
إعتادت أن تزورني…
بقلم حسين عبدالله جمعة
لم يعد بيننا موعدٌ واحد، بل مواعيد لا تُحصى؛
في كل ليلة صدى،في شرود العينين، وفي آخر الممرات التي يصل إليها القلب.
ترافقني في أسئلتي، وفي التساؤلات التي لا تجلب معها جواباً واحداً،
أصبحت رفيقة صمتي، وصدى آهات لم يجرؤ القلب أن يُخرجها بعد.
تحاول دائماً أن تثبت حضورها،
وكأنها تقول: أنا هنا… حتى إن تجاهلتني.
تسكنني في برد الانتظار، وتعود كل ليلة لتسألني من جديد،
بأسئلة لا جواب لها، وخطوات ضلّت طريق العودة.
زارَتني من جديد…
كما تفعل في كل مساءٍ تتيه فيه الأسئلة،
وكل فجـرٍ يتأمّل فيه القلبُ طريقاً لا يصل.
تجلس بقربي بصمتٍ يعرفني،
تلمسُ أطراف عيوني،
وتُشعل في صدري صدى لم يكتمل بعد.
لم تعد عابرةً في لياليّ،
بل صارت رفيقة وحدتي،
تباغتني حين يطول الانتظار،
وحين تضيق الأرض بما وسِعَت من ألم.
تسألني ولا تنتظر جواباً،
كأنها تعرف أن الإجابات وُلدت ميتة،
وأن الصبرَ لم يعد يعرف الطريق إلى صدري.
تعرف متى تجيء، ومتى ترحل،
ولا تزال ـ رغم قسوتها ـ
أصدق مَنْ بقِيَ معي،
وأوفى مَنْ شاركني هذا الصمت الطويل.
اليوم زارتني من جديد،
مُلحّةً، مضطربة، تحمل الحزن والخوف عنهم، وعن القادم…
تسللت إلى صمتي، جلست على أطراف قلبي،
وهمست كما لم تهمس من قبل:
غدًا،وفي قادم الأيام، سأزورهم…
وهم في برد الانتظار، سأقلب أيامهم،
وأحوّل أنانيتهم إلى فراغ وأنين…
حينها، سيتذكّرون،
ويعرفون أني دمعتك الدافئه،
وأصداء الحنين المختبئ في زوايا الروح،…
إعتادت أن تزورني…
هي…دمعتي.
حسين عبدالله جمعة
سعدنايل لبنان



