فلسطين

نتنياهو يناور بغطاء أميركي غزة تترقّب مصير مشروع الهدنة

نتنياهو  يناور بغطاء أميركي غزة تترقّب مصير مشروع الهدنة

في ظلّ انتظار الردّ الإسرائيلي على المقترح المصري – القطري المعدّل الذي وافقت عليه حركة «حماس» قبل يومين، شهدت الساعات الأخيرة اتصالات مكثّفة على المستويَين الاستخباراتي والدبلوماسي، من أجل الضغط على تل أبيب للموافقة على المقترح، الذي ترى فيه الجهات الوسيطة صيغة متوازنة بين مطالب إسرائيل التي اتُّخذت ذريعةً لاستمرار الحرب، وبين شروط «حماس» الأساسية. ورغم أنّ المقترح الجديد لا يبتعد كثيراً عمّا وافقت عليه إسرائيل قبل أسابيع، فإنّ غموض الموقف الأميركي، الذي يعتبره الوسطاء محورياً في ترجيح كفّة الموافقة، لا يزال يثير الشكوك.

وإذ أعلن «البيت الأبيض» استمرار مناقشة المقترح الذي وافقت عليه «حماس»، فإنّ المتحدّثة باسمه، كارولين ليفيت، لم تُبدِ موقفاً واضحاً، وعلّقت بطريقة أثارت الاستغراب، قائلة إنّ قبول «حماس» للعرض الأخير قد يكون مرتبطاً بتغريدة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس، كتب فيها: «لن نرى إطلاق سراح الأسرى إلا عندما يتمّ تدمير حماس».

إزاء ذلك، رجّحت مصادر دبلوماسية مصرية أنّ يؤدّي غياب الضغط الأميركي الحقيقي إلى إفشال التوصّل إلى اتفاق جديد، مشيرة إلى أنّ «إسرائيل قد تلجأ مجدّداً إلى اختلاق عقبات تعيق توقيع الصفقة». وعليه، تعمل القاهرة، بالتعاون مع الوسيط القطري، على تكثيف التواصل مع الجانب الأميركي بهدف إقناعه بالانخراط الجادّ في دعم المقترح الجديد. ووفقاً لمصدر مصري تحدّث إلى «الأخبار»، فإنّ الجهود الدبلوماسية تتركّز على «شرح التعقيدات التي تحول دون إتمام صفقة شاملة فوراً»، ومنها الصعوبات اللوجستية التي تعترض طريق «حماس»، بالإضافة إلى عدم التمكّن من الوصول إلى أماكن جميع الأسرى في خلال القتال.

وفي السياق نفسه، ينشط اللواء أحمد عبد الخالق، مسؤول ملف فلسطين في «المخابرات العامة» المصرية، في إدارة اتصالات مكثّفة للترويج للاتفاق كونه «المسار الأخير» الممكن نحو التهدئة، ودرء خطر الانزلاق إلى تصعيد مفتوح. وتؤكّد المصادر أنّ هذه الاتصالات لا تقتصر على «حماس»، بل تشمل فصائل فلسطينية أخرى وأطرافاً دولية، وقد قطعت شوطاً كبيراً نحو بلورة «توافق داخلي على آلية إدارة قطاع غزة بعد الحرب»، في حين يُنتظر أن يَصدر مرسوم من رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، يُعلن تشكيل «لجنة المساندة الاجتماعية» من 15 اسماً تم التوافق عليهم مبدئياً، لتكون هذه اللجنة مسؤولة عن إدارة القطاع في مرحلة ما بعد الحرب.

تل أبيب قد تسلّم ردّها بحلول يوم الجمعة

وفي المقابل، تتفاوت التقديرات الإسرائيلية في شأن احتمالات القبول بالمقترح الجديد. إذ أفادت مراسلة قناة «القناة 13» العبرية، موريا أسراف، بأنّ رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عقد، أمس، مشاورات متواصلة مع طاقمه التفاوضي وقيادات أمنية. ووفقاً لمصادر مطّلعة، فإنّ «نتنياهو يتمسّك بإبرام صفقة شاملة وليس جزئية»، علماً أنّ الطرح الحالي لا يختلف كثيراً عن ذلك الذي وافقت عليه حكومته قبل نحو ثلاثة أسابيع، والفوارق فيه طفيفة جداً.

ورغم تشدّد نتنياهو الظاهري، تشير مصادر «القناة 12» العبرية إلى أنّ احتمال موافقة إسرائيل على المقترح الذي يُعرف بـ«مقترح ويتكوف» يفوق احتمال الرفض، مع تأكيد هذه المصادر أنّ «العرض لا يُعدّ صفقة جزئية، بل المرحلة الأولى من اتفاق شامل». ويقضي هذا العرض، في حال إقراره، بوقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً، مع انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من عمق القطاع إلى مسافة تتراوح بين 800 متر وكيلومتر واحد عن السياج الأمني، وسيطرة إسرائيلية كاملة على «محور فيلادلفيا»، فيما لا يزال مصير محور «موراج» ومعبر رفح غير محسوم. وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإنّ إسرائيل قد تقدّم ردّها الرسمي على المبادرة بحلول يوم الجمعة، ما يجعل الساعات المقبلة حاسمة في تقرير مسار الحرب.

وفي خضمّ ذلك، يتزايد الحديث في المؤسسة الأمنية والعسكرية في إسرائيل عن خيار احتلال مدينة غزة، في حال تعثّر المسار السياسي أو حتى بالترافق معه. وبحسب قناة «كان» العبرية، فإنّ «نتنياهو لم يغلق الباب نهائياً أمام صفقة جزئية، لكنه لا يزال يفضّل إطلاق العملية العسكرية»، في حين أعلن وزير الجيش، يسرائيل كاتس، عن اجتماع ضمّه، أمس، إلى رئيس هيئة الأركان، إيال زامير، إلى جانب كبار الضباط في وزارة الجيش للمصادقة على خطط احتلال مدينة غزة.

ويأتي هذا في وقت يستعدّ فيه جيش الاحتلال لتنفيذ عملية برّية موسّعة تعتمد على القوات النظامية، إلى جانب استدعاء نحو 50 ألف جندي احتياط. وتشمل خطة الاحتلال إجلاء قرابة 850 ألف مدني غزّي، وإنشاء عشرات مراكز الإغاثة، ثم تنفيذ عمليات برّية فوق الأرض وتحتها.

لكن بحسب «القناة 12»، فإنّ المنظومة الأمنية تسودها تحذيرات من أنّ «احتلال غزة يمثّل مقامرة ثقيلة»، إذ «ليس واضحاً كيف ستتطوّر المرحلة القادمة من العملية في القطاع، وليس مؤكّداً أنه يمكن حسم المعركة مع حماس، ولا مضموناً أنّ مثل هذه الخطوة ستؤدّي فعلاً إلى صفقة شاملة». لذلك، بحسب القناة، في النهاية، سيتعيّن على رئيس الوزراء أن «يقرّر ما إذا كان سيخوض هذه المقامرة، أم أنه في نهاية المطاف سيحاول استنفاد المسار، وإرسال وفد يناقش تفاصيل الصفقة في محاولة لإتمامها».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب