فلسطين

في اليوم السادس عشر للحرب.. استمرار الكشف عن حسابات إسرائيل في تأخير الحملة البرية

في اليوم السادس عشر للحرب.. استمرار الكشف عن حسابات إسرائيل في تأخير الحملة البرية

الناصره / وديع عواوده

تواصل إسرائيل على لسان سياسييها وعسكرييها، التهديد والوعيد بشن حملة برية ضد قطاع غزة، والتأكيد على أنها باتت وشيكة، وأن الجيش جاهز لها، وينتظر أوامر الحكومة. فيما تواصل مصادر إعلامية عبرية الإشارة لعوامل وحسابات تأخيرها.

وتحت عنوان “رسالة إقليمية”، يلقي محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل، بعض الضوء على هذه الاعتبارات، ويقول إن الجيش مصّمم على دخول القطاع، ويقولها علانية يوميا.

ويقول أيضا إنه في المقابل، هناك تساؤلات لدى الحكومة الإسرائيلية حول احتمالات النجاح، خاصة في ظل قيود الرئيس الأمريكي جو بايدن، وإنها مترددة بين عدة خيارات للاجتياح.

ويضيف هارئيل متطابقا مع عدد كبير من المعلقين العسكريين الإسرائيليين: “يُستدل من اللغة الإسرائيلية، أن الهدف احتلال مناطق واسعة من القطاع، والقيام بتمشيط بحثا عن مقاتلي حماس وعن أسلحتها وذلك طيلة شهور. عمليا يبدو أن هناك ترددا وحيرة لدى المستوى السياسي بين خيارات متنوعة للعملية البرية وبأحجام مختلفة”.

ويتابع هارئيل قائلا: “اجتمع نتنياهو وغالانت على انفراد مع الجنرال في الاحتياط يتسحاق بريك، الذي أطلق في العقد الأخير انتقادات حادة للجيش، وحذر في مقابلات صحافية في الأيام الأخيرة من حملة برية مكثّفة، واقترح التريّث وتحاشي صب الماء على طاحونة حماس”.

كما يوضح هارئيل أن قيادة الجيش مصممّة على الحملة البرية، وأن ما يدور في أوساط  صناعة القرار يقول إنه أمام الكارثة الكبيرة بعد ضربة “حماس” في السابع من أكتوبر، والضرر البالغ الذي لحق بالشعور بالأمن لدى الإسرائيليين، ينبغي منح الجيش ضوءا أخضر لمرة واحدة بأن يقتل ويتعرض للقتل في محاولة لاستعادة بعض الأشياء إلى ما كانت عليه قبل الضربة.

ويتابع: “يطرح ذلك كأمر وطني، وفي نفس الوقت كرسالة حيوية للإقليم. التوتّر الحالي في الشمال من الممكن أن يتصاعد مع بدء الحملة البرية في الجنوب. حقيقة أن 200 طائرة أمريكية مقاتلة ستصل للمنطقة في الأسبوع المقبل، من شأنها أن تساعد في ردع ومنع حرب إقليمية”. ويوضح عاموس هارئيل أن هذا النقاش الإسرائيلي الداخلي، لم يُحسم، لكن الحملة البرية ستكون بطيئة وقاسية وطويلة.

رفع معنويات الجنود

وبحسب تقرير موقع “واينت” العبري الإخباري، يعمل قادة الجيش الإسرائيلي من أجل تشجيع الجنود على الاقتحام والقتال بقوة ضمن الحملة البريّة، موضحا أن الفيلق 890 يستعد لدخول القطاع.

ورغم أن أغلبية جنوده لم يجتازوا في الماضي الحدود مع قطاع غزة، فإنهم “يفهمون الساعات المصيرية وأن الانتصار يأتي من جهة أخلاقية في حرب عادلة فُرضت على إسرائيل ويمكن الموت من أجلها”، بحسب تعبير الموقع.

وينقل “واينت” عن بعض قادة هذا الفيلق قولهم “إننا لا نقلل من قوة وخطورة جنود حماس، لكننا سنتغلّب عليهم ونحسمهم حتى لو استغرق ذلك نصف عام”.

حاليا يواصل الجيش الإسرائيلي القصف العشوائي في شمال القطاع، والضغط على المدنيين والمستشفيات للرحيل بدعوى “الحفاظ على أمنهم” تمهيدا لحملة برية تكون فيها خسائره أقل ما يمكن، خاصة أنه لم يجرؤ على الاجتياح البري للقطاع رغم شن خمسة حروب عليه منذ 2008، وذلك حرصا على سلامة جنوده وخوفا من خسائر بشرية لا يحتملها الإسرائيليون الذين باتوا أكثر حساسية لهذا الموضوع مقارنة مع الماضي، نتيجة تحولات وتفاعلات اجتماعية عميقة في العقود الأخيرة.

وبخلاف وسائل إعلام عبرية، أشارت صحيفة “هآرتس” إلى خوف الجنود والضباط الإسرائيليين في الجيشين النظامي والاحتياطي من مغبة الحملة البرية، وتقول إن هؤلاء يحذّرون من نقص في الدعم النفسي مما يضطرهم لطلب مساعدات نفسية من جهات مدنية (أخصائيون نفسيون، وعاملات اجتماعيات بشكل غير رسمي).

وتنقل “هآرتس” عن أخصائية نفسية إسرائيلية مختصة بالصدمات، قولها إن الجيش يستعين بهذه الطواقم المدنية، وإنه يكاد لا يفعل شيئا وقائيا لمنع الصدمة لدى جنوده. وتتابع: “التوجهات ينبغي أن تكون مغايرة: علينا المبادرة لتعزيز قوة ومناعة الجنود”.

نقطة في بحر وبناء على طلب أمريكي

في ظل التصريحات والتسريبات الإسرائيلية عن قرب الشروع في حملة برية، تظاهر المئات من الإسرائيليين في تل أبيب ليلة أمس مقابل مقر وزارة الجيش، رافعين شعارات تطالب باستعادة الأسرى قبل بدء الاجتياح.

وما زالت قضية هؤلاء تحتل أولوية غير بارزة لدى صناع القرار ولدى الصحافة العبرية، ويبدو أنها رغبة بالامتناع عن التعرض لضغوط من عائلات الأسرى تؤثّر على مستقبل الحرب، أو على منسوب معنويات الجنود والمدنيين.

وكعادته، يغرّد الكاتب الصحافي الإسرائيلي غدعون ليفي الذي قال اليوم في مقال نشرته صحيفته “هآرتس” إن الوقت ثمين وعقارب الساعة تتسارع وينبغي الإفراج عن المخطوفين. لافتا إلى أن العملية هذه لن تكون مجانية: “من يريد إطلاق سراحهم، عليه أن يقول بصوت عال وواضح: أوقفوا الحملة البرية. لا صفقة تبادل في ظل الغزو. هذا هو الوقت لفتح مفاوضات فورية لتبادل الأسرى”.

وهناك أوساط إسرائيلية من مختلف التيارات السياسية تدعو لتبادل أسرى مهما كان الثمن، على أن تعود إسرائيل لاحقا لقتلهم بعد الإفراج عنهم خلال اجتياح ينبغي تأجيله ريثما تنتهي المبادلة.

وفي هذا المضمار، كشفت قنوات عبرية أن إدخال كمية صغيرة من المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح جاءت ضمن صفقة أرادتها الولايات المتحدة وكانت إسرائيل ترفضها. وتقول القناة العبرية 12، إن واشنطن تفحص الآن إذا ما كان هناك احتمال لترتيب قناة للإفراج عن قسم من الأسرى مقابل تسهيلات إنسانية أكبر، وفتح معبر رفح لمواطنين يحملون جنسيات أجنبية لتأمين مغادرة قطاع غزة.

تفريغ المدن والمستوطنات في الشمال

بالتزامن، تتواصل الاشتباكات وعمليات التراشق بين إسرائيل وحزب الله في الجبهة الشمالية. وبسبب تصاعدها الحالي والمستقبلي، تستمر السلطات الإسرائيلية في تفريغ مدينتي كريات شمونة وشلومي وعشرات المستوطنات على طول الشريط الحدودي من رأس الناقورة في الغرب إلى المطلة في الشرق، وذلك على غرار ما فعلته في الجنوب حيث تم تفريغ 60 مستوطنة من منطقة “غلاف غزة” علاوة على مدن سديروت، عسقلان، ونتيفوت بسبب الصواريخ والتوتر الأمني.

وتتواصل زيارات المسؤولين الأجانب إلى إسرائيل، ومنهم رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، التي التقت نتنياهو، والتُقطت لهما صورة عناق تذكر بصورة عناق الرئيس الأمريكي بايدن لنتنياهو الأسبوع الماضي، والتي اعتبرتها أوساط صحافية إسرائيلية صورة معبرّة عن اهتزاز ثقة نتنياهو بنفسه، وهو يبدو قد ارتمى في أحضان بايدن.

عناق يروي الحكاية

من هؤلاء الصحافيين، نحاميا شطرسلر، المحلل للشؤون الاقتصادية، الذي قال إن صورة بايدن يحتضن نتنياهو وهو يرمي بنفسه على كتف الرئيس الأمريكي، تشبه صورة الولد الخائف الباحث عن الأمن والاطمئنان لدى والده.

من جهتها قالت رئيسة الحكومة الإيطالية خلال قمة القاهرة قادمة من تل أبيب، إنه على المجتمع الدولي منع تدهور الحرب بين إسرائيل وحماس.

وفي هذا السياق، كان محرر الشؤون الدولية في القناة 13 العبرية، نداف أيال، قال إن الحجيج الغربي جاء بعدما أدركت أوروبا والولايات المتحدة أن ضربة حماس “طوفان الأقصى” أفقدت إسرائيل صوابها، وإن هناك حاجة لحمايتها من أعدائها ومن نفسها أيضا، كونها تمتلك أسلحة خطيرة وكثيرة، لكنها فاقدة للثقة بالنفس وخائفة، مما يعرضها للتورط بأخطاء وحماقات خطيرة تشعل حربا أوسع.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب