الصحافه

مجلة أمريكية: لماذا لن تستطيع مصر انتقاد إسرائيل لعقدين آخرين على الأقل؟

مجلة أمريكية: لماذا لن تستطيع مصر انتقاد إسرائيل لعقدين آخرين على الأقل؟

واشنطن ـ

نشرت موقع مجلة “ريسبونسبل ستيتكرافت” (إدارة الدولة المسؤولة) التابعة لمعهد “كوينسي لإدارة الدولة المسؤولة” الأمريكي، تقريرا بعنوان: “لماذا لا تستطيع مصر انتقاد إسرائيل لعقدين آخرين على الأقل؟”، أعده الفاضل إبراهيم أكد فيه على أن ما كشفته شركة الطاقة الإسرائيلية “نيو ميد إنرجي”، مؤخرا، عن صفقة قياسية لتوريد الغاز الطبيعي إلى مصر حتى عام 2040 بنحو 35 مليار دولار، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف وارداتها الحالية، يؤثر على قرار مصر تجاه الاحتلال الإسرائيلي.

وقال إنه مع أن المسؤولين المصريين سارعوا إلى تصوير الصفقة ليس كاتفاق جديد بل كـ “تعديل” على اتفاقية 2019، إلا أن حجمها الهائل، الأكبر في تاريخ صادرات إسرائيل، يشير إلى اعتماد متزايد وخطير عليها لتلبية احتياجات الطاقة.

وأشار الباحث إلى أن الصفقة تدفع بحكومتين مترابطتين بعمق نحو مصالح سياسية متبادلة، وإن كانت غير متكافئة، فبالنسبة لرئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، توفر الصفقة الطاقة اللازمة لتجنب اضطرابات داخلية، بينما تحقق حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فوائد ضخمة، إذ تؤمن تدفقًا طويل الأجل للإيرادات وتؤكد مكانة إسرائيل كلاعب طاقي حيوي في شرق البحر المتوسط، إلى جانب انتصار استراتيجي بربط أكبر دولة عربية من حيث السكان.

مع أن المسؤولين المصريين سارعوا إلى تصوير الصفقة ليس كاتفاق جديد بل كـ “تعديل” على اتفاقية 2019، إلا أن حجمها الهائل، الأكبر في تاريخ صادرات إسرائيل، يشير إلى اعتماد متزايد وخطير عليها لتلبية احتياجات الطاقة

واعتبر التقرير أن الصفقة تمثل مكسبًا لإسرائيل، لكنها نتاج وضع صعب لمصر. فخطوات القاهرة مدفوعة بضرورة داخلية حتمية: الحفاظ على استمرار تشغيل الكهرباء، ففي السنوات الأخيرة، تراجع إنتاج مصر من الطاقة بشكل ملحوظ، وبعد أن كانت مصدرًا صافياً للغاز الطبيعي المسال، شهدت البلاد انخفاضًا مستمرًا في الإنتاج بينما يواصل الطلب المحلي، المدفوع بعدد سكان يزيد على 110 ملايين نسمة، ارتفاعه، وكانت العواقب شديدة، إذ أدت موجات الحرارة الشديدة في الصيف إلى انقطاعات متكررة في الكهرباء، مما شل الأعمال وأغرق الرأي العام في استياء واسع.

وأضاف أن حكومة السيسي تدرك أن الاستقرار السياسي مرتبط مباشرة بشبكة الكهرباء، وكما اعترف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السنة الماضية، فإن تجنب الانقطاعات الكهربائية يشكل ضرورة أساسية، وفي الواقع، ترسم الأرقام، كما ذكرت وكالة بلومبيرغ ومبادرة بيانات المنظمات المشتركة، صورة قاتمة لمصر: عجز يومي في الغاز بمليارات الأقدام المكعبة، وفاتورة واردات الطاقة التي يُتوقع أن ترتفع نحو 3 مليارات دولار شهريًا. كما أن استيراد الغاز الطبيعي المسال مكلف للغاية، وكما أشار المسؤولون المصريون، يظل الغاز الإسرائيلي الموصل عبر خط الأنابيب البديل الأرخص والأكثر موثوقية، حتى مع زيادة بنسبة 14.8 بالمئة عن الصفقة السابقة.

وقد أجبرت هذه المعطيات الحكومة على التحرك: ففي أيار / مايو الماضي، أدى توقف صيانة مخطط لحقل ليفياثان الإسرائيلي إلى تقليص الإمدادات لصناعات الأسمدة والبتروكيماويات الحيوية في مصر. واختارت الحكومة المخاطرة بالتعطيل الصناعي بدل مواجهة رد فعل شعبي بسبب انقطاعات الكهرباء السكنية، وهو مؤشر واضح على أولوياتها.

واعتبر التقرير أن هذا الاعتماد المتزايد على الطاقة يؤثر سلبا على دور مصر التاريخي كوسيط عربي رئيسي في القضية الفلسطينية، فقدرة القاهرة على ممارسة ضغط فعّال على إسرائيل محدودة بشكل أساسي بسبب إمكانية إسرائيل – وقدرتها السابقة – على إيقاف إمدادات الغاز لأسباب أمنية وتشغيلية.

وأشار إلى أن تراجع مفاوضات وقف إطلاق النار ومحدودية نفوذ القاهرة على إسرائيل أو حماس قلّص دور مصر إلى مجرد إدارة تداعيات الصراع، مع حملة صارمة للسيطرة على السرد السياسي وفرض القمع داخليا.

وتجلّى ذلك بعد مناشدة خليل الحيّة الشعب المصري مباشرة لضمان “ألا تموت غزّة جوعًا”، ما اعتُبر اتهامًا ضمنيًا للدولة ومحاولة لخلق ضغط شعبي. ومن جهتها، ردّت القاهرة بحملة إعلامية صارمة، حيث دان ضياء رشوان خطاب الحيّة، وشارك الإعلام الموالي الحكومة في التنديد بحماس واتهامها بـ “الخيانة”. كما أُجبرت مؤسسة الأزهر على سحب بيان يدين المجاعة في غزّة تحت ضغوط الرئاسة.

ووفق الكاتب فتلك الخطوة تكشف عن خوف عميق من أي سرد يربط مصر بمعاناة غزّة عبر سيطرتها الجزئية على معبر رفح. وتصر القاهرة رسميًا على أنها لا تستطيع التحرك بشكل أحادي بسبب اتفاقيات أمنية مع إسرائيل، لكن مع تفاقم الأزمة الإنسانية تتزايد الدعوات لتجاوز هذه البروتوكولات وتسريع وصول المساعدات إلى القطاع المحاصر.

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب