عربي دولي

القوميون المعارضون منقسمون بين أردوغان وقليجدار أوغلو قبيل جولة الإعادة

القوميون المعارضون منقسمون بين أردوغان وقليجدار أوغلو قبيل جولة الإعادة

محمود علوش

إسطنبول- “القدس العربي”: قبيل أيام قليلة من جولة الإعادة الرئاسية في تركيا، بدا أن جبهة القوميين المعارضين منقسمة في الموقف إزاء المرشح الذي ينبغي دعمه في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى الأحد المقبل. كان من المقرر أن يُعلن حزب “النصر” أحد أحزاب تحالف “الأجداد” القومي المتشدد، الثلاثاء، موقفه إزاء دعم أحد المرشحين، وهما الرئيس رجب طيب أردوغان ومنافسه كمال قليجدار أوغلو، لكنّه أرجأ الإعلان إلى الأربعاء. بيد أن سنان أوغان، الذي رشّحه تحالف “الأجداد” لخوض الانتخابات الرئاسية، أعلن الإثنين دعمه لأردوغان. يضم التحالف حزبي “النصر” و”العدالة” وحصل على نسبة 2.4% فقط من الأصوات في الانتخابات التشريعية التي جرت في 14 مايو، ولم يتمكن من تجاوز العتبة الانتخابية لدخول البرلمان، لكنّ مرشحه أوغان حصل على 5.17% من أصوات الناخبين في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.

قال زعيم حزب “النصر” أوميت أوزداغ، المعروف بمعاداته الشديدة للاجئين السوريين، عقب اجتماعه مع قليجدار أوغلو، الثلاثاء، إن المحادثات بينهما لم تُفض إلى نتيجة بعد، لكنّه وصفها بالإيجابية. وأضاف: “أعتقد أننا سنكمل العملية الإيجابية بشكل إيجابي وإذا نجحنا نخطط للإدلاء ببيان مع قليجدار أوغلو في الساعة 11:00 غدا (بالتوقيت المحلي). أحد الشروط الأساسية التي يضعها حزبا “النصر” و”العدالة” على قليجدار أوغلو مقابل دعمه في جولة الإعادة هي الحصول على تعهد منه بترحيل فوري للاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم في حال وصوله إلى السلطة. قال أوزداغ: “في الاجتماع سنضمن عودة 13 مليون طالب لجوء وهارب إلى وطنهم، وضمان التخلص من تكلفتهم الاقتصادية البالغة 11 مليار دولار”.

ذكرت وسائل إعلام تركية، الثلاثاء، أن أوزداغ اشترط على قليجدار أوغلو تقديم تعهد مكتوب بخصوص المطالب التي يُريدها حزب “النصر”، لكنّ صحيفة “جمهورييت”، المقربة من حزب “الشعب الجمهوري” المعارض، قالت إن حزب “المستقبل” الذي يتزعّمه رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، وهو أحد أعضاء تحالف “الأمة” المعارض، أبلغ قليجدار أوغلو رفضه إبرام أي اتفاق مكتوب مع أوزداغ.

يُشير تحفظ داود أوغلو على إبرام اتفاق مكتوب بين قليجدار أوغلو وأوزداغ إلى قلق بعض أحزاب تحالف “الأمة” المعارض من أن الموافقة على شروط أوزداغ، لا سيما تلك المتعلقة بترحيل فوري للاجئين السوريين، قد تؤدي إلى دفع شريحة من الناخبين المعارضين إلى الامتناع عن دعم قليجدار أوغلو في جولة الإعادة. يواجه قليجدار أوغلو أيضاً مخاطر بفقدان بعض الأصوات الكردية، التي دعمته في الجولة الرئاسية الأولى، بسبب تبنيه خطاباً قومياً متشدداً لاستقطاب الأصوات القومية المتطرفة.

يواجه قليجدار أوغلو أيضاً مخاطر بفقدان بعض الأصوات الكردية، التي دعمته في الجولة الرئاسية الأولى، بسبب تبنيه خطاباً قومياً متشدداً لاستقطاب الأصوات القومية المتطرفة

لم يُعلق حزب “الشعوب الديمقراطي” الكردي حتى الثلاثاء على التحول الكبير في خطاب قليجدار أوغلو نحو القومية، لكنّ قادته بدوا أكثر حذراً في إبداء الدعم لقليجدار أوغلو في الوقت الحالي لتجنب أي إحراج له مع الأحزاب القومية المتشددة.

