عربي دولي

ما بعد اتفاق القاهرة | إيران – الغرب: السيناريوات ليست «وردية»

ما بعد اتفاق القاهرة | إيران – الغرب: السيناريوات ليست «وردية»

يكشف اتفاق القاهرة حدود خفض التصعيد بين إيران والغرب، فيما تبقى العقوبات والضغوط الأوروبية والأميركية شبحاً دائماً فوق الملف النووي.

محمد خواجوئي

طهران | في أعقاب اتفاق القاهرة الذي وقّعته كلّ من إيران و»الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، في التاسع من الشهر الجاري، حول «دليل الأسلوب» لاستئناف التعاون بينهما، وما قيل عن كونه خطوة من جانب طهران لـ»بناء الثقة»، يصبح السؤال مشروعاً حول احتمال دفع الاتفاق نحو خفض التصعيد القائم بين طهران والغرب حول الملف النووي، وجعْل الدول الأوروبية تغضّ النظر عن إعادة فرض العقوبات الأممية على الجمهورية الإسلامية، في إطار «آلية الزناد».

ووقّع الطرفان اتفاق القاهرة، بعد وقت قليل من شروع الترويكا الأوروبية في تفعيل الآلية؛ وهو المسار الذي، إن استمرّ، سيؤدّي بعد شهر من الآن، إلى العودة التلقائية لعقوبات الأمم المتحدة على إيران. مع ذلك، أعلنت الدول الأوروبية أن مقترح تمديد مهلة «آلية الزناد» ما زال على الطاولة، ولكنها وضعت أمام إيران ثلاثة شروط: بدء مفاوضات نووية مع أميركا؛ توفير إمكانية وصول مفتّشي الوكالة إلى المنشآت النووية؛ وإعطاء إيضاحات كاملة عن مخزونات اليورانيوم المخصّب.

وإذا كان أحد هذه الشروط قد تحقَّق، وإنْ بصورة غير كاملة، لا يَظهر أيّ أفق لتطبيق الشرطَين الآخرين، فيما لا يشكّل الاتفاق بين إيران والوكالة، ضمانةً للخفض الفوري للتصعيد، وإنهاء الأزمة النووية. فالأوروبيون، ولا سيما فرنسا وألمانيا وبريطانيا، لا يزالون ينظرون بريبة إزاء نيّات إيران تجاه برنامجها النووي. وقد تَعتبر هذه الدول، تنفيذ اتفاق الرقابة والإشراف، نقطة بداية لمحادثات أوسع في مجال القيود على البرنامج النووي والضمانات الطويلة الأمد، لا لإغلاق الملف. لذلك، حتى في حال نُفّذ الاتفاق كاملاً، تبقى إمكانية ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية على إيران، قائمة.

وعليه، يمكن تصوّر ثلاثة سيناريوات:
1- التحسُّن المؤقّت للعلاقات، وتمديد مهلة «آلية الزناد»: إذا بدأت إيران تعاوناً شفّافاً وقابلاً للتحقُّق مع الوكالة، على طريق تنفيذ اتفاق القاهرة، وبدأت في الوقت ذاته محادثات مع أميركا، فمن المُرجّح أن تعتمد الدول الأوروبية، ولا سيما الترويكا، توجّهاً مرناً، وتمدّد مهلة الآلية. وفي هذه الحالة، فإن النتيجة الإيجابية لاتفاق القاهرة ستظهر تلقائياً، وتتيح تالياً للدول الأوروبية إمكانية الحدّ من تكثيف العقوبات.

لا يشكّل الاتفاق بين إيران والوكالة، ضمانةً للخفض الفوري للتصعيد

وللموقف الأوروبي في هذا السيناريو، بُعدان: الأول، الضغط السياسي لحفظ خطوط التواصل مع طهران، وكبح «آلية الزناد»؛ والثاني، حفظ قدرة الترويكا على المساومة في المحادثات النووية، والتوصّل إلى اتفاقات عملانية في القطاع التقني.

2- الإخفاق في بناء الثقة وعودة العقوبات الأممية: في المقابل، إذا لم تستطع إيران إبداء تعاون ملموس وقابل للتحقّق مع الوكالة الدولية، ولم تباشر المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، فإن الأجواء بينها وبين الأوروبيين ستتوتّر سريعاً. وفي هذه الحالة، ستمضي الدول الأوروبية قدماً في وضع «آلية الزناد» موضع التطبيق، وستكون عودة العقوبات حتميّة. وستعقب هذا السيناريو، تبعات اقتصادية وسياسية قاسية على إيران، من شأنها ربّما أن تؤدّي إلى زيادة التصعيد الإقليمي والدولي.

وفي هذه الحالة، سيُعتبر اتفاق القاهرة، مجرّد إجراء رمزي لن يمنع عودة العقوبات الأممية على إيران. وهكذا، ستزيد الدول الأوروبية، بالاستناد إلى وثائق ومستندات الوكالة الدولية، الضغط الدبلوماسي، وستجنّد مجلس الأمن الدولي على الأرجح، لإعادة العقوبات. وثمّة أيضاً احتمال أن تقوم إسرائيل، مدعومة من الولايات المتحدة، بشنّ عمل عسكري ضد إيران، بذريعة عدم زوال القوّتَين النووية والصاروخية لديها.

3- التقدّم التدريجي والاتفاق الجزئي لتمديد المهلة: ثمّة سيناريو وسطي، يتمحور حول أن تبدأ إيران تعاوناً أوّليّاً ومحدوداً مع الوكالة، وأن ترسل إشارات إلى استعدادها لإجراء مباحثات مع الولايات المتحدة، وتعتمد، في الوقت ذاته، بعض الاعتبارات الداخلية والفنية في شأن اليورانيوم المخصّب والوصول إلى المنشآت النووية. وقد ترضي هذه الصيغة الدول الأوروبية، للسير في تمديد مؤقّت ومشروط لمهلة «آلية الزناد»، أي أن لا تعود العقوبات بشكل كامل، مع بقاء شبحها مخيّماً فوق إيران. لكنّ هذا السيناريو، يجعل المحادثات هشّة، ويُبقي الضغوط على إيران قائمة حتى تفي بالتزاماتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب