الصحافه

في اغتيال رابين… هكذا انتزع القاتل منصب “رئيس وزراء إسرائيل”

في اغتيال رابين… هكذا انتزع القاتل منصب “رئيس وزراء إسرائيل”

نحاميا شترسلر

اليوم، مع مرور 30 سنة على عملية اغتيال إسحق رابين، ثمة شعور سيئ ومؤلم سائد اليوم. يصعب تقبل حقيقة أن شخصاً حقيراً (لا أذكر اسمه هنا عمداً) نجح في اغتيال القائد الشجاع، المحارب الذي أصبح رجل سلام، والذي قاد عملية جريئة لتغيير وجه الدولة.

يصعب قبول الواقع البائس؛ لا جزاء ولا عقاب اليوم في عالمنا: رجل صالح استقبل بالشر، وشرير لاقى الخير. هؤلاء الذين حرضوا وشتموا وأججوا النفوس ومهدوا الطريق للقتل، لم يدفعوا ثمناً باهظاً فحسب، بل استفادوا أيضاً. ها هو نتنياهو، المحرض الرئيسي ضد رابين، أصبح رئيس الحكومة فور وقوع الجريمة، وها هو بن غفير اليوم وزيراً كبيراً في حكومته، سموتريتش وزيراً للمالية ووزيراً في وزارة الدفاع. كان النبي إيليا انتقاداً للملك احاف: “أقتلت وورثت؟”.

منذ عملية القتل، يحاول رجال اليمين، ومن يرتدون القبعات المنسوجة ورؤساء المستوطنين، إزاحة هذه الوصمة عن أنفسهم. لقد اعتبروا القاتل “عشبة ضارة”، رغم أنه جاء من صميم قلب اليمين المتدين – هو طالب حقوق في جامعة بار ايلان، وكان يقضي أيام السبت في الخليل. بعد عملية الاغتيال، قال بشكل صريح: “لولا قانون الملاحقة وقانون الأخلاق الذي أصدره الحاخامات ضد رابين، ما كنت سأصبح قاتلاً”.

قبل شهر على عملية القتل، عرض بن غفير شارة انتزعها عن سيارة رابين، وقال إن بإمكانهم الوصول إلى رابين مثلما وصلوا إلى هذه الشارة. وبالفعل، وصلوا. وزعم سموتريتش الذي شارك في تلك المظاهرة في ميدان صهيون، بأن الملصق الذي ظهر فيه رابين وهو يرتدي زي الـ “اس.اس”، هو من صنع عميل “الشاباك” افيشاي رفيف. وقال نتنياهو ذلك أيضاً، لكنهما كانا كاذبين. الملصق صنعه فتى في مدرسة دينية في القدس، الذي ألصق وجه رابين على صورة هاينرخ هملر، وأخذ خمس نسخ منها إلى الميدان.

خلال المظاهرة، سمعت صراخ الجمهور: “الموت لرابين”، “رابين قاتل”، “رابين خائن”، “بالدم والنار سنطرد رابين”. ولكن نتنياهو لم يتوقف ولم ينزل عن الشرفة. أما دافيد ليفي وبني بيغن ودان مريدور فقد نزلوا بالفعل. قبل ذلك ببضعة أشهر، سار في مفترق “رعنانا” على رأس مسيرة حمل فيها المشاركون تابوتاً أسود كتب عليه “رابين يقتل الصهيونية”، ورفعوا حبال مشانق.

الثمن الذي ندفعه مقابل قتل رابين، باهظ. تاريخنا كله سيكون مختلفاً لو نجح “الشاباك” في منع عملية القتل. كان رابين سيفوز في الانتخابات على نتنياهو، لأن الجمهور كان يحبه (خلافاً لشمعون بيرس). بعد الفوز، كان سيواصل وينتقل إلى المرحلة التالية في اتفاق أوسلو: اتفاق على الحدود الدائمة بين إسرائيل والكيان الفلسطيني، وحل مشكلة القدس وتسوية مشكلة اللاجئين. هكذا كنا سنعيش اليوم في واقع مختلف كلياً – سلام واستقرار وازدهار. نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، كانوا سيبقون ملاحظة هامشية في صفحات التاريخ. كان رابين سيورث معايير سلوك مختلفة عن معايير نتنياهو. كان إنساناً مستقيماً، متواضعاً وخجولاً، كانت قيم الديمقراطية ماثلة أمام عينيه. خلافاً لنتنياهو، دائماً يتحمل المسؤولية. لقد استقال من منصب رئيس الحكومة عقب حساب الدولارات في الولايات المتحدة، الذي كان مسجلاً باسم زوجته فقط. وقد تحمل المسؤولية عن العملية الفاشلة لإنقاذ نحشون فاكسمان رغم أن الفشل كان لدورية هيئة الأركان.

لقد كان رجل أمن تعود على التحقيق مع قادة الجيش بشأن حجم القوات في كل قطاع، ويفحص إذا كانت كافية في حالة حدوث مفاجأة، عمليات وهي لم يقم بها نتنياهو ذات يوم. لذلك، فإن فشلاً ذريعاً مثل الذي حدث في 7 أكتوبر لم يكن ليحدث في عهده. ولو حدث، لم يكن رابين ليتوسل إلى أحد، بل كان سيقدم استقالته على الفور.

لذلك، نتحدث عن يوم حزين. يوم ذكرى لزعيم شجاع، قاد عملية جريئة، التي قتل بسببها. وبقتله، قتل السلام والديمقراطية.

هآرتس 4/11/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب