تحقيقات وتقارير

المواجهة بين المعسكرين المتصارعين في إسرائيل تبلغ اليوم ذروة جديدة- (فيديوهات)

المواجهة بين المعسكرين المتصارعين في إسرائيل تبلغ اليوم ذروة جديدة- (فيديوهات)

 

وديع عواودة

الناصرة-

صعّد المتظاهرون في إسرائيل احتجاجاتهم بسدّ مفارق وشوارع مركزية، احتجاجاً على قيام الائتلاف الحاكم بالمصادقة بالقراءة الأولى، ليلة أمس، على ما يعرف بمشروع قانون إلغاء “مبرّر الرجاحة” أو “حجة المعقولية”، الذي يجرّد المحاكم من صلاحية إلغاء قرارات الحكومة، وبقية منتخبي الجمهور، وهذا ما تعتبره المعارضة إضعافاً خطيراً للجهاز القضائي، وتحويل الدولة اليهودية لدولة دكتاتورية.

ويستعد الائتلاف الصهيوني الحاكم لمواصلة المصادقة على هذا القانون بالقراءتين الثانية والثالثة، قبيل نهاية الشهر الجاري.

وكان الائتلاف الإسرائيلي الحاكم قد سارعَ، فور تشكيله في مطلع العام الجاري، إلى تطبيق خطة “إصلاحات” الجهاز القضائي (03.01.2023) بدعوى أنه يتمتع بصلاحيات مفرطة على حساب صلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية. لكن الأهداف غير المعلنة لهذه الخطة، التي تعتبرها المعارضة انقلاباً على النظامين القضائي والسياسي، متعددة، وهي إضعاف مؤسسات الكبح والرقابة، وتمكين السياسيين من القيام بما يحلو لهم دون رقيب وحسيب ودون ملاحقة فسادهم، منع فصل الدين عن الدولة، منع المحكمة العليا من إعاقة خطوات ضمّ الضفة الغربية المحتلة، والمزيد من انتهاك حقوق الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر، وكل ذلك يتم على خلفية مقاضاة عدد من الساسة الإسرائيليين وعلى رأسهم نتنياهو بتهم فساد خطيرة.

جدّدت أعداد متزايدة من جنود الاحتياط التهديد بعدم التطوّع للخدمة العسكرية إذا تم تمرير التشريع.

وجاءت المصادقة بالقراءة الأولى على هذا القانون الخطير، طبقاً للمعارضة، بعدما فشلت مساعي الحوار والوساطة، برعاية رئيس إسرائيل يتسحاق هرتسوغ.

وفيما يلتزم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الصمت حيال هذه المصادقة، قال وزير القضاء الإسرائيلي ياريف لافين إن هذا القانون يعيد إسرائيل لأسرة الشعوب الديمقراطية، لأنه يوازن بين السلطات الثلاث، دون استبداد للسلطة القضائية.

 

وحمل رئيس المعارضة يائير لبيد على قادة الائتلاف الحاكم، وقال إنهم قاموا بعملية تشريع خاطف مثلهم مثل لصوص الليل حتى تفتح النافذة وتصبح حالتنا “حاميها حراميها”. وتبعه وزير الأمن الأسبق، رئيس الحزب الدولاني المعارض بيني غانتس، وقال إن إلغاء “فقرة المعقولية” هو دوس على كل الدولة، داعياً للحوار الفوري. وكان لافين قد دعا من الكنيست قادة المعارضة لزيارته في مكتبه، ليلة أمس، للحوار، لكنهم رفضوا دعوته، واتهموه بالتضليل، ودعوه لوقف التشريع الأحادي غير المتوافق عليه أولاً.

لحظة قبل الهاوية

 وعبّر عدد من كتاب مقالات الرأي الإسرائيليين عن قلقهم من المصادقة على هذا القانون، فقال المعلق السياسي نداف أيال في صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن مسيرة الخراب والهدم قد انطلقت. فيما قال زميله بن درور يميني، في مقال نشرته الصحيفة المذكورة، إن المتشددين في المعسكرين المتصارعين يقودون إسرائيل نحو الهاوية. بينما كشفت صحيفة “هآرتس” عن تردّد ضباط وجنود الوحدات العسكرية في الاحتياط إن كانوا سيشاركون في جبهة الرفض، وكيف يشاركون.

كما جدّدت أعداد متزايدة من جنود الاحتياط التهديد بعدم التطوّع للخدمة العسكرية إذا تم تمرير التشريع، وقال الرئيس السابق لحكومة الاحتلال إيهود باراك إن على الطيارين وأعضاء النخب العسكرية رفض الاستمرار في الخدمة في الجيش الإسرائيلي إذا تمت المصادقة النهائية على مشروع قانون المعقولية. وقال باراك: “في ذلك اليوم أتوقع أن يكرر الطيارون وشعبة العمليات الخاصة في المخابرات العسكرية صرختهم: احذر يا نتنياهو، في اللحظة التي تحاول فيها تحويل مشروع القانون إلى قانون حقيقي، لن نخدم ديكتاتورية.

مخاوف من سفك دم

وتخشى أوساط إسرائيلية من سفك دماء في الشوارع، في نطاق السجال المتصاعد بين معسكرين يتصارعان حول خطة “إصلاح” النظام القضائي في إسرائيل، وتغّذيه خلافات عميقة وجوهرية متراكمة بين اليهود الشرقيين والغربيين، بين المتدينين والعلمانيين، بين المستوطنين وبين أنصار تسوية الدولتين.

 نوح هراري: حان الوقت لإيقاف حكومة نتنياهو عند حدّها، وإذا لم تتوقف يجب أن تتعلّم ماذا يحدث عندما نكون غاضبين.

وتبدو المنازلة بين المعسكرين المتصارعين في إسرائيل نوعاً من “معركة كسر عظم” بينهما، نتيجة اختلافات كثيرة بين الجهات الإسرائيلية المختلفة، لا خلافاتهم فحسب. وقد سبق أن حذّر رئيس إسرائيل السابق رؤوفين ريفلين من هذه الانقسامات الداخلية “بين الأسباط الأربعة”، مضيفاً لما ذكر فلسطينيي الداخل، الذين اعتبرَهم سبطاً رابعاً، مشدداً على أن هذه الخلافات أخطر من قنبلة إيران.

 وقال المؤرخ الإسرائيلي المشهور عالمياً يوفال نوح هراري، ضمن خطاب ألقاه أمام التظاهرة المركزية في تل أبيب، قبل أسبوع: “حان الوقت لإيقاف حكومة بنيامين نتنياهو عند حدّها، وإذا لم تتوقف يجب أن تتعلّم ماذا يحدث عندما نكون غاضبين. إذا تم بشكل أحادي الجانب تمرير واحد من مشاريع قوانين الانقلاب على النظام القضائي، فسوف نعارض ذلك بكل وسيلة سلمية لدينا”. كما ربط هراري بين جهود الحكومة الإسرائيلية للانقلاب على النظام القضائيّ، وبين السيطرة العسكرية الإسرائيلية على الفلسطينيين في أراضي الضفة الغربية المحتلة، وقال إنه ينبغي معارضة كليهما بنفس القوة.

 

يوم التشويش الوطني

وفي ساعة مبكّرة من صباح اليوم، بدأ المتظاهرون الإسرائيليون بسّد مداخل مركزية في محيط مدينة تل أبيب، ومن المتوقع إغلاق شوارع مركزية في طول وعرض البلاد خلال الساعات القادمة. وستتم “أم المظاهرات” ضمن “اليوم الوطني للتشويشات”، كما جاء في بيانات قادة الاحتجاج، مساء اليوم، فمن المخطّط محاصرة مطار اللد وتشويش حركة الطيران، وفي الثامنة والنصف ليلاً يخططّون لمظاهرة عملاقة في قلب تل أبيب.

وقد عمّت الاحتجاجات مناطق عديدة في إسرائيل، مساء يوم الأربعاء الماضي، عقب إعلان تنحية قائد لواء الشرطة في منطقة تل أبيب عامي إيشد من منصبه، وهو ما اعتبره هذا الأخير لأسباب سياسية، لا مهنية، الأمر الذي دفع جماهير غفيرة إلى النزول إلى الشوارع في عدد من المدن، وإغلاق مفترقات شوارع عديدة. وأفيد أن قائد لواء تل أبيب قدّم استقالته بعد جولة من التعيينات الجديدة التي أجراها وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وشملت تعيين قائد جديد للواء شرطة تل أبيب بدلاً من إيشد، وإحالته إلى منصب أدنى في جهاز الشرطة، وهو ما اعتبره الضابط إقالة مباشرة لأسباب سياسية، وليس لاعتبارات مهنية. وقال إيشد، في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام، إن هذا الإجراء ضده جاء بسبب اتهامه بالتعامل بليونة ولطف مع المتظاهرين ضد التغييرات في الجهاز القضائي، مساء كل سبت، وعدم استخدام القوة معهم عند إغلاقهم الشوارع خلال هذه التظاهرات، وذلك خلافاً لتعليمات وزير الأمن القومي التي دعت إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد هؤلاء المتظاهرين.

حمل رئيس المعارضة يائير لبيد على قادة الائتلاف الحاكم، وقال إنهم قاموا بعملية تشريع خاطف مثلهم مثل لصوص الليل.

إقالة قائد شرطة تل أبيب

وكان الوزير بن غفير أعلن إقالة إيشد من منصبه كقائد للواء شرطة تل أبيب يوم 9 آذار الماضي، مؤكداً أن سبب ذلك يعود إلى فشله في أداء واجبه في وقف الإخلال بالنظام وإغلاق شوارع رئيسية وحيوية.

 

 كذلك صادقت الهيئة العامة للكنيست بالقراءة التمهيدية، يوم الأربعاء الماضي، على مشروع قانون يقضي بتحييد نقابة المحامين الممثَّلة بعضوين في لجنة تعيين القضاة، في إطار تشريعات خطة الحكومة الإسرائيلية الرامية إلى إضعاف الجهاز القضائي، وذلك بعد أقل من شهر من انتخاب المحامي عميت بيخر رئيساً للنقابة. ويعلن بيخر معارضته الشديدة لخطة الحكومة المذكورة. وقدّم مشروع القانون عضو كنيست من حزب الليكود، ويقضي بتحويل نقابة المحامين إلى هيئة تطوعية. كما يقضي بتشكيل مجلس محامين، وبأن يقوم وزير العدل الإسرائيلي بتعيين رئيس له، يكون مؤهلاً لتولي منصب قاضٍ في محكمة مركزية. وكان رئيس لجنة القانون والدستور والقضاء في الكنيست عضو الكنيست سيمحا روتمان قد قال، في وقت سابق، إنه لا يفترض أن تكون نقابة المحامين جزءاً من لجنة تعيين القضاة.

وأفاد استطلاع جديد بهبوط حاد في نسبة الإسرائيليين المتفائلين، مقابل ارتفاع كبير في نسبة المتشائمين، في كل ما يتعلق بالأوضاع الأمنية التي تعيشها إسرائيل في الفترة الأخيرة، والتي سوف تعيشها خلال الفترة القريبة القادمة في ظل المستجدات المتسارعة، وفي ضوء ما يرشح عن خطط الحكومة الإسرائيلية الحالية المستقبلية، سواء على الصعيد الإسرائيلي الداخلي أو على صعيد العلاقة مع الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة أو على صعيد العلاقات الإقليمية، وخصوصاً مع بعض دول الجوار، وإيران بالتحديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب