الصحافه

لوموند: هكذا يستخدم نتنياهو تاريخ معاداة السامية لمواجهة اتهامات المجاعة في غزة

لوموند: هكذا يستخدم نتنياهو تاريخ معاداة السامية لمواجهة اتهامات المجاعة في غزة

باريس-

تحت عنوان: “أسطورة الدم”.. كيف يستخدم نتنياهو تاريخ معاداة السامية لمواجهة اتهامات المجاعة في غزة، توقفت صحيفة “لوموند” الفرنسية عند تقرير الـIPC – وهو تجمع من منظمات غير حكومية ووكالات دولية تحت مظلة الأمم المتحدة – الصادر هذا الجمعة 22 أغسطس/آب، والذي يؤكد وجود أزمة غذائية كبرى. وتعود هذه الأزمة إلى فترات طويلة من الحصار، وهي سياسة تتحملها إسرائيل، حتى وإن كانت حكومتها تدّعي العكس وتتهم حركة حماس بـ“حملة تجويع منسقة”. ترى إسرائيل أنها ضحية لحملة منسقة يشارك فيها كل من حماس، ومنظمات غير حكومية، والأمم المتحدة، وكبريات وسائل الإعلام الدولية. هذا هو مضمون رد حكومة بنيامين نتنياهو على الاتهامات الخطيرة جداً التي وجهها خبراء الـIPC.

وتحت النيران الإسرائيلية منذ أكثر من اثنين وعشرين شهراً – تضيف “لوموند”- تعيش غزة أزمة غذائية كبرى بحسب الـIPC، مؤكدةً بذلك الشهادات العديدة لسكانها، وصحافيين فلسطينيين، وأطباء، وعاملين إنسانيين داخل القطاع. وحتى تاريخ 15 أغسطس/آب الجاري، كان أكثر من 500 ألف غزّاوي، غالبيتهم في شمال القطاع، في حالة مجاعة، تُعرّف بمستويات قصوى من سوء التغذية، والفقر، والموت، وفقاً لتوصيف التقرير.

ترى إسرائيل أنها ضحية لحملة منسقة يشارك فيها كل من حماس، ومنظمات غير حكومية، والأمم المتحدة، وكبريات وسائل الإعلام الدولية

«المجاعة سباق مع الزمن. وقف إطلاق النار الفوري وإنهاء النزاع أمران أساسيان للسماح بتدخل إنساني واسع النطاق ودون عوائق لإنقاذ الأرواح»، حذّر خبراء الـIPC، راسمين صورة لوضع كارثي، في وقت توجد فيه مخزونات من الغذاء والدواء على بُعد كيلومترات قليلة من القطاع.

جميع وكالات الأمم المتحدة، ومعظم المنظمات الإنسانية الكبرى، دعمت وأعادت نشر استنتاجات الـIPC، مشيرة إلى خطورة الاتهامات التي ستعزز الإجراءات القانونية الجارية ضد إسرائيل أمام المحاكم الدولية. ووفق وزارة الصحة في غزة، قُتل أكثر من 62 ألف شخص منذ بداية الحرب.

وتابعت “لوموند” التوضيح أن هذه الأزمة الإنسانية يُتوقّع أن تتفاقم أكثر بحلول نهاية سبتمبر/أيلول المقبل، بعدما بدأت القوات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة حصار مدينة غزة. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، يوم الجمعة: «قريباً ستُفتح أبواب الجحيم على قتلة ومرتكبي اغتصاب حماس»، مهدداً بمسح المدينة. وبالإضافة إلى 500 ألف إنسان في حالة مجاعة، هناك مليون فلسطيني في حالة طوارئ، وحوالي 400 ألف آخرين في حالة أزمة، بحسب الـIPC، حتى قبل احتمال موجات تهجير جديدة.

حصار كامل أو شبه كامل

المعاناة التي تُلحق بالأطفال الصغار، الأكثر هشاشة في مراحل نموهم، قد تكون هائلة – تتابع “لوموند”. حول هذه النقطة يوضح تقرير الـIPC: بحلول يونيو/ حزيران عام 2026، من المتوقع أن يعاني ما لا يقل عن 132 ألف طفل تحت سن الخامسة من سوء تغذية حاد، يواجه أكثر من 41 ألف منهم خطر وفاة مرتفعا. كما ستحتاج نحو 55 ألف امرأة حامل أو مرضعة إلى مساعدة غذائية عاجلة.

في إشارة إلى انعدام الأمن الغذائي غير المسبوق، خاطر آلاف الغزاويين بحياتهم خلال الأسابيع الأخيرة في محاولة للحصول على الطعام من مراكز التوزيع التي تديرها مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) بمساعدة الجيش الإسرائيلي. وقد قُتل أكثر من 1900 شخص، بحسب وزارة الصحة في غزة.