قبل انتخابات 14 مايو، أدّى حديث قادة حزب “الشعوب” عن إمكانية الإفراج عن زعيم حزب “العمال الكردستاني” المحظور عبد الله أوجلان المعتقل منذ عقود في السجون التركية وإنشاء حكم محلي ذاتي للمناطق ذات الغالبية الكردية في جنوب شرق البلاد، إلى غضب بين كتلة من الأصوات القومية في تحالف المعارضة. كما عزّزت بيانات الدعم من قبل قادة من حزب “العمال الكردستاني” لقليجدار أوغلو، من هواجس هؤلاء الناخبين الذين قرروا دعم أوغان في الجولة الأولى كرد فعل على تحالف قليجدار أوغلو مع حزب “الشعوب الديمقراطي”.

سيؤدي تشتت محتمل للأصوات القومية المعارضة، ممن لم تدعم أردوغان وقليجدار أوغلو في الجولة الأولى، إلى ضعف تأثيرها في جولة الإعادة. لكنّ مثل هذا التشتت سيخدم أردوغان بقدر أكبر من قليجدار أوغلو الذي يحتاج إلى كل الأصوات التي حصل عليها أوغان في الجولة الأولى من أجل تحسين فرصه بالفوز في الرئاسة وتبلغ 5.17% وهو أمر أصبح أكثر صعوبة. حصل أردوغان في الجولة الأولى على 49.5% من الأصوات بينما حصل قليجدار أوغلو على 44.8%، فيما ذهبت الأصوات الأخرى البالغة 5.17% إلى مرشح تحالف “الأجداد”. توقع الكاتب في صحيفة “صباح” المقربة من الحكومة، برهان الدين دوران، في مقال نشره الثلاثاء، أن يُساعد دعم أوغان الرئيس رجب طيب أردوغان في ضمان فوزه بولاية رئاسية ثالثة.

سيؤدي تشتت محتمل للأصوات القومية المعارضة، ممن لم تدعم أردوغان وقليجدار أوغلو في الجولة الأولى، إلى ضعف تأثيرها في جولة الإعادة

قد يُعطي دعم محتمل لجزء من القوميين المتشددين لقليجدار أوغلو في جولة الإعادة دافعاً معنوياً للمعارضة التي مُنيت بانتكاسة كبيرة في انتخابات 14 مايو عندما لم تتمكن من تحقيق أكثرية في البرلمان الجديد وتخلف مرشحها للرئاسة عن أردوغان بفارق يقرب من خمس نقاط في الجولة الرئاسية الأولى. لكنّ هذه الدفعة قد لا تكون كافية للمعارضة لتعزيز فرصها في هزيمة أردوغان.

يقول الكاتب التركي عبد القادر سيلفي، في مقال نشره الثلاثاء، إن دعم سنان أوغان لأردوغان أدى إلى “تراجع الروح المعنوية للمعارضة التي دخلت الجولة الثانية بخيبة أمل”. ويُضيف “قدم سنان أوغان دعمه. على أي حال، كان أردوغان بحاجة إلى 0.5 في المئة من الأصوات، وفي هذه الحالة فاز أردوغان بالفعل في الانتخابات، ولا أعتقد أنه سيذهب إلى الفارق. سيكون أكبر منافس لأردوغان هو الشعور بالفوز. ألم يقل أردوغان أيضا خصمنا هو التهاون؟”.

في حال قرر حزبا “النصر” و”العدالة” دعم قليجدار أوغلو، فإن هذا الدعم سيجلب له على الأقل 2.4% من الأصوات على اعتبار أن هذه النسبة هي الكتلة التصويتية الصلبة التي حصل عليها الحزبان في الانتخابات البرلمانية. مع الأخذ بعين الاعتبار أن جزءاً من هذه الكتلة قد يرفض قراراً محتملاً من الحزبين بدعم قليجدار أوغلو بسبب تحالفه مع حزب “الشعوب” الكردي.

ورغم حالة الإحباط التي تسود جبهة المعارضة بعد انتخابات 14 مايو، إلآّ أن قادة تحالف “الأمة” المكون من ستة أحزاب معارضة، لا يزالوا يُظهرون قدرة على فوز قليجدار أوغلو في جولة الإعادة. قالت زعيمة حزب “الجيد” القومي ميرال أكشنار، في مقابلة تلفزيونية مساء الإثنين، “لأول مرة منذ 21 عاماً السيد أردوغان في الجولة الثانية. أخذوا الجمعية الوطنية.. قد يعود هذا أيضاً بالفائدة على تركيا.. أعتقد أنه يُمكننا انتخاب السيد قليجدار أوغلو.. عندما يكون المجلس التشريعي بيد تحالف الشعب والسلطة التنفيذية بيد تحالف الأمة يسود كل من التوازن والسيطرة”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب