«الدعم السريع» تحذر من حرب أهلية شرق السودان… والجيش: لا هدنة والتفاوض متوقف

«الدعم السريع» تحذر من حرب أهلية شرق السودان… والجيش: لا هدنة والتفاوض متوقف
ميعاد مبارك
الخرطوم ـ : قال المتحدث باسم الجيش السوداني نبيل عبد الله، أن الحديث عن هدنة مرتقبة مع الدعم السريع غير صحيح، مشيرا إلى أن وفد الجيش في مباحثات جدة لا يزال في البلاد، والتفاوض متوقف حاليا، في حين حذرت قوات «الدعم السريع» من «نذر حرب أهلية» بين مكونات شرق السودان. وكانت تقارير محلية قد تحدثت عن قرب توصل الجيش وقوات الدعم إلى اتفاق وقف عدائيات طويل الأمد، يستمر لمدة شهرين، تحت رقابة دولية.
وأعلن الجيش في 26 يوليو/ تموز الماضي، عودة وفده المفاوض في مباحثات جدة إلى الخرطوم للتشاور، مشيرا إلى خلافات جوهرية حول مسودة اتفاق وقف العدائيات مع الدعم.
وأكد استعداده لمواصلة المباحثات متى ما تم استئنافها بعد تذليل المعوقات، مبينا أن الجانبين توافقا على كثير من النقاط في مسودة وقف العدائيات، إلا أن الخلاف حول بعض النقاط الجوهرية وبينها إخلاء الدعم السريع لمنازل المواطنين في كافة مناطق العاصمة الخرطوم، وإخلاء مرافق الخدمات والمستشفيات والطرق، أمر أدى إلى عدم التوصل لاتفاق وقف العدائيات. وأبدى انفتاحه على كافة المبادرات الساعية إلى إيجاد حلول تقود لإنهاء الأزمة الراهنة في البلاد.
في المقابل أبدت «الدعم السريع» الانفتاح ذاته، متهمة الجيش بتعطيل اتفاق وقف العدائيات، مؤكدة أن الخلاف بين الجانبين ليس متعلقا بإخلاء منازل المدنيين وإنما تمسك الجيش برفع الحصار عن مقر رئاسة القيادة العامة للقوات المسلحة وسط الخرطوم.
اتصال بين بلينكن وفكي
وفي الأثناء، أجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، اتصالاً هاتفياً مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، حيث بحثت «الجهود المشتركة لإنهاء الصراع في السودان».
وفي وقت تواجه المباحثات تحديات عاد على إثرها وفد الجيش إلى الخرطوم، تقوم القوى السياسية بتحركات واسعة إقليمية ودولية، تهدف لحل الأزمة الراهنة في البلاد.
ميدانيا، شهدت مدينة بحري، شمال العاصمة السودانية الخرطوم، مواجهات، بينما سمع دوي انفجارات وأسلحة ثقيلة في المدينة التي تنتشر قوات الدعم في معظم أحيائها وتسيطر على أغلب مرافقها الخدمية.
وقال الجيش إن قوات العمل الخاص نفذت عملية نوعية، داهمت خلالها مجموعة من قوات الدعم التي تحتل منازل المدنيين في مدينة بحري وحولتها إلى ثكنات عسكرية، مضيفا: أن «القوات الخاصة تقوم بعملية تنظيف للمناطق السكنية من المتمردين».
حزب البشير يندد بأوامر قبض بحق قادته ويصف نيابة كسلا بـ «ذراع الميليشيا»
في المقابل، قالت الدعم السريع إن الطيران التابع للجيش الحق أضرارا فادحة بمحطة كهرباء أمدرمان التحويلية والتي تمد قطاعا واسعا من المدينة الواقعة غرب العاصمة بالكهرباء.
واتهمت الجيش بحماية قادة النظام السابق، والتغطية على نشاطاتهم في البلاد، معتبرا ذلك مواصلة في «محاولات نظام الرئيس السابق المتطرفة لممارسة ذات السياسات والألاعيب القديمة في الغش والخداع من أجل التغطية على نشاط عناصر حزب المؤتمر الوطني- الحزب الحاكم السابق- في عدد من الولايات خاصة شرق السودان».
وقالت إن «الجيش أخرج قيادات النظام السابق من السجون وقام بحماية تحركاتهم من العاصمة الخرطوم إلى ولايات السودان المختلفة وانخراطهم في الحرب بترتيب تام من قيادات المؤتمر الوطني في القوات المسلحة».
ونددت بما وصفتها بـ«التحركات العلنية والاجتماعات التي أقامتها قيادات المؤتمر الوطني في شرق السودان» مؤكدة أنها بعلم وتنسيق من قيادات القوات المسلحة وتحت حماية الاستخبارات العسكرية وحكومات الولايات.
ورأت أن ذلك يكشف بجلاء «حجم المؤامرة التي يتعرض لها الشعب السوداني والتي تمثل الحرب الدائرة مجرد بداية لها» محذرة من «نذر الحرب الأهلية بين مكونات شرق السودان، إذ أن ملامحها تطل من خلال تسليح بعض القبائل دون الأخرى، الأمر الذي يشكل مهدداً للنسيج الاجتماعي الذي يعاني أصلاً من احتقان متراكم وبات الآن قابلاً للاشتعال من جديد بعد توفر كافة العوامل التي تساعد في تفجر الصراع»
وأضافت أن «قرار التعبئة العامة الذي أصدره القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، كان بغرض فتح المعسكرات للمجموعات الجهادية المتطرفة وتسليحها» مؤكدة أن ذلك «تم بأوامر مباشرة من قيادة النظام السابق التي تتحكم في مجريات الأمور داخل القوات المسلحة وفي تسيير جميع مؤسسات الدولة».
وشهدت الأسابيع الماضية تحركات واسعة لقيادات إسلامية في شرق السودان، بينهم مطلوبون في قضية تقويض الحكم الديمقراطي في البلاد، وآخرون في المحكمة الجنائية الدولية.
وفي يوليو/ تموز 2019، بدأت جلسات محاكمة البشير و15 عسكريا و8 من قادة الحركة الإسلامية، بتهمة تقويض النظام الدستوري والانقلاب على حكومة ديمقراطية منتخبة في العام 1989.
وجرت محاكمة قادة انقلاب «الانقاذ» وفق المواد (96) و(78) من القانون الجنائي السوداني لعام 1983 والتي تجرم تقويض النظام الدستوري في البلاد، بالفعل أو المشاركة وتصل عقوبتها إلى الإعدام.
وفضلا عن الاتهامات الموجهة لهم بتقويض النظام الديمقراطي في البلاد، فإن البشير وعددا من المتهمين في القضية، مطلوبون لدى المحكمة الجنائية، في تهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.
في أعقاب اندلاع حرب 15 أبريل/ نيسان الماضي، تم فتح السجون وإطلاق المحبوسين، خلال المعارك. وبينما نفى طرفا الصراع الضلوع في ذلك، فر عدد من القادة الإسلاميين من سجن كوبر، شمال العاصمة الخرطوم.
وحرك محامون سودانيون بلاغات ضد القادة الإسلاميين المطلوبين، أصدرت على إثرها نيابة كسلا أمرا بالقبض عليهم.
وندد حزب المؤتمر الوطني- الحزب الحاكم السابق- والذي تم إيقاف نشاطه في عام 2019، بقرار النيابة، واعتبر أنه جاء بناء «على عريضة تجمع القوى المدنية المناهضة للحرب» متهما إياها بموالاة قوات «الدعم السريع».
ووصف النيابة بأنها إحدى أذرع «الميليشيا المتمردة السياسية» مشيرا إلى أن موظفين في حكومة الولاية، عينهم رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، قاموا بممارسة ضغوط، فتح بناء عليها بلاغ بالقبض على عدد من قيادات الحزب.
مساندة الجيش
وقال في تعميم صحافي أمس الأربعاء إن «قادته الذين شملهم أمر القبض لم يقوموا بأكثر من استنفار عضوية الحزب للاستجابة (لنداء الوطن في معركة الكرامة) ومساندة الجيش» معتبراً ذلك «موقفا وطنيا مشرفا تم إعلانه بواسطتهم منذ خروجهم من الاعتقال، ويتسق تماما مع سياسة الحزب، ونداء القائد العام للقوات المسلحة، والواجب الوطني على كل سوداني في مواجهة (عدوان يستنصر بالمرتزقة) في حربه ضد شعبنا وقواته المسلحة» حسب البيان.
وأضاف: «لا نعتقد أن السلطات المختصة في البلاد وفي كل مستوياتها تحتاج لإعادة تعريف (العدو) كما أن امتلاء مفاصل السلطة بمن يدينون للميليشيا المتمردة بالولاء؛ لهو أمر جدير بالانتباه».
ووصف أوامر القبض بـ«المحاولات البائسة واليائسة غير ذات الجدوى في وقت حساس من (تاريخ البلاد)» موضحا أن «الوضع الراهن يتطلب الكف عن كل ما يشتت التركيز عن المعركة ويشق الصف الوطني».
وأكد الحزب «استمراره في دعم القوات المسلحة بكل ما يملك».
وطالت أوامر القبض قادة النظام السابق، علي عثمان محمد طه وعبد الرحمن الخضر وعوض أحمد الجاز، بالإضافة إلى أحمد هارون المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية، في قضايا تتعلق بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب دارفور.
«القدس العربي»