ويعود تفشي المجاعة، كما أكد الـIPC، إلى فترات الحصار الكاملة أو شبه الكاملة، وهي سياسة تحملتها إسرائيل على أعلى المستويات، حتى وإن أنكرت ذلك اليوم. ففي الأيام الأولى بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، أعلن وزير الدفاع آنذاك يوآف غالانت مبرراً إغلاق القطاع: “لا كهرباء، لا طعام، لا ماء، لا وقود. كل شيء مغلق. نحن نقاتل وحوشاً بشرية ونتصرف على هذا الأساس”. كما دافع وزراء وأعضاء في الكنيست علناً عن فكرة استخدام سلاح التجويع بعد 7 من أكتوبر، تذكّر “لوموند”.

يعود تفشي المجاعة، كما أكد الـIPC، إلى فترات الحصار الكاملة أو شبه الكاملة، وهي سياسة تحملتها إسرائيل على أعلى المستويات، حتى وإن أنكرت ذلك اليوم

وقد تفاقمت الأزمة الغذائية بسبب تدمير الموارد الزراعية المحلية. وقالت منظمة “بتسيلم” الحقوقية الإسرائيلية في تقرير صدر أواخر تموز/يوليو بعنوان “إبادتنا”، إن “إسرائيل، بالإضافة إلى عرقلة المساعدات، دمرت بشكل ممنهج البنية التحتية الأساسية التي كانت تسمح بإنتاج الغذاء في غزة”. وبحسب آخر تقييم للأمم المتحدة، لم يتبق سوى أقل من %5 من الأراضي الزراعية قابلة للوصول والاستغلال في كامل القطاع.

الحرب المعلوماتية

“لوموند” اعتبرت أن الردود الإسرائيلية على اتهامات المجاعة تأخذ ثلاثة اتجاهات. أولاً، تفنيد الوضع الموصوف في غزة بنداً بنداً. فقد وصف كوغات (منسق أنشطة الحكومة في الأراضي) التقرير بأنه “كاذب ومنحاز”، مشيراً يوم الجمعة إلى زيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية خلال الأسابيع الأخيرة – وهو اعتراف ضمني بالنقص الحاد بين شهري مارس/آذار ويوليو/تموز. وتؤكد الإدارة المسؤولة عن الأراضي المحتلة أن الأرقام المستخدمة تقلل من حجم الغذاء الذي تم إدخاله. أما أوجه القصور على الأرض فترجع، بحسبها، إلى تقصير أو سوء نية من الأمم المتحدة، فضلاً عن أعمال النهب العديدة.

المستوى الثاني من الرد يتمثل في التركيز على ما وصفه بنيامين نتنياهو يوم الجمعة بـ“حملة الجوع” التي ”تنسقها” حماس، بهدف الإضرار بصورة إسرائيل دولياً، وبالتالي تعزيز موقف الحركة في المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار. ويكرر رئيس الوزراء أن بلاده تخوض حرباً على جبهات عدة – ضد حماس، وحزب الله، وإيران، وسوريا، والمتمردين الحوثيين في اليمن، والضفة الغربية – بالإضافة إلى جبهة الحرب المعلوماتية.

هذا الطرح عن “حملة” تنظمها حماس يلقى صدى واسعاً في وسائل الإعلام الإسرائيلية منذ أسابيع، وتدعمه مراكز بحث مقربة من الحكومة أو الجيش.

حكومة في موقع الدفاع

المستوى الثالث من الرد يقوده شخصياً بنيامين نتنياهو منذ أسابيع، إذ يختار إدراج الاتهامات الموجهة إلى سياسته في التاريخ الطويل لمعاداة السامية. فبحسب رئيس الوزراء، فإن إسرائيل ضحية، من خلال الاتهامات الواردة في تقرير الـIPC، لـ“أسطورة دم حديثة” (بالإنكليزية: “Blood libel”)، في إشارة إلى الروايات التي راجت في العصور الوسطى والتي اتهمت اليهود بقتل الأطفال غير اليهود لاستخدام دمائهم في طقوس دينية.

فمن حكومة متهمة بالمسؤولية عن مجاعة – تقول “لوموند” – يصوّر نتنياهو دولةً، بل وديناً، ضحيةً للأحكام المسبقة المعادية لليهود. وصرح قبل أيام قائلا: “ما اتُّهم به الشعب اليهودي في العصور الوسطى والقرون اللاحقة، هو ما يُتهم به اليوم الشعب اليهودي ودولته”

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب