اليونيفيل: جيش لبنان شريكنا الاستراتيجي وعلى إسرائيل الانسحاب

اليونيفيل: جيش لبنان شريكنا الاستراتيجي وعلى إسرائيل الانسحاب
بيروت: قال المتحدث باسم قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، داني الغفري، إنه يتوجب على إسرائيل الانسحاب بشكل كامل من جنوب لبنان، وأكد على “الشراكة الاستراتيجية” بين القوات الأممية والجيش اللبناني ودورها في مساعدته في مسألة حصر السلاح بيد الدولة.
وشدّد الغفري على أن الاعتداءات الإسرائيلية على قوات حفظ السلام في المنطقة “أمر مرفوض ويشكّل انتهاكا للقانون الدولي وللقرار الأممي 1701″، لافتا أن اعتداءها الأخير “يعدّ من أخطر الهجمات منذ تفاهم وقف الأعمال العدائية”.
شراكة استراتيجية
وردا على سؤال حول إمكانية مساعدة الجيش اللبناني في تنفيذ خطته بشأن حصر السلاح بيد الدولة، قال الغفري: “طبعا، لأن الجيش هو شريكنا الاستراتيجي في تنفيذ القرار الأممي 1701 في منطقة عملياتنا جنوب الليطاني”.
وفي 5 أغسطس/ آب الماضي، أقرت الحكومة اللبنانية حصر السلاح بما في ذلك سلاح “حزب الله” بيد الدولة، قبل أن تعلن في سبتمبر/ أيلول الجاري، ترحيبها بالخطة التي وضعها الجيش لتنفيذ القرار. غير أنها لم تحدد مهلة زمنية لتطبيقها كما كان متوقعا، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة لإرضاء الحزب وقاعدته.
بالمقابل وفي أكثر من مناسبة، أكد أمين عام “حزب الله” نعيم قاسم، أن الحزب لن يسلم سلاحه إلا في حال انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، وإيقاف عدوانها على البلاد، والإفراج عن الأسرى وبدء إعادة الإعمار.
وفي عام 2006 اعتمدت الأمم المتحدة بالإجماع القرار 1701، بهدف وقف الأعمال العدائية بين “حزب الله” وإسرائيل، ودعا مجلس الأمن آنذاك إلى وقف دائم لإطلاق النار على أساس إنشاء منطقة عازلة.
وبموجب القرار، قرر المجلس اتخاذ خطوات لضمان السلام، منها زيادة عدد عناصر “اليونيفيل” إلى 15 ألف فرد، لمراقبة وقف الأعمال العدائية، ودعم الجيش اللبناني أثناء انسحاب إسرائيل من جنوبي لبنان.
وأكد الغفري أن “كل الإمكانات التي لدى اليونيفيل هي بتصرف الجيش اللبناني من خلال التنسيق القائم، وخاصة أن الجيش اللبناني يقوم بعمل جبار في جنوب الليطاني منذ بدء تنفيذ تفاهم وقف الأعمال العدائية الذي تم التوصل إليه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024”.
وتوصلت إسرائيل ولبنان في نوفمبر 2024 إلى اتفاق لوقف إطلاق نار يشمل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من لبنان، وذلك بعد قرابة عام من عدوان حوّلته تل أبيب إلى حرب شاملة قتلت خلالها أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت نحو 17 ألفا آخرين.
ورغم التوصل للاتفاق إلا أن إسرائيل خرقته أكثر من 3 آلاف مرة، عبر شن غارات بشكل مستمر ما أسفر عما لا يقل عن 290 قتيلا و608 جرحى، وفق بيانات رسمية.
وفي تحدٍ للاتفاق تواصل إسرائيل احتلال 5 تلال لبنانية سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق أخرى تحتلها منذ عقود.
متحدث اليونيفيل داني الغفري قال في السياق نفسه: “شهدنا انتشار الجيش اللبناني في معظم مناطق جنوب الليطاني، باستثناء المناطق التي لا يزال الجيش الإسرائيلي موجودًا فيها، لذلك يجب أن ينسحب الجيش الإسرائيلي لكي يتمكن الجيش اللبناني من السيطرة الكاملة على المنطقة”.
وشدد الغفري على أن “دور اليونيفيل الأساسي هو مساعدة الجيش اللبناني، وهذا ما سنستمر بالقيام به. وكل إمكانياتنا بتصرف الجيش”.
ضبط مخابئ أسلحة
وفيما يتعلق بجهود ضبط الأسلحة في الجنوب، قال الغفري إن قوات اليونيفيل وبالتعاون مع الجيش اللبناني عثرت على “مئات المخابئ للأسلحة المتروكة”.
وأضاف: “نحن نتحدث عن أكثر من 300 مخبأ وأسلحة تم العثور عليها في منطقة جنوب الليطاني منذ 22 تشرين الأول 2024. وتمت إحالتها إلى الجيش اللبناني الذي قام بنقلها أو تفكيكها”.
أخطر الهجمات
في 3 سبتمبر الجاري، أعلنت “اليونيفيل”، في بيان أن طائرات مسيرة إسرائيلية هاجمت قوات تابعة لها بأربع قنابل.
الغفري اعتبر هذا الهجوم “من أخطر الهجمات منذ تفاهم وقف الأعمال العدائية”، محذرا من أن “مثل هذه الهجمات تؤثر بشكل مباشر على حرية حركة البعثة، وهو أمر أساسي لتنفيذ المهام الموكلة إليها بموجب قرار مجلس الأمن 1701”.
وأوضح الغفري أن الهجوم وقع “حين كانت قوات اليونيفيل تعمل على إزالة معوقات من طريق يؤدي إلى أحد مراكز الأمم المتحدة، حيث ألقت المسيرات التابعة للجيش الإسرائيلي قنابل بالقرب من جنود وآليات قوات اليونيفيل، مما عرض سلامتهم للخطر”.
وأضاف أن “الاعتداء على حفظة السلام أمر مرفوض ويشكّل انتهاكا للقانون الدولي وللقرار الأممي 1701”.
وشدد على أن “كل الأطراف مدعوّة للتوقف عن هذه الأعمال فورا، وهذا أمر يدينه المجتمع الدولي ويجب ألا يتكرر”.
انسحاب مطلوب
في 28 أغسطس الماضي، اعتمد مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارا يمدد ولاية “يونيفيل” للمرة الأخيرة حتى نهاية عام 2026، خلال جلسة تُعقد عادة بشكل دوري (كل عام في نهاية اب) لاتخذا قرار التجديد.
وتطرق الغفري إلى القرار الأممي الأخير رقم 1790، موضحا أن القرار “شدد أيضا على انسحاب الجيش الإسرائيلي من خمس نقاط بالإضافة إلى منطقتين معزولتين، والتزامه بالقرار 1701”.
وأشار أنه بموجب القرار الذي أقره مجلس الأمن في أغسطس بخصوص تجديد ولاية اليونيفيل، فإنه بعد تاريخ 31 كانون الأول/ ديسمبر 2026، ستتوقف عمليات البعثة الأممية في لبنان.
وأوضح أن القرار “طلب من اليونيفيل أن تستكمل المهام الموكلة إليها بموجب القرار 1701، أي مساعدة الطرفين على تطبيق هذا القرار، والاستمرار في مساعدة الجيش اللبناني على إعادة انتشاره في جنوب لبنان”.
وحول مصير الاجتماعات الثلاثية بين لبنان وإسرائيل برعاية اليونيفيل، أشار الغفري إلى أنها متوقفة منذ استئناف الأعمال العدائية في أكتوبر 2023، وتعقد حاليا بدلا من ذلك اجتماعات خماسية، بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا أيضا بجانب كل من لبنان وإسرائيل واليونيفيل.
لكنه استدرك أن هذه الاجتماعات لا تلغي دور الاجتماع الثلاثي.
دور إنساني وتنموي
ورغم أن مهمة اليونيفيل ليست إنسانية، شدد الغفري على أن “البعثة تلعب دورا مهما على الصعيد الإنساني، إلى جانب مهام حفظ السلام”.
وقال: “نقوم بتنفيذ مشاريع إنمائية كبيرة في جنوب لبنان، وهناك مشاريع ذات أثر سريع، وأخرى تُقدّم من الدول المساهمة بقوات اليونيفيل من خلال الكتائب المنتشرة في الجنوب، إضافة إلى مساعدات عينية، طبية مجانية، ودعم في مختلف المجالات”.
وأشار إلى أن “القرار 1790 طلب من الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش) وضع تصور للمرحلة المقبلة بحلول حزيران (يونيو) 2026، وبالتأكيد سيكون مستقبل المساعدات، أو دور الوكالات الإنسانية في الجنوب، من بين النقاط التي ستُطرح”.
وختم بالقول: “المنطقة اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى مشاريع تنموية لضمان عودة الأهالي بشكل آمن إلى منازلهم في المناطق التي تضررت جراء الحرب”.
وتأسست اليونيفيل عام 1978 عقب الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، ثم عززت مهامها بشكل كبير بعد حرب يوليو/ تموز 2006 والقرار الأممي 1701، حيث انتشر أكثر من 10 آلاف جندي لمراقبة وقف الأعمال القتالية ودعم الجيش اللبناني في بسط سلطته جنوب نهر الليطاني.
وعلى مدى العقود الماضية، تعرضت القوة الأممية لسلسلة اعتداءات دامية، أبرزها قصف إسرائيلي مباشر لمقرها في بلدة قانا عام 1996، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 100 مدني لجأوا إلى القاعدة.
(الأناضول)