احتجاجات “لا للملوك” تعكس تحوّل الديمقراطية الأمريكية: ملايين الأمريكيين يرفضون تجاوزات السلطة

احتجاجات “لا للملوك” تعكس تحوّل الديمقراطية الأمريكية: ملايين الأمريكيين يرفضون تجاوزات السلطة
اعداد وتقرير مراسل صوت العروبه
واشنطن – الأحد 19 أكتوبر/تشرين الأول 2025
شهدت الولايات المتحدة يوم أمس السبت موجة احتجاجية واسعة تحت شعار “لا للملوك”، نظمها تحالف يضم أكثر من 200 منظمة وطنية وآلاف المجموعات المحلية، احتجاجًا على سياسات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وشارك في هذه التحركات ملايين الأمريكيين في مختلف الولايات، في ثاني يوم احتجاجي وطني منذ يونيو الماضي، مؤكّدين دور المجتمع المدني في حماية الديمقراطية واستعادة التوازن بين السلطات.
السياق السياسي والاجتماعي
تأتي هذه الاحتجاجات في وقت تشهد فيه البلاد أزمة سياسية متعددة الأبعاد، تشمل إغلاق الحكومة الأمريكية، والمداهمات الأمنية، ونشر قوات الحرس الوطني الفيدرالية في عدد من الولايات. ورغم هذه الأجواء المشحونة، حرص منظمو الاحتجاجات على التأكيد على السلمية وضمان عدم التصعيد، بما يعكس قدرة المجتمع الأمريكي على التعبير عن رفضه لأي تجاوزات للسلطة التنفيذية دون الانجرار إلى العنف.
وقال هانتر دان، المتحدث باسم تحالف “لا للملوك”، لصحيفة نيويورك تايمز:
“شارك ملايين الأمريكيين ليقولوا إن الديمقراطية ليست مجرد شعار، بل ممارسة يومية. نحن ملتزمون بالدفاع عن القانون والمؤسسات، ولن نرضخ لأي سلطة تتجاوز حدودها.”
الاحتجاجات في المدن الكبرى
تركزت التظاهرات في المدن الكبرى مثل نيويورك، وشيكاغو، وهيوستن، وسياتل، وفيلادلفيا، إضافة إلى تجمعات كبيرة خارج مبنى الكابيتول في واشنطن ولوس أنجلوس، فضلاً عن فعاليات محلية في مدن أصغر، مما يؤكد العمق المجتمعي للمشاركة الشعبية واتساع قاعدة التأييد للقيم الديمقراطية.
أهداف الاحتجاجات ورسالتها
أكد البيان الرسمي للتحالف أن الاحتجاجات تهدف إلى:
1. رفض تجاوزات السلطة التنفيذية وحماية الفصل بين السلطات.
2. تعزيز سيادة القانون ودور المؤسسات الديمقراطية في الحفاظ على حقوق المواطنين.
3. تفعيل المشاركة الشعبية في الرقابة على الحكومة، بما يعكس نموذج الديمقراطية التشاركية.
توضح هذه التحركات أن الأمريكيين لم يعودوا مكتوفي الأيدي أمام أي محاولة لاستئثار السلطة، وأن المجتمع المدني قادر على ممارسة ضغوط فعّالة لاستعادة التوازن الديمقراطي.
دعم شعبي ومشاهير
أبدى عدد من الشخصيات العامة، مثل النجم الأمريكي روبرت دي نيرو، دعماً واضحاً للاحتجاجات، مؤكداً أن الدفاع عن الديمقراطية هو واجب جماعي، وأن المشاركة السلمية في الفعاليات الشعبية هي أحد أبرز وسائل حماية الحقوق المدنية وضمان المساءلة السياسية.
ردود الفعل السياسية
ندد قادة الحزب الجمهوري بالاحتجاجات، واصفين إياها بأنها مسيرة كراهية أمريكا، فيما ربطوا المشاركة الشعبية بإطالة إغلاق الحكومة، لكن المحللين المستقلين يرون أن هذه الردود تهدف إلى تقليل تأثير التظاهرات على الرأي العام والضغط التشريعي، وليس الرد على مضمونها الديمقراطي.
قراءة تحليلية: تحوّل في مفهوم الديمقراطية
احتجاجات “لا للملوك” تمثل تحوّلًا نوعيًا في ممارسة الديمقراطية الأمريكية، حيث يتجاوز المواطنون مجرد الانتخاب إلى ممارسة المشاركة السياسية المباشرة، والرقابة الشعبية على السلطة التنفيذية. إنها إشارة واضحة إلى أن الديمقراطية الأمريكية تتطور نحو نماذج أكثر مشاركة وشفافية، حيث تصبح المساءلة الشعبية جزءاً أساسياً من صيانة المؤسسات.
كما تعكس هذه التحركات وعي المجتمع الأمريكي بحقوقه الدستورية، وإدراكه أن الحفاظ على الديمقراطية يتطلب تفاعل المواطنين المستمر مع الأحداث السياسية، والضغط السلمي لإصلاح الاختلالات المؤسسية. وفي سياق عالمي يشهد تزايد التحديات أمام الديمقراطيات، تأتي الاحتجاجات الأمريكية كمثال حي على قدرة المجتمع المدني على ترسيخ قيم القانون والمواطنة الفاعلة.
احتجاجات السبت تؤكد أن الديمقراطية الأمريكية ليست مجرد نظام انتخابي، بل عملية مستمرة تتطلب يقظة شعبية ومشاركة دائمة. هي رسالة قوية بأن الشعب الأمريكي لن يسمح لأي سلطة بتجاوز القانون، وأن الحفاظ على المؤسسات الديمقراطية يحتاج إلى مشاركة فاعلة ومسؤولة من كل المواطنين.