عربي دولي

محادثات إيرانية – أوروبية اليوم: نحو إرجاء تفعيل «آلية الزناد»

محادثات إيرانية – أوروبية اليوم: نحو إرجاء تفعيل «آلية الزناد»

تسعى محادثات إيران وأوروبا في جنيف لتأجيل تفعيل «آلية الزناد»، مع بروز مرونة إيرانية مشروطة، مقابل ضغوط أوروبية وتحذيرات المرشد من الاستسلام لواشنطن.

محمد خواجوئي

طهران | تُعقد جولة محادثات إيرانية – أوروبية (بريطانيا، ألمانيا وفرنسا)، في جنيف اليوم، يبدو أنّ نتيجتها ستوضح ما إذا كانت الدول الأوروبية ستذهب في اتّجاه تفعيل آلية العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية على إيران وفقاً للقرار 2231، أم أنها سترجئ هذا الإجراء إلى وقت لاحق. واتُّفق، في أثناء الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظرائه الأوروبيين، على إجراء الجولة على مستوى مساعدي وزراء الخارجية، علماً أنّ جولة سابقة عُقدت، الشهر الماضي، في مدينة إسطنبول التركية.

وكانت الدول الأوروبية الثلاث هدّدت إيران بتفعيل الآليّة المذكورة، في حال: لم تستأنف مفاوضاتها مع واشنطن للتوصّل إلى اتفاق نووي، لم تسمح لمفتّشي «الوكالة الدُّولية للطاقة الذّرية» بزيارة مواقعها النووية مجدّداً، ولم تعطِ إجابات واضحة حول مخزونها من اليورانيوم المخصّب. وتأسيساً على قرار مجلس الأمن الدُّولي الرقم 2231، فإنه في حال عدم رضا أحد أطراف «خطّة العمل الشاملة المشتركة» (الاتفاق النووي) عن سيرها، يكون في مقدوره التمهيد للعودة التلقائية إلى عقوبات الأمم المتحدة؛ علماً أنّ واشنطن لا تستطيع السير في هكذا إجراء كونها انسحبت أصلاً من الاتفاق.

وفي الاتصال الذي جمعه إلى نظرائه الأوروبيين، الجمعة الماضي، اعتبر عراقجي أنّ الآليّة المشار إليها لا تتمتّع بأيّ صلاحية قانونية أو أخلاقية، محذّراً من العواقب المحتملة لأيّ محاولة لتفعيلها، وإنْ شدّد على أنّ تمديد مهلة تفعيلها لعدّة أشهر، فسحاً في المجال أمام الديبلوماسية، «يجب أن يتمّ عبر مجلس الأمن»، فيما حذّرت الدول الأوروبية من أنّ «المهلة الديبلوماسية لتسوية القضيّة النووية محدودة».

وممّا لفت في المكالمة، تغيّر لهجة عراقجي إزاء الاقتراح الأوروبي بتمديد القرار 2231 (تمديد مهلة تفعيل الآلية)، والذي سبق أن عارضته السلطات الإيرانية؛ إذ لم يُدلِ وزير الخارجية بأيّ تصريح يُستشفّ منه معارضة للاقتراح، في ما يبدو أنه مؤشر إلى مرونة إيران وموافقتها الضّمنية على الاقتراح. وكرّر عراقجي، في أثناء حديثه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، السبت، أنّ «تمديد القرار 2231 يجب أن يتّخذه مجلس الأمن الدُّولي وحده في ضوء آراء جميع أعضائه».

اعتبر الخامنئي أنّ ثمّة أشخاصاً «سطحيي النظرة» يثيرون مسألة الدخول في مفاوضات مباشرة مع أميركا

أيضاً، كان الرئيسان الإيراني مسعود بزشكيان، والروسي فلاديمير بوتين، أجريا، أمس، اتصالاً هاتفياً، بحثا في أحد محاوره الملف النووي الإيراني؛ إذ ووفقاً لِما أفادت به وکالة الأنباء الإیرانیة، «شدّد الرئيس الروسي، في أثناء الاتصال، على أنّ حقّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية في تخصيب اليورانيوم أمر أساسي وحتميّ بالنسبة إلى روسيا»، معرباً عن أمله في أن تصل المفاوضات حول القرار 2231 إلى نتيجة مرضية. كذلك، اتّفق الرئيسان على عقد لقاء ثنائي على هامش القمّة المقبلة لـ«منظمة شنغهاي للتعاون»، التي ستُعقد في الصين.

وفي هذا السياق، قال مصدر ديبلوماسي مطّلع، في حديث إلى «الأخبار»، تعليقاً على اللهجة الجديدة لعراقجي حول اقتراح تمديد مهلة «آلية الزناد»: «سابقاً، كانت السلطات الإيرانية تعتبر التمديد غير مشروع كليّاً، لكنّ عراقجي رمى الآن الكرة في ملعب مجلس الأمن الدُّولي، وهذا يعني أنّ إيران تكون قد لوّحت للمرة الأولى بإمكانية قبول التمديد في إطار مؤسّسي».

وأضاف: «إنّ تغيّر اللهجة هذا، يمكن أن يكون بمنزلة إشارة تريد إيران من ورائها الإبقاء على المسألة مفتوحة، لكي يبقى هناك سبيل لإيجاد اتفاق مؤقّت أو الحيلولة دون تفعيل «آلية الزناد» في حال اشتدّت الضغوط الديبلوماسية». ووفقاً للمصدر، فإنّ عراقجي «أراد، عبر التأكيد أنّ إيران ليست صاحبة القرار النهائي، رفع المسؤولية السياسية لقبول التمديد عن كاهل الحكومة، ووضعها على عاتق مجلس الأمن. وهذا يمكن أن يمثّل تكتيكاً للحدّ من الانتقادات الداخلية».

ومع ذلك، ورغم تأكيد الدول الأوروبية استئناف المحادثات النووية بين إيران وأميركا، لا يوجد إلى الآن أيّ أفق في هذا الخصوص. إذ قال المرشد الأعلى الإيراني، السيد علي الخامنئي، أمس، إنّ ثمّة أشخاصاً «سطحيّي النظرة» يثيرون مسألة الدخول في مفاوضات مباشرة مع أميركا، و«هذه القضايا لا تُحلّ في ظلّ الهدف الحقيقي لأميركا، والمتمثّل في مناصبتها إيران العداء». وأكّد أنّ واشنطن تسعى إلى «جعل الشعب الإيراني يرضخ ويُطيع»، وأنّ هذا يمثّل سبب التصعيد، بما في ذلك دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حرب الأيام الـ12.

وتشير تصريحات المرشد إلى معارضته الرضوخ لمطالب تنطوي، كما قال، على استسلام إيران؛ فضلاً عن أنّ تعبير «لا يُحلّ»، يؤشّر إلى غياب تامّ للثّقة بنيّات واشنطن، ويُبرز التشاؤم المستمرّ تجاه المحادثات معها، لا سيّما أنّ إيران، ورغم الهجمات الأميركية على منشآتها النووية، لا تزال تركّز على حقّها في تخصيب اليورانيوم، وهو ما يطالب الغرب بتفكيكه تماماً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب