الجزائر تعلن أنها احتوت حريقا مستعراً في غاباتها..
الجزائر تعلن أنها احتوت حريقا مستعراً في غاباتها.. وفداحة الخسائر تفتح النقاش السياسي حول الاستعداد للكوارث
ذكر التلفزيون الرسمي أن الجزائر تمكنت من احتواء حريق مستعر في غاباتها.
وأكد الدفاع المدني الجزائري في صفحته على “فيسبوك” أن عمليات الحراسة متواصلة، وهذا ربما تفاديا لاشتعال الحرائق مجددا.
وكانت الداخلية الجزائرية أعلنت، الثلاثاء، إخماد غالبية الحرائق التي طالت مناطق الشمال الشرقي للبلاد بفعل التجند دون انقطاع وتسخير إمكانيات مادية وبشرية كبيرة وتكثيف التعاون بين الولايات”.
وذكر بيان للداخلية أن “هذه النتائج الإيجابية تحققت بفضل فعالية التدخلات الجوية من خلال طائرات الإطفاء المقحمة، التي حققت نتائج ملموسة، وبلغت نجاعتها القصوى بعد التحسن النوعي للظروف المناخية وانخفاض سرعة الرياح ودرجة الحرارة”.
وذكر نفس المصدر، أن عمليات الإخماد تتواصل حاليا على مستوى 13 بؤرة حريق موزعة عبر سبع 7 ولايات، وتبقى المناطق التي تم إخماد الحرائق بها قيد المراقبة من طرف المصالح العملياتية المجندة.
كما كشفت عن شروع السلطات المحلية بالمناطق التي تم على مستواها التحكم في الحرائق في عمليات معاينة الأضرار، وإحصاء المتضررين، قصد المضي في إجراءات تعويضها، وذلك بأوامر من الرئيس عبد المجيد تبون.
والملاحظ يوم الثلاثاء عدم تسجيل مصالح الحماية المدنية أي وفيات بعد الحصيلة الثقيلة التي انتهى إليها يوما الأحد والإثنين بوقوع 34 ضحية بين عسكريين ومدنيين. وكانت الحصيلة المعلن عنها في البداية 15 قتيلا قبل أن يتم تسجيل (10) ضحايا من أفراد الجيش الوطني الشعبي، وتسع (9) ضحايا مدنيين.
وبسبب الخسائر الكبيرة في الأرواح، تحولت الحرائق المهولة التي شهدتها المناطق الشمالية الشرقية للجزائر، إلى مادة للنقاش السياسي، خاصة من قبل أحزاب المعارضة التي حملت السلطات مسؤولية عدم التحسب لهذه الكارثة، في وقت أكد وزير الداخلية أن هذه الموجة غير مسبوقة وأن إمكانيات الدولة كلها سخرت من أجل تقليل الخسائر.
وقالت جبهة القوى الاشتراكية وهي أقدم أحزاب المعارضة، إنها تعبر عن أسفها لعدم اتخاذ التدابير المناسبة لتجنب تكرار السيناريوهات الكارثية، وذلك رغم الحرائق المميتة التي شهدتها الجزائر لسنة 2021.
وأعرب الحزب في بيان له عن بالغ قلقه أمام مأساة حرائق الغابات الأخيرة التي مست العديد من ولايات شمال الوطن والتي تسببت في مقتل عشرات المواطنين بالإضافة إلى الخسائر المادية المعتبرة وتحول هكتارات من الغطاء النباتي إلى رماد.
وذكرت القوى الاشتراكية أنه لا يمكن لموجة الحر الاستثنائية التي تجتاح البلاد أن تكون ذريعة لغياب استراتيجية وطنية فعالة تتعلق بالوقاية من الكوارث الطبيعية وتسييرها، إذ لا تزال مواجهتها تتم بنفس الطرق وبنفس الوسائل”.
وأكد الحزب أن “السلطات مطالبة بتسخير كل الإمكانيات البشرية والمادية من أجل مواجهة هذه الكارثة وإعلان المناطق المعنية مناطق منكوبة مع تقديم المساعدات والمرافقة اللازمة لمواطنينا”.
أما حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، فوجّه بدوه انتقادا شديد للسلطات، مبرزا في بيان له أن “المواطنين تركوا لتدبر أمورهم بأنفسهم في مواجهة النقص الصارخ في الموارد للتعامل مع الحرائق المدمرة التي اندلعت في عدة أماكن في البلاد”.
وتساءل الحزب المعارض عن مصير وعود السلطات قبل عامين التي تحدثت عن تخصيص موارد كبيرة لتوفير طائرات إطفاء، مشيرا لغياب إدارة ناجعة للكوارث وتنظيم الإغاثة في أوقات الخطر.
من جانبها، أكدت حركة مجتمع السلم أن الجهات المعنية مطالبة بضرورة الإسراع في التدخل لإخماد الحرائق، من خلال توفير كل الوسائل المادية والإمكانات الخاصة للإطفاء للحد من اتساع رقعة الحرائق وآثارها.
ودعت الحركة المحسوبة على المعارضة داخل البرلمان، لفتح تحقيق معمق لتحديد الأسباب والمسؤوليات في اندلاع الحرائق الواسعة التي تسببت في سقوط ضحايا وخسائر في الأرواح والممتلكات. كما طالبت بتظافر الجهود الجماعية لإسعاف المصابين، والتضامن مع المتضررين والتعاون على تجنيب المواطنين والممتلكات الخسائر والمخاطر المحدقة التي تتسبب فيها الحرائق.
وأمام حدة الانتقادات الموجهة، نفى وزير الداخلية ضمنيا في تصريحاته وجود أي تقصير. وقال في تصريح نقله التلفزيون الرسمي من غرفة العمليات الوطنية التابعة للحماية المدنية، إننا نعيش موجة حرائق غير مسبوقة، مؤكدا أن الدولة سخرت إمكانيات هائلة للتقليل من الخسائر.
ووفق وزارة الداخلية، فقد أرسل لمناطق الحرائق نحو 8000 فرد مع تسخير 529 شاحنة من مختلف الأحجام، كما تدعمت هذه الوسائل بعشرة أرتال متنقلة قادمة من الولايات غير المعنية بالحرائق وفرقتين للدعم الجهوي.
وبخصوص عمليات الإطفاء عبر الجو، ذكرت الداخلية أنه تم إقحام الطائرات المستأجرة والطائرة ذات السعة الكبيرة بي 200 الروسية الصنع التابعة للقوات الجوية للجيش، حيث تواصل العمل على مستوى المناطق المتضررة، رغم الظروف المناخية الصعبة بفعل الرياح القوية والارتفاع القياسي لدرجات الحرارة.
وعلى المستوى الشعبي، احتدم النقاش عبر مواقع التواصل، حول عدم اقتناء طائرات إطفاء للسنة الثالثة على التوالي بعد حرائق منطقة القبائل التي خلفت أكثر من 100 قتيل، بين من يلوم السلطات على ذلك ومن يرى ضرورة تجنب أي استغلال سياسي للمأساة وتأجيل هذا النقاش في ظل أن الكارثة لم تمر بعد.