ممنهج لكسر صورة الأسير واقتحام زنزانة مروان البرغوثي جزء من هذا العمل. لقد تم الضغط على الناس حتى لا يتصلوا بمن تم الافراج عنهم في الصفقات، بل وملاحقة من ذهب للتهنئة بتحريرهم. ملاحقة تضمنها الضغط لوقف مخصصات الاسرى وتحويل الموضوع الى بند المساعدات الاجتماعية. هو نزع لرمزية الاسير كما حصل مع موضوع اللاجئين حين استبيحت المخيمات حتى على المستوى المادي”.

وقال صبيح: “الشهادات من الاسر تؤكد الانتهاكات ومنها الجنسية بحق الاسرى من اجل كسرهم. سواء كان ذلك من اجل كسرهم مسبقا في حال تحريرهم او التبخيس من ثمن صفقة تحريرهم حال حصولها مقابل الثمن “تدمير كامل لقطاع غزة”، كل هذا يشي بالقدر الذي يعطيه الكيان للرمز والصورة والمأزق الذي يعيشه. وخلص قائلا: “لا تقتلوا رموزكم، ولا تقللوا من شأن الصورة، مروان هنا صورتنا جميعا كما هي صورة طوابير الذل على المساعدات في غزة. لا تسمحوا لهم بان يكسرونا”.

وبحسب الخبير في الشأن الإسرائيلي محمد علان دراغمة فإن المشهد يعكس محاولة من بن غفير للبحث عن صورة نصر بائسة يروجها عبر منصاته على شبكات التواصل الاجتماعي، وعبر إعلام اليمين المتطرف، في ظل فشله في كل ما يتعلق بالأمن الداخلي في دولة الاحتلال.

وأضاف: “ربما ما قاله بن غفير للأسير البرغوثي من رسالة تهديد له ولبقية الأسرى خاصة ذوي الأحكام العالية قبيل الإفراج المحتمل عنهم في صفقة تبادل أسرى قادمة، بأن دولة الاحتلال لن تتركهم حتى بعد الإفراج عنهم، وإن الإفراج عنهم لن يكون نصرا على الاحتلال”.

تواريخ مهمة

في 15 أبريل/نيسان 2002، قبض جنود إسرائيليون متنكرون في سيارة إسعاف على مروان من رام الله ونقلوه إلى إسرائيل، في انتهاك لاتفاقيات جنيف.

لم يُسمح لأي صحافي دولي بزيارته منذ عام 2006، وزيارات المحامين نادرة للغاية، والزيارات العائلية شبه معدومة.

أكتوبر/تشرين الأول 2023 – وُضع البرغوثي في الحبس الانفرادي ونُقل مرارًا وتكرارًا بين أربعة سجون إسرائيلية مختلفة على الأقل – عوفر، والرملة، وأوهلاي كيدار، وفي النهاية مجدو. أفاد نجل البرغوثي، عرب، أن مدير السجن أمر والده بالركوع؛ وعندما رفض، أُجبر على الجلوس – مما أدى إلى خلع في الكتف.

ديسمبر/كانون الأول 2023 – أفاد فريقه القانوني بتعرض البرغوثي للضرب عدة مرات أثناء احتجازه في سجن أيالون، بما في ذلك جره عاريًا على الأرض أمام سجناء آخرين.

فبراير/شباط – مارس/آذار 2024 – نُقل إلى الجناح الانفرادي في سجن الرملة، مع استمرار تنقلاته المتكررة بين السجون. وصفت جماعات حقوق الإنسان هذه الإجراءات بأنها عقابية مرتبطة بحرب غزة.

مارس/آذار 2024 – أفادت التقارير أن البرغوثي سُحب مكبل اليدين إلى منطقة خالية من الكاميرات في مجدو، وتعرض للضرب المبرح حتى فقد وعيه. وأصيب بكدمات في وجهه وظهره وساقيه وقدمه اليمنى.

مايو/أيار 2024 – وصفه محاميه بأنه ضعيف جسديًا: يعاني من فقدان واضح للوزن، وضعف في الرؤية في عينه اليمنى، وتدهور عام في صحته.

سبتمبر/أيلول 2024 – تعرض البرغوثي لاعتداء عنيف آخر أثناء وجوده في الحبس الانفرادي في مجدو. وأفادت التقارير أنه عانى من كسور في الضلوع، وإصابات في الأطراف، ونزيف في الأذن اليمنى، وآلام في الظهر، والتهاب ناتج عن جروح لم تُعالج.

أكتوبر/تشرين الأول 2024 – حظيت محنته باهتمام دولي، حيث حذّر مسؤولو فتح إسرائيل من مؤامرة محتملة لتصفيته. وشجبت منظمات حقوق الإنسان الاعتداءات باعتبارها إيذاءً متعمدًا لسجين بارز.

أواخر 2024 – أوائل 2025 – أعرب مسؤولون أمريكيون وحكومات شرق أوسطية عن مخاوفهم بشأن معاملته، وحثوا إسرائيل على إجراء تحقيقات شفافة في مزاعم إساءة معاملته ذات المصداقية.

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب