دراسات

الممر الهندي – الخليجي – الأوروبي في سياق عالمية الحرب الثالثة على جبهتين: السلاح والاقتصاد  بقلم الدكتور محمد مراد

 بقلم الدكتور محمد مراد - المنبر الثقافي العربي والدولي

التحميل

https://drive.google.com/file/d/1ZhUwUhLw-ihU78VqetTv7_lEc9T7ilZV/view?usp=sharing

الممر الهندي – الخليجي – الأوروبي
في سياق عالمية الحرب الثالثة على جبهتين: السلاح والاقتصاد
 بقلم الدكتور محمد مراد باحث في التاريخ السياسي والعلاقات الدولية
تمهيد
استمرّ التوازن في أحجام القوّة بين الدول الكبرى هو المعادلة التي حكمت العلاقات الدولية في ضوء النتائج التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية، والتي أدخلت العالم في منظومة جديدة من العلاقات وجدت تشريعاتها القانونية والحقوقية والسياسية من خلال تفاهمات وتوافقات القوى القطبية الوازنة في اطار منظمة الأمم المتحدة، التي أعلنت، بعد الحرب، بوصفها مرجعية دولية لإعادة ضبط العالم بعد حربين عالميتين مدمرتين متتاليتين لم يفصل بينهما أكثر من عقدين من الزمن: الأولى 1914 – 1918، والثانية 1939 – 1945.
تكرّس التوازن الدولي في ضوء ما اصطلح على تسميته بالحرب الباردة بين محوري الثنائية القطبية الولايات المتحدة الأمريكية، التي تزعمت حلف الغرب الرأسمالي (حلف شمال الأطلسي أو الناتو)، والاتحاد السوفياتي الذي تزعّم حلف الشرق (حلف وارسو).
من مظاهر توازن القوّة لهذين القطبين:
1 – التوازن العسكري لجهة قدرة الردع لكل منهما، من حيث امتلاكهما لأسلحة نووية ذات قدرة تدميرية شاملة، لكن استعمالها من قبل الطرفين لا ينتج انتصارا على الآخر، فكلاهما خاسر، ومعهما العالم أيضا.
2 – التوازن الأيديولوجي بين أيديولوجية رأسمالية ليبرالية في الاقتصاد والثقافة والمجتمع والانسان، مقابل أيديولوجية اشتراكية – شيوعية كمنظومة مغايرة في فلسفتها للاقتصاد والعالم.
3 – التوازن في الانتشار الجغرافي فكريا وسياسيا وثقافيا على مساحة الفضاء العالمي.
4 – التوازن في اتخاذ القرارات والمواقف من القضايا العالمية الكبرى داخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي التابع لها، والذي شرّع التوازن من خلال منح حقّ “النقض” أو “الفيتو” لكل من أعضاء الدول الخمس الكبرى.
استمرّت معادلة التوازن المشار اليها الى لحظة سقوط القطب السوفياتي في مطلع العقد الأخير من القرن الفائت (القرن العشرين)، ليشهد العالم، بعد ذلك، استنفارا لتحشيد عناصر القوّة الجيوسياسية من أجل توظيفها في استراتيجية الصعود في مراتب الهرم الدولي لضمان موقع متقدّم في النظام الجديد الذي سيتولى إدارة وحكم العالم على مدى القرن الحالي (الحادي والعشرين).
أولا، الولايات المتحدة بعد الحرب الباردة: حرب استباقية لضمان الانفرادية القطبية
على أثر حدث القرن المتمثّل بالسقوط المدوّي للاتحاد السوفياتي، سارعت رأسمالية المركز الأميركي التي شيّعت لنهاية التاريخ، وهي تسوّق إعلاميا لانتصارها الوهمي وأيديولوجيتها الرأسمالية في الفكر السياسي واللبرلة الاقتصادية، سارعت الى اعتماد السبل الكفيلة بتثبيت موقعها الانفرادي على قمّة النظام الدولي، حيث لجأت الى توفير آليات الامساك بعناصر القوّة الاستراتيجية التي تضمن لها التوظيف الجيوسياسي لمشروعها الاستئثاري بحكم العالم عن طريق تجنيدها لمجموعة من الدول والأقاليم التي لها من الخصوصيات الجيو-استراتيجية والثروات المادية، لا سيما تلك التي تتمتع بمخزونات هائلة من احتياطيات الطاقة (النفط والغاز) .
كانت دول الخليج العربية الثماني، وهي منظومة الدول الستّ المنخرطة في عضوية مجلس التعاون الخليجي منذ الأول من أيّار (مايو) 1981، وهي: المملكة العربية السعودية، الكويت، قطر، سلطنة عمان، الامارات العربية المتحدة والبحرين، إضافة الى العراق الدولة الوازنة في شمال الخليج، واليمن في الجنوب، كانت هذه الدول قد وضعتها الولايات المتحدة في مقدّمة أولوياتها للاحتواء والسيطرة، وقد اعتمدت معها سياسة تقوم على خطين متوازيين:
الأول، اسقاط عسكري بالحرب للدولة الأكثر وزنا، أي العراق، حيث قادت عليه ثلاث حروب متواصلة في أقلّ من ثلاث عشرة سنة بين 1990 – 2003، كانت الأولى عام 1991، وهي حرب “عاصفة الصحراء”، التي حشّدت لها الولايات المتحدة ثلاثين دولة أطلسية وحليفة تحت ذريعة “تحرير الكويت”، الثانية، كانت حرب الحصار الاقتصادي والغذائي غير المسبوق في التاريخ البشري، حيث أودى بملايين الضحايا من الشعب العراقي جوعا ومرضا وتقتيلا، والثالثة، كانت حرب الاحتلال، واسقاط نظامه الوطني في 9 نيسان 2003، لكأنّ هذا التوقيت في انجاز الاحتلال كان هدفا مرسوما في الأجندة العدوانية الأمريكية – الصهيونية والرجعية التابعة، لمحو ذكرى السابع من نيسان – عيد انطلاقة الفكر القومي الوحدوي التحرري المتمثّل بانعقاد المؤتمر التأسيسي لحزب البعث العربي الاشتراكي في 7 نيسان 1947.
الثاني، احتواء دول مجلس التعاون الستّ، ماليا واستثماريا وأمنيا من خلال إبرام سلسلة من المعاهدات الدفاعية والأمنية، تحوّلت معها الدول المذكورة الى دول تابعة تحت مظلة الحماية الأمريكية، حيث كانت الترجمة لهذه المعاهدات في الانتشار العسكري الأميركي في أكثر من 33 قاعدة عسكرية في الخليج العربي، اضافة الى تحوّل الدول المعنية الى سوق حيوي لشراء السلاح الأميركي من جهة، والى دفع الأموال الطائلة كأكلاف للوجود العسكري المباشر على أرض الخليج من جهة أخرى.
ثالثا، الاجتياح الأميركي للوطن العربي
كان احتلال العراق نقطة الارتكاز في استراتيجية السيطرة الأميركية على الخليج، واستكمالا لسائر المجال الجغرافي السياسي للوطن العربي. فقد انفتح هذا المجال أمام سلسلة من الحروب الأهلية التي ما تزال مستعرة في غير قطر عربي، وهي حروب كانت تغذيها وتدفع اليها الولايات المتحدة، إضافة الى جهات متعددة أخرى خارجية دولية واقليمية. كان المخطط الأميركي لتفجير الوطن العربي تحت يافطات محاربة الارهاب الذي لم يكن سوى تعليب أميركي تمّ تصنيعه أميركيا، ومن ثمّ إلصاقه بقوى التطرف الاسلامي تحت مسميات “القاعدة” و “داعش” وغيرهما من الفصائل العديدة الأخرى، هذا المخطط لا يزال مستمرا في مسلسل الحروب الأهلية، وهو مرسوم في استراتيجية أميركية لقيام شرق أوسط أميركي جديد يكون بديلا للوطن العربي وللهوية القومية العربية، ويكون منسجما مع طموحات الصهيونية في إقامة الدولة اليهودية التوراتية الكبرى عبر مسارات التطبيع المتسارعة حاليا مع غير نظام من النظم العربية الرسمية.
ثالثا، أميركا والحرب الروسية – الأوكرانية
بعد احتلال أفغانستان في العام 2001، والعراق 2003، وبعد ان رسمت خريطة الشرق الأوسط الجديد كبديل للوطن العربي، راحت الولايات المتحدة الأميركية تستكمل أجندتها في الحرب الاستباقية للامساك بمفاصل القوة في العالم، فعملت، وبمساعدة حلفائها في حلف “الناتو”، على محاصرة روسيا الاتحادية في شرق أوروبا، وكان ذلك باختراق أوكرانيا – الدولة الصناعية الوازنة في العهد السوفياتي السابق، من أجل الوقوف على الباب الأوروبي لروسيا تمهيدا لاضعافها وتجريدها من عناصر قوتها الجيوسياسية (أوراسيا)، وثرواتها الهائلة من معدنية واقتصادية وطاقة، وقدراتها التكنولوجية العالية في الصناعات التحويلية والعسكرية.
كانت الدوافع الأميركية للسيطرة على الشرق الأوسط وشرق أوروبا يتمثل بقيام حزام أمريكي يفصل الصين ومجالها الحيوي في جنوب وجنوب شرق آسيا عن محيطها الآسيوي (الهند ومجموعة النمور الآسيوية)، والخليج العربي، امتدادا الى غير بلد في آسيا العربية، وكذلك مصر وسائر أقطار أفريقيا العربية أيضا.
رابعا، الصين: السباق الاقتصادي نحو قمّة النظام الدولي
اذا كانت الولايات المتحدة قد راحت تهيء البيئة الدولية لتكريس أحاديتها القطبية للقرن الحادي والعشرين الحالي، عبر إمساكها بمفاصل القوّة الجيو-استراتيجية، ومخزونات الثروات الاقتصادية والطاقة، والتي تقدّم دول الخليج العربي بما فيها العراق، أنموذجا للتوظيف الأميركي في توليد مشروع جيوسياسي للسيطرة على العالم، فإنّ دولا عديدة أخرى، وفي طليعتها مثلّث القوّة الآسيوي (الصين، روسيا، الهند)، راحت، بدورها، تنظر الى مرحلة ما بعد الحرب الباردة على أنّها مرحلة مخزونة بالتحديات الكبرى، التي من شأنها أن تحدّد مستقبل النظام الدولي والعلاقات الدولية لعقود طويلة قادمة.
لقد شهدت مرحلة ما بعد الحدث – الزلزال، الذي أخرج الاتحاد السوفياتي من معادلة التوازن في القرن العشرين الماضي، حراكا دوليا متسارعا باتجاه السعي لكسر الانفرادية الأميركية، وإقامة نظام دولي جديد يرتكز الى التوازن القطبي والديمقراطية في العلاقات الدولية.
عام 1997، قامت كتلة اقتصادية دولية تحت مسمى “مجموعة البريكس” التي ضمّت 7 دول هي: الصين، الهند، روسيا الاتحادية، البرازيل، جنوب أفريقيا، بالاضافة الى إيران وتركيا بصفة عضوين مراقبين. توخّت هذه المجموعة إنشاء نظام دولي متعدّد الأقطاب على قاعدة الندّية، وإلغاء القاعدة الصفرية التي تحكم علاقات القطب المهيمن مع الدول، فالجميع “رابح” في التعامل وفقا للبريكس، وليس هناك من رابح وخاسر.
لم يكن الدافع الاقتصادي وحده وراء قيام مجموعة “البريكس”، وإنّما الاقتصاد متلازما مع الاعتبارات السياسية والاستراتيجية. فقد أظهرت المجموعة في غير قمّة لها تصميما متزايدا على اثبات حضورها في القضايا الدولية المفصلية يأتي متوازيا مع وزنها المتزايد عالميا.
كانت مجموعة “البريكس” من أبرز التحديات التي واجهت النزعة الانفرادية الأميركية في وقوفها على قمّة النظام الدولي الذي يكون مفصّلا على قياس مصالح شركاتها العابرة في عصر العولمة، وتوظيف ثروات العالم في خدمة مراكماتها الرأسمالية المستدامة.
جاء في دراسة استشرافية لمستقبل “البريكس” أنّ أربعا من دولها وهي الصين والهند وروسيا الاتحادية والبرازيل، سوف تتحوّل، بحلول منتصف القرن أي في العام 2050، الى قاطرة للاقتصاد العالمي ومحوره الأكثر فعالية.
شكّلت البريكس ردا اقتصاديا ملفتا، حيث أثار حفيظة التوجهات الأمريكية المدفوعة بنزعة الهيمنة والتسلطية لحكم العالم، الا أنّ هذه النزعة لم تلغ تصميم الصين، وهي الدولة المحور في مجموعة “البريكس”، بل على العكس من ذلك، راحت تعمل على تعزيز استراتيجيتها لمواجهة تحديات الهيمنة الأمريكية، وهي استراتيجية قدّمت الاقتصاد كأولوية في نظام علاقات دولية تحكمه التوازنات والتعددية القطبية.
أثناء زيارته الى كازاخستان عام 2013، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ المبادرة – الحدث “الحزام وطريق الحرير”، التي أطلق عليها اسم “خطة مارشال” الصينية. هدفت المبادرة، التي اجتمعت في شراكتها أكثر من 150 دولة ومنظمة دولية، الى زيادة كبرى في فعاليات الحركة والمبادلات التجارية للصين على مساحة جغرافية دولية تغطي ثلثي سكّان العالم.
يتكوّن مشروع “الحزام والطريق” الذي يلتحق به أكثر من 2600 مشروع في أكثر من 100 دولة، من 6 طرق رئيسية بمسارات بحرية وخطوط للسكك الحديدية والطرق البرية. من هذه الطرق مشروع “الممر الأوسط” الذي يبدأ من تركيا الى جورجيا، وأذربيجان، وبحر قزوين، ثمّ يتابع مساره الى تركمانستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وكازاخستان، وعبر ممر قزوين وصولا الى الصين. ومن بين الدول العربية الخليجية المستفيدة من المبادرة، المملكة العربية السعودية، سلطنة عمان، الامارات العربية المتحدة. وقد جاء في دراسة للبنك الدولي أنّ التجارة الدولية بين الدول ذات الصلة بالمشروع الصيني سوف تشهد زيادات مضطردة بين 7.2% و11.2%. هذا، وكان خبراء قد قدّروا كلفة الصين لانجازه بحوالي 1.3 تريليون دولار بحلول عام 2027.
واذا كان الهدف الصيني القريب من مبادرة “الحزام والطريق” يتمثّل بزيادة التفاعلات الاقتصادية البينية للدول ذات الصلة بهذا المشروع الاستراتيجي الضخم، الا انّ هدفا بعيدا آخر لم يكن معلنا، وهو أنّ هذا المشروع من شأنه نقل مركز القوّة الاقتصادي الذي انفرد به الغرب تاريخيا، الى الشرق، والذي سيكون المارد الصيني هو العنوان الأول في الاقتصاد العالمي، الأمر الذي سيفضي الى كسر التفوق الأميركي والقوى المتحالفة معه، والى ظهور نظام جديد للعالم تنتهي معه مرحلة التفرد الأميركي التي استمرت طويلا، واستمر معها العالم يدفع أكلافها الباهظة .
خامسا، الممر الهندي – الخليجي – الأوروبي الجديد: حرب اقتصادية أميركية ضدّ الصين
اذا كانت الحرب خيارا استراتيجيا أميركيا للسيطرة على الشرق الأوسط، وبالتالي على شرق أوروبا من خلال الحرب الأوكرانية التي مازالت مستعرة منذ شباط (فبراير) 2022 ، فإنّ خيار المواجهة للمارد المتعاظم ، كان يقتضي كسب السبق الاقتصادي بالتوازي مع الخيارات الحربية التي لم تعد وحدها كافية لحسم الصراعات الدولية لصالح الأحادية الأميركية من غير منازع.
في العاشر من ايلول (سبتمبر) 2023، وعلى هامش القمّة الثامنة عشرة لمجموعة العشرين، التي عقدت في نيودلهي – العاصمة الهندية – جرى الاعلان عن “مذكرة التفاهم” بشان انشاء ممر جديد للسفن والسكك الحديدية يربط الهند بالخليج العربي بالبحر المتوسط وصولا الى اليونان فأوروبا.
حملت “مذكرة التفاهم “توقيع عدد من رؤساء الدول والوفود المشاركة في القمّة، وكان من بينهم: الرئيس الأميركي “جو بايدن”، ورئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي”، ورؤساء وفود كل من فرنسا، والمانيا، وايطاليا، والمملكة العربية السعودية التي تمثلت بولي العهد محمد بن سلمان الذي أذاع المذكرة، والامارات العربية المتحدة.
يتكوّن الممر الجديد من خطين منفصلين:
الأول، الخط الشرقي، وهو خط بحري يبدأ من ميناء مومباي بالهند باتجاه ميناء دبي في الامارات العربية المتحدة على الخليج العربي.
الثاني، الخط الشمالي، وهو ممر برّي، يبدأ من الامارات عبر خط بالسكك الحديدية الى منطقة الغويفات الاماراتية، ليتابع مساره بعد ذلك، الى المملكة العربية السعودية، ويصل الى جنوب الأردن، ثمّ يدخل فلسطين المحتلة حتى يبلغ ميناء حيفا الساحلي على المتوسط، ومنه يتابع بحرا الى ميناء بيرايوس اليوناني ثمّ يكمل برا الى أوروبا.
يبلغ طول الممر الجديد حوالي 3000 ميل، ويتوزّع بين خط ملاحي للسفن، وخطوط للسكك الحديدية، مع مجموعة من خطوط الاسلاك الكهربائية، وكابلات الاتصالات، والانترنت، وأنابيب لنقل الطاقة.
تكمن الآهمية التجارية لهذا الممر في اختصاره طريق التجارة الدولية بين الهند وأوروبا بنسبة تفوق ال 40%، ويزيد من فعاليات التبادل التجاري، حيث يسهّل مرور البضائع، وأيضا تيسير عملية نقل الكهرباء المتجددة، والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط أنابيب من أجل تعزيز أمن الطاقة، ودعم جهود تطوير الطاقة النظيفة، اضافة الى تنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية.
مع الاعلان عن انشاء الممر الجديد، لم يعد الصراع الاقتصادي الأميركي – الصيني يدور في الخفاء، وإنّما برز الى العلنية بصورة محتدمة تعكس اندفاع كل من الدولتين وراء كسب القوّة الاقتصادية كمحدّد أساس في التوظيفات الجيوسياسيىة للصعود الى مواقع القطبية في النظام الدولي الذي هو قيد التشكل في القرن الحالي.
وصف الرئيس الأميركي “جو بايدن” المشروع الجديد بأنّه “سوف يغيّر قواعد اللعبة”، أي أنّه سوف يتحوّل الى مزاحم فاعل لمبادلات الصين التجارية، والى محاصرتها أيضا في أسواق نفوذها في مجالها الآسيوي القريب، وفي الخليج العربي والمنطقة العربية، كما في أفريقيا وأوروبا. فقد كان المقصود من تصريح “بايدن”. أنّ الممر الهندي سوف يكون بديلا للمبادرة الصينية ” الحزام والطريق”، وسوف يعمل على سحب مفاعيل علاقات الصين التجارية التي أخذت تنمو بصورة متسارعة بعد العام 2013، لا سيّما العلاقات التجارية والمشاريع الاستثمارية التي أبرمتها مع دول عديدة في الشرق الأوسط، مثل السعودية، والامارات، وسلطنة عمان، ومصر، وسوريا، وكذلك مع إيران وسواها. كان الخوف الأميركي يكمن في أن تفتح العلاقات الصينية – الشرق أوسطية منافذ جديدة، ليس فقط في مجال المبادلات السوقية وحدها، وإنّما أيضا في الوصول الى منابع الطاقة من النفط والغاز، والتي هي الأعلى في العالم على صعيدي الاحتياطيات والانتاج معا.
كما لم يكن بعيدا عن مقاصد الرئيس الأميركي من أنّ الممر الهندي سوف يفضي الى تغيير جيو – استراتيجي ببعديه الاقتصادي والسياسي، حيث سيقوم باستمالة الهند الى محور الغرب الرأسمالي في أميركا والاتحاد الأوروبي، وهذا أمر في غاية الخطورة على الصين ومحورها الشرقي. إنّ التفكيك الاقتصادي – السياسي بين الهند والصين لم يضع الهند كمنافس آسيوي للصين وحسب، وإنّما سوف يقفل الطريق على الطموحات الصينية والحليفة في نقل مركز الثقل الاقتصادي من الغرب الى الشرق.
إنّ مقارنة لأحجام القوّة بين الدولتين الآسيويتين تتيح استشراف مستقبل القوى الفاعلة ليس في آسيا وحسب، وإنّما أيضا في العالم، والنظام الدولي الذي سيحكم هذا العالم على مديات العقود القادمة من القرن الحالي.
1 – على مستوى المساحة:
الصين 9.6 مليون كم2، مقابل الهند 3.3 مليون كم2 ، وبذلك ، يكون المجال المساحي الصيني يوازي ثلاث مرات المجال المساحي الهندي ، ومع ذلك تبقى الهند تحتفظ بالمرتبة السابعة عالميا على مستوى المساحة الجغرافية .
2 – على مستوى الكتلة السكّانية:
الصين: 1.42 مليار نسمة عام 2020، 1.41 مليار عام 2030، 1.31 مليار عام 2050، وصولا الى 0.8 مليار نسمة في نهاية القرن أي عام 2100.
الهند: 1.43 مليار نسمة، 1.5 مليار، 1.7 مليار و1.9 مليار نسمة على التوالي لأعوام: 2020، 2030، 2050 ,2100.
(أنظر الشكل 1)
3 – على مستوى الناتج الاجمالي المحلي:
الصين: 17.7 تريليون دولار لعام 2020، بالمقابل، الهند: 3.4 تريليون دولار للعام نفسه. وبذلك، يكون حجم الناتج الاجمالي المحلي للصين يوازي نحو خمس مرات حجم الناتج الاجمالي المحلي للهند.
4 – على مستوى معدلات نمو الناتج السنوي:
الصين: 7.7 % لعام 2013، 6.8 % لعام 2016، 5.5 % لعام 2022.
الهند: 6,4 %، 8,3 %، 9.1 % على التوالي لأعوام: 2013 , 2016، 2022.
(أنظر الشكل 2)
يتضح من الشكلين (1) و (2) ، أنّ تطور حجم الكتلة السكّانية، وكذلك معدلات نمو الناتج الاجمالي المحلي، هو تطور تصاعدي عند الهند، في حين أنّه يتخذ خطا تراجعيا عند الصين، وهذا أمر تظهر معه الهند كلاعب وازن في تشكلات المحاور الدولية بين الغرب والشرق.
في تصريح لمستشار الأمن القومي الأميركي “جيك سوليفان”، جاء فيه أنّ الممر الهندي سيفتح البلدان المشاركة على مرحلة واعدة من “الاستثمار في التكامل الاقليمي”.
ترى الولايات المتحدة أنّ الممر الجديد من شأنه أن ينقل الصراع الاقتصادي الأميركي – الصيني الى جنوب آسيا، وذلك عبر وقوف الهند على البوابة الصينية، وأنّ استمالتها الى الجانب الأميركي – الأوروبي سوف يمنح هذا الجانب نقاط قوّة في عملية التحشيد والتعبئة للفوز بموقع القطب الأعلى في هرم النظام الدولي الذي هو قيد التشكّل حاليا. فقد جاء في وصف رئيسة المفوضية الأوروبية ” أورسولا فون ديرلاين ” الممر الهندي بأنّه سوف يكون “الشريط الأكثر مباشرة حتى الآن بين الهند والخليج العربي وأوروبا“، فهو، حسب توقعها “جسر أخضر رقمي عبر القارات والحضارات”، وأنّ “خط السكك الحديدية سيجعل التجارة بين الهند وأوروبا أسرع بنسبة 40%”.
كما أدلى مسؤولون في الاتحاد الأوروبي بتصريحات أجمعت على أنّ سياسة الاتحاد تهدف، بصورة أساسية، الى تعميق وتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع دول الخليج العربي، الأمر الذي سيكون بمثابة الردّ المناسب على روسيا الاتحادية في حربها مع أوكرانيا المدعومة من حلف الناتو عسكريا وماليا وسياسيا ودبلوماسيا. والجدير ذكره في هذا المجال، أنّ الاتحاد الأوروبي كان قد خصّص أكثر من 300 مليار يورو للانفاق على تعزيز البنية التحتية في الخارج لسنوات 2021 – 2027، من خلال مشروع “البوابة العالمية الذي تمّ اطلاقه في اطار استراتيجية أوروبية لمنافسة ومواجهة ” مبادرة الحزام والطريق” الصينية المعلنة في العام 2013.
سادسا، تداعيات الممر الهندي على الخليج والوطن العربي
باستثناء دول الامارات والسعودية والأردن، تبقى الدول العربية الأخرى خارج فعاليات الممر بحكم عدم وقوعها على مساراته البحرية أو خطوط سككه الحديدية. فالتجارة العربية البينية متدنية كثيرا، فهي لم تتجاوز نسبتها 3% من اجمالي مبادلاتها الخارجية، كما أنّ معظم الدول العربية عدا عن كونها تعاني من اقتصادات ضعيفة، فهي تعاني من أزمات ثقيلة اقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية، حيث يشهد العديد منها اقتصادات -أزمات في ظل سلسلة من الحروب الأهلية المفتوحة، التي ما تزال مستعرة في غير قطر منها.
فإذا كانت دولة الامارات قد قطعت شوطا طويلا في التطبيع الاقتصادي مع الكيان الصهيوني، فإنّ شراكة السعودية و”اسرائيل” في الممر الهندي سوف تكون من الدوافع التي تسرّع بعلاقات تطبيعية تأخذ طريقها الى الشمولية بينهما في مستقبل ليس ببعيد. ومما تجدر الاشارة اليه في هذا المجال أنّ الممر الهندي الجديد هو أحد مظاهر التقارب الجيوسياسي والاقتصادي بين الهند وكل من السعودية والامارات، فالهند هي ثاني أكبر شريك تجاري للسعودية، حيث وصل حجم التجارة البينية الى 52.75 مليار دولار خلال العام 2022، ممّا يرفع السعودية الى رابع شريك تجاري للهند. كما ارتفعت التجارة الثنائية بين الهند والامارات الى 85 مليار في العام نفسه، الأمر الذي جعل الامارات ثالث أكبر شريك تجاري للهند، وثاني أكبر وجهة تصدير لها بين دول العالم.
من هنا، فإنّ اختيار الدول الموقّعة على مذكرة إنشاء الممر الهندي – الخليجي – الأوروبي في قمّة نيودلهي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتلاوة المذكرة، لم يكن خيارا خارج استهداف المملكة لما تمثّله من وزن خليجي وعربي من جهة، ولتسريع دخولها في شراكة تطبيعية اقتصادية وسياسية ودبلوماسية مع الدولة العبرية التي ترى أنّها دخلت مرحلة حلمها التوراتي في قيام دولتها اليهودية المزعومة من جهة أخرى.
التداعيات السلبية على مصر
لمّا كانت قناة السويس التي دشّن العمل فيها في العام 1869 قد عادت على مصر بفوائد اقتصادية وإيرادات مالية جمّة، فهي اختزلت المسافات التجارية بين الخليج العربي وأوروبا والعالم من جرّاء ربطها بين البحرين الأحمر والمتوسط.
لقد زادت عائدات القناة من خزينة الدولة الوطنية مع قدوم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على اتخاذه القرار الوطني والقومي الذي قضى بتأميمها في العام 1956، وهو القرار الذي دفع دول بريطانيا وفرنسا و” اسرائيل ” الى شنّ عدوانها الثلاثي على مصر آنذاك. لكن مصر خرجت، من العدوان، وهي أقوى بفعل الدعم القومي العربي الذي رفع شعار الوحدة العربية، ودعا الى الانتصار للقضايا القومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
إنّ استثناء الممر الهندي الجديد لمصر – الدولة القاعدة في الوطن العربي – سوف يترك تداعيات سلبية على حركة مرور السفن والنقل البحري في قناة السويس، ذلك أنّ حركة المرور والمبادلات سوف تشهد تغييرا في اتجهاتها من الخليج العربي – البحر الأحمر – قناة السويس – البحر المتوسط – أوروبا فالعالم، الى سلوك طريق الممر الهندي – الخليجي – الأوروبي الجديد. كما سيكون هناك تغيير في خط سير كابلات الأنترنت التي تعبر القناة، وتستفيد من مرورها الدولة المصرية في تغذية إيراداتها المالية، وكذلك في خطوط الكهرباء والكابلات وأنابيب الطاقة.
عام 2021 بلغت قيمة الرسوم التي جنتها مصر كعائدات مرور في قناة السويس حوالي 7 مليارات دولار، ارتفعت في العام التالي أي 2022 الى 9.4 مليار دولار، وهذه مؤشرات على أهمية القناة وعائداتها من جهة، وبالتالي، على مدى التراجع الذي سيطرأ بعد إنجاز الممر الهندي الجديد، والذي من شأنه تهميش قناة السويس ممرا بحريا وعائدات مالية من جهة أخرى.
تغييب مرفأ بيروت وإلغاء دوره التاريخي على شرقي المتوسط
احتلّ مرفأ بيروت موقعا مركزيا في الاقتصاد العربي منذ مطلع العشرينيات من القرن الماضي، ولم تلبث أهميته الاقتصادية والتجارية أن تعاظمت كثيرا بعد العام 1948، حيث تحولت التجارة العربية، على أثر القطيعة العربية مع الكيان الصهيوني، من مرفأ حيفا الى مرفأ بيروت الذي راح يتحول بسرعة الى محطة العرب الأولى في التسويق والتفريغ والشحن والترانزيت.
في 4 آب (أغسطس) 2020، تعرّض المرفأ الى انفجار أشبه برلزال كان أقرب الى قنابل أميركا النووية ، التي ألقيت على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في 3 و6 آب (أغسطس) 1945 ، في نهاية الحرب العالمية الثانية.
مع الاعلان عن انشاء الخط الهندي للتجارة الدولية ، والذي سيكون منجزا وجاهزا للعمل في غضون شهرين فقط ، وفي غياب مرفأ بيروت الذي مايزال مدمرا ، يتضح أنّ تدمير هذا المرفأ لم يكن بعيدا عن مخطط أميركي – صهيوني لإلغاء دور بيروت ومرفئها الذي شكّل ، خلال القرن المنصرم ( القرن العشرين ) ، قاعدة مركزية للتجارة والاقتصاد العربي ، وذلك باتاحة الفرصة لمرفأ حيفا تحت سلطة الاحتلال الصهيوني ، للتفرد والاستئثار بحركة التجارة على الساحل الشرقي للمتوسط ، مستفيدا من الممر الهندي الجديد من ناحية ، ومن مسارات التطبيع مع معظم النظم العربية الرسمية من ناحية أخرى.
” اسرائيل ” في ظل الممر الهندي محور التجارة والاقتصاد في الشرق الأوسط
ممّا تجدر الاشارة اليه أنّ فكرة مشروع الممر الهندي ولدت في تموز (يوليو) 2022 كخط للتجارة الدولية من شأنه الدخول بقوّة على خط المنافسة والمواجهة الاقتصادية مع خط الصين “مبادرة الحزام والطريق” . طرحت فكرة المشروع الهندي – الخليجي – الأوروبي الجديد عند توقيع ” اتفاقية ابراهام” عام 2020 في واشنطن بين “اسرائيل” والامارات العربية المتحدة والبحرين برعاية الرئيس الأميركي السابق “دونالد ترامب”.
هدفت الولايات المتحدة من وراء المشروع الجديد الى جعل ” اسرائيل ” المحور الاقتصادي المركزي للمنطقة العربية برمتها، فرئيس الوزراء الاسرائيلي “بنيامين نتنياهو” أكّد على أهمية الممر الجديد بالقول: “إنّه مشروع التعاون الأكبر في تاريخنا“، وهو “سيعيد تشكيل اسرائيل والمنطقة”.
وأضاف: ” أنّ اسرائيل ستؤدي دورا محوريا في مشروع دولي غير مسبوق، سيغيّر وجه الشرق الأوسط ووجه اسرائيل، وسيؤثّر في العالم بأسره “.
من المفيد ذكره لجهة التطورات اللاحقة التي ستشهدها المنطقة العربية بعد تدشين العمل بمشروع الممر الهندي، والذي ستشهد معه حركة النقل والمبادلات التجارية الكثيفة، لاسيّما في الجزء الشرقي من البحر المتوسط أي بين حيفا واليونان وسائر أوروبا، أنّ ذلك سيؤدي الى تكثيف الوجود العسكري الغربي (الأوروبي والأميركي) والاسرائيلي، لمراقبة وحماية مرور السفن التجارية بين حيفا واليونان وأوروبا. هذا الوجود العسكري لحماية أمن التجارة على طرق المرور من الخليج الى الكيان الصهيوني الى اليونان الأوروبية، هو وجود سوف يفضي الى واقع أمني عسكري واقتصادي سيكون بمثابة تحدّيات كبرى لمصر والسعودية والعراق وسوريا ولسائر الأقطار العربية في قسميها الآسيوي والأفريقي.
خلاصة واستنتاج
هكذا، يكون القرن الحادي والعشرون الحالي قد دشّنته الولايات المتحدة الأميركية بسلسلة من الحروب الاستباقية من أفغانستان 2001، الى العراق 2003، الى سلسلة الحروب ألأميركية في غير قطر عربي تحت يافطة محاربة الارهاب، والوقوف وراء الحرب الروسية – الأوكرانية التي اندلعت في شباط ( فبراير ) 2022، وما زالت فصولها ساخنة ومستمرة حتى اليوم . على موازاة الحروب العسكرية ظهرت الحروب التجارية وحروب الممرات، حيث أخذ السباق العالمي يشتعل على جبهة الاقتصاد كسلاح لا يقل في أهميته عن الحروب العسكرية. بدأت الصين باقامة تكتل اقتصادي تحت مسمى “مجموعة البريكس” في العام 1997، وبعدها أعلنت عن “مبادرة الحزام والطريق” عام 2013. وفي أيلول (سبتمبر) 2023، أعلنت الولايات المتحدة مع الهند ودول أوروبية (فرنسا والمانيا وايطاليا)، ودولتين في الخليج العربي (المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة)، أعلنت انشاء الممر الهندي – الخليجي – الأوروبي، كمشروع مواجهة على جبهة الحرب الاقتصادية مع الصين وحلفائها، من أجل الفوز بالانفرادية القطبية التي ستحكم العالم والعلاقات الدولية لسنوات القرن الحادي والعشرين الحالي.
إنّ الدول العربية، بعد سقوط العراق – الدولة المركز في تجربتها الوطنية والقومية، وبثقلها الاقتصادي والعسكري، وتحويله، بعد احتلاله في العام 2003، الى دولة هامشية ملحقة بالسياسة الأمريكية. ثمّ جاءت الحروب العربية المفتوحة بدءا من مطلع العقد الثاني للقرن الحالي، والتي مازالت متفجرة في غير قطر عربي حتى اليوم، كل ذلك أدخل المنطقة العربية بأسرها في دائرة العجز والاخفاق والتفكيك السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديمغرافي والثقافي الهويّاتي.
هذا الانحطاط العربي الراهن لم يكن بعيدا عن مخطط أميركي استراتيجي يقوم على تفكيك الوطن العربي الى دويلات ومذاهب وأعراق، تنتهي معها روابطها وثقافتها وهويّتها القومية الواحدة، وتتحوّل الى سلسلة من الدويلات المحكومة الى العجز والتهميش في منظومة أميركية شرق أوسطية جديدة، الأمر الذي يقدّم الفرصة التاريخية “لإسرائيل” كي تتربع على عرش القوّة الاقتصادية من خلال دورها المركزي في التجارة الدولية مستفيدة من موقعها على طريق التجارة الدولية على الممر الهندي – الخليجي – الأوروبي فالعالم، وهذا موقع سيساعدها على استكمال عملية التطبيع مع غير نظام من أنظمة العجز العربي الرسمي، وسيجعلها تسرّع من تحويل حلمها التوراتي التلمودي في إقامة دولتها اليهودية الكبرى الى واقع في ظل غياب مشروع عربي للنهوض القومي يكون قادرا على قيادة الأمة العربية، واستعادتها لدورها في مواصلة رسالتها الحضارية والانسانية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب