عربي دولي

البرهان لن يلتقي «حميدتي»… والجيش يتحفظ على رئاسة كينيا لجنة «إيغاد»

البرهان لن يلتقي «حميدتي»… والجيش يتحفظ على رئاسة كينيا لجنة «إيغاد»

ميعاد مبارك

الخرطوم ـ : أكد مسؤول سوداني، الثلاثاء، أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لن يلتقي خصمه قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» «في ظل الظروف الراهنة» وذلك غداة إعلان كينيا سعيها لترتيب لقاء بينهما، وبالتزامن مع مطالبة الخارجية السودانية «إيغاد» بحذف عدد من الفقرات الخاصة بالسودان في مسودة البيان الختامي للقمة الرابعة عشرة لرؤساء حكومات ودول الهيئة، مؤكدة أن تلك الفقرات لم تتم مناقشتها والاتفاق عليها.
وقال المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة «فرانس برس» إن «البرهان لن يجلس مع حميدتي في ظل الظروف الراهنة».
يأتي ذلك في إشارة إلى تأكيد الرئيس الكيني، ويليام روتو، السعي لعقد لقاء مباشر بين الطرفين، خلال قمة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) التي عقدت في جيبوتي، أول أمس الإثنين.
وقال روتو للصحافيين إنّ «كينيا تلتزم بجمع الجنرالين السودانيين في لقاء وجهاً لوجه لإيجاد حلّ دائم للأزمة» وفق بيان أصدرته الرئاسة ليل الإثنين.
كما ذكرت مسودّة بيان حول اجتماع «إيغاد» نشره مكتب روتو، العمل على ترتيب «لقاء وجهاً لوجه بين (البرهان وحميدتي) في إحدى عواصم المنطقة».
في الموازة، قالت الخارجية السودانية في بيان إن وفد السودان المشارك في قمة الإيغاد المنعقدة بتاريخ 12 يونيو/ حزيران الجاري في جيبوتي، «أبدى عدم موافقته واعتراضه على عدد من الفقرات التي وردت في مسودة البيان الختامي للقمة، نظراً لعدم مناقشتها والاتفاق عليها، وطالب سكرتارية الإيغاد بحذفها».
وتتعلق هذه الفقرات، حسب البيان، بـ»تغيير رئاسة لجنة الإيغاد الخاصة بالسودان، حيث طالب الوفد بالإبقاء على الرئيس الجنوب سوداني سلفاكير ميارديت على رأس اللجنة، وطالب بحذف أيّ إشارة تخرج موضوع وساطة الإيغاد من النطاق الأفريقي».
ومع المبادرة التي تعمل عليها واشنطن والرياض، برزت مبادرة أفريقية تقودها إيغاد، قالت إنها وضعت خريطة طريق لحل الأزمة في السودان تتضمن مقترحا بلقاء بين البرهان و«حميدتي» خلال الأسبوعين المقبلين، حسب تصريحات لنائب رئيس المجلس السيادي، مالك عقار.
والهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد» هي منظمة أفريقية مقرها جيبوتي وتتكون عضويتها من ثماني دول هي السودان وجنوب السودان وإثيوبيا واريتريا وكينيا والصومال وكينيا وأوغندا، بالإضافة إلى دولة المقر، وفضلا عن مهامها التنموية اتسع مجال عملها لقضايا النزاع وتعزيز السلم الأفريقي.
وفي مايو/ أيار 2022، أعلنت انخراطها في آلية مشتركة مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لحل الأزمة السودانية في أعقاب انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي تفاقمت باندلاع الحرب الحالية.

مسؤول أمريكي: محادثات جدة لا تحقق نجاحا بالنظر لما اتفق عليه في البداية

وحسب مصادر مطلعة في «إيغاد» تحدثت لـ «القدس العربي» لا يزال البيان الختامي لقمة إيغاد قيد الصياغة بسبب التحفظات في هذا الخصوص، مبينا أن السودان اعترض بشكل أساسي على رئاسة كينيا للجنة حل الأزمة السودانية، بعد تحويل اللجنة الثلاثية التي كونتها «إيغاد» بقيادة رئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت وعضوية الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر قيلي والرئيس الكيني ويليام ساموي روتو، إلى لجنة رباعية بمشاركة إثيوبيا، ورئاسة كينيا، الأمر الذي رفضه الجيش السوداني بشكل قاطع.
ولفتت إلى تحفظ الحكومة السودانية على تحركات كينيا بخصوص السودان، واللقاءات التي عقدها المستشار السياسي لقائد الدعم السريع يوسف عزت مع الحكومة الكينية والتي جعلت منها رئيسا غير مقبول من جانب الجيش للجنة إيغاد لحل الأزمة السودانية.
وأضافت: «مبادرة إيغاد، التي جاءت تحت شعار حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية، والتي تعمل على حل الأزمة السودانية بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي، وجدت قبولا من الحكومة في الخرطوم، لأن الاتحاد الأفريقي لا يزال يعلق عضوية السودان منذ انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021» في إشارة إلى منافسة لقيادة جهود حل الأزمة السودانية بين الهيئة الحكومية «إيغاد» والاتحاد الأفريقي، والمبادرة الأمريكية السعودية. والأخيرة، تيسر مباحثات غير مباشرة بين الجيش وقوات الدعم، منذ الأسبوع الثالث للحرب. وقد تم تعليقها في 3 يونيو/ حزيران الجاري بسبب عدم التزام الطرفين بالاتفاقات الخاصة بحماية المدنيين ووقف إطلاق النار. ولا تزال تتعثر جهود استئنافها، على الرغم من التزام الطرفين بهدنة ليوم واحد السبت الماضي، جاءت ضمن إجراءات إعادة الثقة بين الجانبين تمهيدا لعودة المباحثات في جدة.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية إن طرفي الصراع لا ينتهزان فرصة محادثات جدة التي أتاحتها لهما الولايات المتحدة والسعودية.
وأضاف المسؤول الذي تحدث للصحافيين في واشنطن لكنه رفض الكشف عن هويته أن محادثات جدة، التي تهدف إلى اتخاذ خطوات نحو وقف دائم للأعمال القتالية، لا تحقق نجاحا بالنظر إلى ما جرى الاتفاق عليه في البداية مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.

«محبط للغاية»

وتعول «إيغاد» على قدرة اللجنة التي كونتها لحل الأزمة السودانية، حيث أشار السكرتير التنفيذي لإيغاد ورقيني قيبهو، في بيانه أمام القمة، إلى ما وصفها بـ»الخطوة الجريئة لإنشاء لجنة رفيعة المستوى بعد 24 ساعة فقط من اندلاع الأزمة في السودان، بقيادة رؤساء جنوب السودان وجيبوتي وكينيا» مشيرا إلى صياغة الإيغاد مشروع خريطة طريق حول السلام في السودان.
وأبدى أسفه لاستئناف القتال بعد الهدنة الأخيرة السبت الماضي والتي استمرت ليوم واحد، مشيرا إلى اندلاع المعارك في الخرطوم وأجزاء من غرب وشمال دارفور، بالإضافة إلى أجزاء أخرى من البلاد. واعتبر ذلك «أمر محبطا للغاية».
ودعا جميع الأطراف إلى وقف جميع الأعمال العدائية وإعطاء فرصة للحوار، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح والسماح بالإخلاء الآمن للمدنيين الذين يرغبون في الفرار من القتال. كما حث الأطراف المتحاربة في السودان على عدم السماح للحرب بإخراج أسوأ نسخة منهم. كما أبدى قلقه البالغ إزاء العنف في السودان، مؤكدا عدم وجود منتصر حقيقي في الحرب. وشدد على وجوب وقف العنف وسفك الدماء أولاً، فيما حذر من تداعيات الأزمة السودانية الإقليمية والدولية: قائلا: «لا يمكن تصور تداعيات الصراع الذي طال أمده في جمهورية السودان على منطقتنا والعالم بأسره».
ووصف المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية بالشركاء في حل الأزمة السودانية، مشيرا إلى جهودهم للتوسط من أجل السلام في السودان.
ولفت كذلك لجهود الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ومن أسماهم «أصدقاء السودان» الآخرين الذين يعملون من أجل إنهاء الصراع، ودعم المفاوضات من أجل السلام.
وعلى الرغم من إشارة «إيغاد» إلى الجهود المشتركة مع وساطة الرياض وواشنطن، إلا أن المحلل السياسي عبد الله رزق رأى أنها مبادرة لعرقلة مباحثات جدة.
واعتبر في حديث لـ«القدس العربي» أن مبادرة الإيغاد تتقاطع مع الجهود الأمريكية السعودية والتي لا تقتصر على وقف الحرب، وإنما تتعداها إلى تفكيك الأزمة السياسية التي عاشتها البلاد بعد انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، والتي كانت الحرب آخر تطوراتها.

بديل من محادثات جدة

وأشار إلى أن مبادرة «إيغاد» تنطوي على افتراض فشل جهود جدة وتطرح نفسها كبديل، إن لم يكن كمنافس يعمل على إرباك تلك الجهود وعرقلتها، إذ أن المساعي الأمريكية السعودية، لم تكتف باستقطاب دعم الأمم المتحدة فحسب، إنما عملت على كسب إسناد المنظمات الإقليمية، بما فيها الاتحاد الأفريقي. وتبدو مبادرة إيغاد مفارقة للموقف الأفريقي الذي يجسده الاتحاد، حسب رزق.
ولفت إلى أنها جاءت في وقت شرعت مباحثات جدة على الرغم من التحديات التي تواجهها، في محاولة إشراك المدنيين، توطئة للانتقال بعد الوصول لاتفاق وقف إطلاق نار دائم إلى التداول حول اتفاق سياسي بناء على الاتفاق الإطاري، الموقع في ديسمبر/ كانون الأول الماضي لاستعادة مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وأضاف: «تبدو مبادرة إيغاد كمحاولة لعرقلة هذا الجهود. وهو عمل يعيد للأذهان التكتيكات التي ظل يتبعها المكون العسكري وعناصر النظام السابق بتنفيذ الانقلاب لمنع انتقال السلطة للمدنيين عندما حان موعد تسليم قيادة المجلس السيادي الانتقالي للمكون المدني، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021».

«القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب