ثرثرات مشتى حلو
بقلم حسين عبدالله جمعه
يصارع انفعالاته، ولهفة الحنان تتفجر ينابيعَ في قلبه، تصعد بحرقة إلى عينيه.
بصمت، تنساب دمعة، يلملمها بخجل… ويرحل.
يهمس لنفسه، بصوت لا يسمعه إلا عالمه الحالم:
أنا القلب النابض… بينما عيونكم الراحلة تهرب من صمتنا الشرقي الخجول.
أنا كل ما فيكم من حبٍّ مفجوع، ملقى على قارعة الخذلان والانكسار.
أنا الآتي من حدود الشمس،
وأنتم أشجار الصنوبر الخضراء دائمًا، تحملون الزيت والعبير لسيدةٍ نذرت نفسها أن تنتزع بأظافرها بقايا شموع الكنائس والمعابد القديمة، المتلاشية بصمت الدعوات في ذلك الوادي.
أراقبها، وأحدث صمتي:
كم نحن ضعفاء، وكم نحتاج إلى الله الساكن في رجائنا،
إلى ربٍّ رحيم بعبادٍ تائهين، يظنون أنهم أقوياء، وهم يتساقطون على قارعة الطريق.
هي شجرة تعمّر أضعاف عمره المتلاشي كزبد البحر.
كانت تظلله كقبة، وهو يترنم بعبير عطرها الزيتي.
مدّ يده لانتزاع أوراقها الأبرية، ليزين بها أحلامه، ويخلق من خلالها ذكريات جديدة،
كما كان يفعل في المعابد، حين يحمل الشموع وقوارير الزيت الصغيرة.
كان أحيانًا يسخر من نفسه ويبتسم.
يسألونه: ما الذي يضحكك؟
يجيب، كعادته: “بلا شيء”.
وفي داخله، أسئلة معلقة:
من سيحتفظ بمن؟
من سيكون شاهدًا على من؟
الأوراق الأبرية؟
قوارير الزيت الصغيرة؟
الذكريات الحالمة؟
أم شجرة الصنوبر… في ذلك المشتى؟
حسين عبدالله جمعة