إسرائيل تبدأ باستهداف أبراج في مدينة غزة وتتوقع نزوح مليون فلسطيني نحو الجنوب

إسرائيل تبدأ باستهداف أبراج في مدينة غزة وتتوقع نزوح مليون فلسطيني نحو الجنوب
غزة: دمّر الجيش الإسرائيلي، الجمعة، برجاً في مدينة غزة، بعيد إعلانه أنه سيستهدف مباني شاهقة اتّهم حركة “حماس” باستخدامها، في وقت يكثّف هجومه للسيطرة على كبرى مدن القطاع الفلسطيني، حيث يتكدّس نحو مليون شخص.
ورغم الضغوط المتزايدة في الداخل والخارج لوقف هجومها المستمر منذ نحو عامين في غزة، تعزّز إسرائيل قواتها وتكثّف قصفها وعملياتها على مشارف المدينة منذ إعلانها عزمها السيطرة عليها.
وقال الجيش في بيان، الجمعة، إنه “رصد نشاطاً مكثفاً لحماس داخل أبراج متعددة الطوابق، حيث جرى دمج كاميرات مراقبة، مواقع قنص، منصات لإطلاق صواريخ مضادة للدروع، إضافة إلى غرف قيادة وسيطرة”، مضيفاً أنه سيستهدف تلك المواقع “خلال الأيام المقبلة”.
هل يوجد إبادة أبشع من هذه؟
ذكرياتنا، حياتنا تدمرها إسرائيل بالبث الحي والمباشر.اللحظات الأولى لقصف الاحتلال بثلاثة صواريخ استهدفت برج "مشتهى" ومحيطه غرب غزة. pic.twitter.com/zeazIlEiIL
— أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) September 5, 2025
وبعد أقل من ساعة، أصدر بياناً آخر أعلن فيه ضرب مبنى شاهق، متهماً “حماس” باستخدامه “للتقدم وتنفيذ هجمات ضد القوات (الإسرائيلية) في المنطقة”.
وأظهرت مشاهد مصوّرة لوكالة فرانس برس برج مشتهى في حي الرمال بمدينة غزة وهو ينهار إثر انفجار هائل في قاعدته، مطلقاً سحابة كثيفة من الدخان والغبار. كما أظهرت صور لاحقة عدداً من الفلسطينيين يبحثون بين الركام.
وأكد الجيش الإسرائيلي، قبل الضربات، أن هجماته ستتم بشكل “دقيق للحد من إصابة المدنيين من خلال إصدار تحذيرات مسبقة”.
وقالت أريج أحمد (50 عاماً)، وهي نازحة فلسطينية تعيش في خيمة جنوب غرب مدينة غزة، إن زوجها “شاهد سكان برج مشتهى يرمون أمتعتهم من الطوابق العليا لنقلها والفرار قبل الضربة”. وأضافت في اتصال هاتفي: “بعد أقل من نصف ساعة من أوامر الإخلاء، قُصف البرج”.
لا مكان آمناً
واتهم المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني، محمود بصل، إسرائيل بتنفيذ “سياسة ممنهجة للتهجير القسري بحق المدنيين” عبر استهداف المباني المرتفعة.
وأعلن الدفاع المدني مقتل 19 شخصاً في مدينة غزة ومحيطها، من بين 42 فلسطينياً قُتلوا في أنحاء القطاع، الجمعة.
ولدى اتصال من وكالة فرانس برس طلباً للتعليق، قال الجيش الإسرائيلي إنه يحتاج إلى معرفة المواقيت الدقيقة والإحداثيات قبل أن يعلّق على أحداث بعينها.
وتحول القيود المفروضة على وسائل الإعلام في غزة والصعوبات في الوصول إلى العديد من المناطق دون تمكن وكالة فرانس برس من التحقق بشكل مستقل من الأرقام والتفاصيل التي يعلنها الدفاع المدني في غزة أو الجيش الإسرائيلي.
وقال أحد الأهالي، ويدعى أحمد أبو وطفة (45 عاماً) ويعيش في شقة شبه مدمرة لأقاربه في الطابق الخامس من مبنى غربي مدينة غزة، إن “الأنباء عن بدء إسرائيل قصف الأبراج والمباني السكنية مُرعبة. الجميع خائفون ولا يعرفون إلى أين يذهبون”. وأضاف: “أطفالي مرعوبون، وأنا أيضاً. لا مكان آمناً.. كل ما نتمناه أن يأتي الموت سريعاً”.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة “حماس” عزت الرشق إن “محاولات إسرائيل تبرير استهداف الأبراج السكنية بادّعاءات كاذبة عن استخدامها من “حماس”، ليست سوى ذرائع واهية وأكاذيب مفضوحة”.
أزمة إنسانية متفاقمة
وتقدّر الأمم المتحدة أن نحو مليون نسمة يسكنون مدينة غزة ومحيطها، وهي منطقة قالت إنها تشهد مجاعة.
وحذّر مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الجمعة، من استمرار المجاعة في غزة، داعياً إسرائيل إلى وقف هذه “الكارثة”، ولافتاً إلى أن 370 شخصاً على الأقل قضوا بسبب الجوع في القطاع المحاصر والمدمّر منذ بداية النزاع.
من جهته، قال وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو لوكالة فرانس برس إن الاتحاد الأوروبي “ليس على مستوى المسؤولية في هذه الأزمة الإنسانية الهائلة”.
“أبواب الجحيم”
وصرّح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان، الجمعة، بأن “أبواب الجحيم فُتحت في غزة”، متوعداً بتكثيف العمليات حتى تقبل “حماس” بشروط إسرائيل لإنهاء الحرب.
وتتوقّع إسرائيل نزوح نحو مليون شخص باتجاه الجنوب جراء هجومها الجديد.
وبعد 700 يوم على هجومها على إسرائيل الذي أشعل الحرب، نشر الجناح العسكري لحركة “حماس” مقطع فيديو يظهر فيه رهينتان إسرائيليتان اختُطفا خلال الهجوم، على قيد الحياة في مدينة غزة، أواخر الشهر الماضي.
ويظهر في الفيديو الرهينة جاي جلبوع دلال في سيارة تجوب بين مبانٍ مدمرة، يطلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، باللغة العبرية، عدم تنفيذ الهجوم العسكري المخطط للسيطرة على مدينة غزة. ثم يظهر وهو يلتقي رهينة آخر هو ألون أوهيل، في أول ظهور له منذ اختطافه.
يحدث الآن في غزة:
جيش الاحتلال يطالب بإخلاء أحد أكبر الأبراج السكنية برج مكة غرب مدينة غزة.
لا وقت للناس للنجاة بما تبقى لهم من طعام أو أمتعة، فيلقون بما يستطيعون من النوافذ.
البرج يتكون من 16 طابقًا، وهو من أعلى الأبراج في غزة، ويضم نحو 65 شقة سكنية، أي عشرات العائلات، بينهم… pic.twitter.com/GKIbfG50NI
— صالح الجعفراوي | Saleh Aljafarawi (@S_Aljafarawi) September 5, 2025
وقال مكتب نتنياهو إنه أجرى محادثات مع عائلات الرهينتين، ونقل عن رئيس الوزراء قوله: “لن يُضعفنا أي مقطع فيديو دعائي شرير، أو يثنينا عن تصميمنا على سحق حماس وتحرير الرهائن”.
وتظاهر أقارب الرهائن ومؤيدون لهم في القدس وتل أبيب، الجمعة، للمطالبة بالإفراج عنهم.
ومن بين 251 شخصاً اختُطفوا في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ما زال 47 محتجزين في غزة، بينهم 25 توفوا، وفق الجيش الإسرائيلي.
وأدى هجوم “حماس” إلى مقتل 1219 شخصاً، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
في المقابل، أسفرت الهجمات والعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة عن استشهاد ما لا يقل عن 64,300 شخص، غالبيتهم من المدنيين، وفق آخر أرقام وزارة الصحة في غزة، التي تديرها حركة “حماس” وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
(أ ف ب)