اجتماعياتثقافة وفنون
كلمة في وداع الزميل المعلم ايمن خماش بقلم عبدالله المنشاوي
بقلم عبدالله المنشاوي

حين يتحدث الصمت بلغة المعلمين في ممرات المدرسة ….
كلمة في وداع الزميل المعلم ايمن خماش
بقلم عبدالله المنشاوي
عدتُ إلى المكان الذي علّمني كيف يكون العطاء بلا انتظار،
إلى الجدران التي ما زالت تحفظ صدى الأصوات التي رحلت،
إلى الساحة التي كانت تفيض بالحياة كل صباحٍ كأنها فجرٌ جديد.
وقفتُ هناك، أنظر حولي،
كأنَّ المقاعد تعرفني،
وكأنَّ السبورة تهمس باسمي،
وكأنَّ الزمن يبتسم لي بخجلٍ ويقول:
مرحبًا بك أيها العائد من ضوء الحنين.
يا الله…
كم من عامٍ مرّ وأنا أزرع الحروف في قلوبٍ صغيرة،
أرويها بالحب، وأحرسها بالصبر،
حتى غدت أشجارًا تُظلّ وطنًا كاملًا.
اليوم، وأنا أرى زملاء العمر يتركون السطور خلفهم،
ويمضون إلى هدأة التقاعد،
أشعر أن كل وداعٍ في التعليم
يشبه غروبَ شمسٍ عرفنا دفأها طويلًا.
كم من وجهٍ غاب،
وكم من ضحكةٍ تركت أثرها على الممرات،
وكم من لحظةٍ تمنّيت لو بقيت هناك،
بين دفاتر الطلاب، ورائحة الطباشير، وصدق البدايات.
يا مدارسنا…
يا بيوت القلب الأولى،
علّمتِنا أن المعلم لا يُغادر حين يغادر،
بل يظلّ في كل جدارٍ حكاية،
وفي كل طالبٍ سطرًا من سيرته،
وفي كل صباحٍ دعاءً يرفعه تلميذٌ تعلم أن يقول: “شكرًا”.
التقاعد ليس وداعًا،
بل هو عودة إلى الذات،
إلى التأمل في رحلةٍ ملأى بالبذور التي زرعناها،
والقلوب التي سكنتنا،
والأسماء التي لن ننساها مهما طال الغياب.
سلامٌ على زملاء الدرب،
على من عبروا قبلنا،
وعلى من ما زالوا يحملون الطبشور كمن يحمل راية نورٍ في ليلٍ طويل.
أما أنا…
فكلما عدتُ إلى مدرستي القديمة،
أشعر أن قلبي يخلع عباءة الزمن،
ويعود طفلًا يقف في الصف الأول،
يحلم أن يصبح معلمًا…
ويبتسم لأن الحلم قد تحقّق،
وما زال يعيش في ذاكرة المكان. 
مع تحيات المعلم المتقاعد عبدالله المنشاوي ابو عمر




