
متى يتوقف العدوان على غزة؟
بقلم د. سالم سرية:أكاديمي وكاتب (فلسطين )
ان السؤال اعلاه هو ما تكرر طرحه في معظم القنوات الفضائيه على المحللين بشتى توجهاتهم المهنية –عسكرية وسياسية واستراتيجية …الخ –وتراوحت الاجابات بين من يعتقد ان النصر في الجانب العسكري هو عامل الحسم وآخر اعتقد ان الانهيار الاقتصادي على جبهة الكيان الصهيوني هي العامل المؤثر والبعض ركز على العامل السياسي المتمثل بالضغط الشعبي الدولي ومواقف الحكومات المؤيدة للحق الفلسطيني في العالم او الضغط الشعبي على الادارة الامريكية ومن معها .والبعض الآخر ركز على الموقف الشعبي العربي وموقف مصر الرسمي حصرا خاصة فيما يتعلق بفتح معبر رفح !!! او على الضغط الرسمي العربي والاسلامي !!
دعنا نناقش بعض ما ورد أعلاه عسى ان تتضح رؤية ملامح الاجابة على السؤال أعلاه .
1-لا شك ان تدمير الامكانيات العسكرية لاي طرف من اطراف المواجهة في اي حرب كلاسيكية شهدتها البشرية ربما يجعل احدهما يخضع ويستسلم ولكن في حالة المواجهة مع الكيان الصهيوني فان امكانياته العسكرية الذاتية لن تنضب لان مصادرها مفتوحة على مصراعيها من قبل امريكا وحلفائها ولو افترضنا ان الجانب الفلسطيني قد دمر مئات الدبابات فهذا لن يؤثر على امكانيات العدو التسليحية لان مصادر التعويض الفوري مفتوحة .
2-اما في الجانب الاقتصادي فلا شك ان هناك خسائر كبيرة على مجمل جوانب اقتصاد الكيان الزراعي والصناعي وافلاس العديد من المؤسسات المالية وهروب المستثمرين … الخ حيث حصل الكيان على 14 مليار دولار من امريكا منذ 7 اوكتوبر . وهنا اقول ان هذا الجانب لا يهم نتنياهو لان المليارات ستتدفق عليه عند احتياجه لها علما ان اوكرانيا قد سبق وحصلت على مائة مليار من امريكا وبالتالي يمكنه الحصول على ذلك بل أكثر اذا تطلب الأمر
3-اما في الجانب السياسي فان المظاهرات الشعبية في امريكا وحلفائها ربما تكون ضاغطة على الادارة الامريكية لتغيير لهجتها وليس لتغيير مواقفها الداعمة بشكل مطلق للكيان الصهيوني لانه سبق ان قامت مظاهرات مليونية ضد الحرب على العراق ولم تفلح في كبح جماح بوش .بينما نجحت في حالة فيتنام نظرا للخسائر البشرية الامريكية .كما ان التعويل على مجلس الامن والمنظمات الدولية لن تفلح ايضا لان الكيان طالما ضرب بعرض الحائط بكل القرارات الدولية .وتبقى الامم المتحدة ومنظماتها الدولية مجيرة دوما لامريكا .اما موقف روسيا والصين فانه دائما موقف برغماتي وانتهازي ومصلحي على الدوام وسبق وجربناه في العدوان الامريكي على العراق
4-اما فيما يتعلق بالموقف الرسمي العربي فلن يرشح عنه الا ضعفه فلا الدول االعربية امتلكت ارادة المواجهة ولا هيأت مستلزماتها وكل قطر يبحث عن مصالحه القطرية حصرا وهذه الانظمة هي التي عملت طويلا على دفن القضية الفلسطينية تحت عنوان حل الدولتين المطلوب من باب الاستجداء وليس من باب الفرض وبالتالي فان نتنياهو مطمئن كل الاطمئنان من هذا الجانب . لانه امتلك ارادة المواجهة وهيأ مسلزماتها منذ ولادة هذا الكيان المسخ .حيث وفر في كل بيت ملجأ ووفر القبة الحديدية عدا عن صناعاته العسكرية والالكترونية المتطورة .
وعودة الى الاجابة على السؤال اعلاه اقول :
ان التعويل على ايقاف الحرب انما يعتمد بشكل رئيسي على خلخلة الجبهة الداخلية الاسرائيلية حصرا وما عداها انما تشكل اضافات لهذا العامل الحاسم وبالتالي فان العوامل هي :
1-ان العودة الى معارك الميدان بجانبها العسكري هي التي يعول عليها ليس في عدد الآليات التي تدمر فحسب بل في عدد الجنود الذين يقتلون علما انه يقال ان هناك عدد لا بأس فيه من المرتزقة الذين يقاتلون بجانب الجيش الاسرائيلي _كما حدث في العدوان الامريكي على العراق _لانه كلما ازداد عدد القتلى من جنود العدو في ظل اطالة المعركة فان صدى الجثث في الجبهة الداخلية الاسرائيلية سيكون عاليا جدا وضاغطا .لذا فان الخسائر البشرية في صفوف الغزاة تشكل العامل الاول
2- ان تخلخل الجبهة الداخلية يعتمد ايضا على:
أ-بقاء المظاهرات التي تطالب بعودة اسرى العدو الى عوائلهم حيث ان نتنياهوا لم يستطع تحريرهم عسكريا رغم وحشية التدمير لغزة منذ 7 اوكتوبر ورضخ مرغما لدعوة القسام لتبادل الاسرى وبذلك يكون قد خفف من تأثير هذا العامل
ب- حالة النازحين الصهاينة سواء الذين رحلوا من المستوطنات الشمالية ام من مستوطنات غلاف غزة والى متى سيصبر هؤلاء على معاناتهم .
3- ان مسألة ايقاف العدوان على غزة سيصبح تحصيل حاصل عندما يعجز الجيش بحملته العسكرية عن تحقيق أهدافه التي أعلنها في 7 اوكتوبر والمتمثلة بالقضاء كليا على المقاومة وهذا سيعرضه الى حرب استنزاف لا يستطيع الصمود فيها فالعدو يتذكر حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية كما انه يدرس كل الحقائق التي يكتشفها يوميا عن قدرة المقاومة في الصمود او المواجهة . انه يراهن على نفاذ الذخيرة التي يتم تصنيعها محليا ويراهن على نفاذ الغذاء والدواء ويراهن على الحاضنة الشعبية وهذه الجوانب بينت له ان هذه المراهنة قد فشلت رغم مرور اكثر من 40 يوما على القصف الهمجي والقاءه آلاف الاطنان من المتفجرات والتي تعادل نصف ما القاه العدو الامريكي على العراق كما قال احد قادة الجيش العراقي السابق . علما ان مساحة غزة لا تقارن بجزء من اي محافظة عراقية .
ان الحقائق العملية والموضوعية التي يكتشفها العدو في هذه المطاولة ستجعله مرغما ان يعيد النظر في حساباته وبالتالي يغير اهدافه شيئا فشيئا ليبقى محافظا على ماء الوجه وتبقى ارقام الربح والخسارة في مجمل الوضع الاسرائيلي ووضع المقاومة هي المعيار الذي يحسم وقف العدوان . .
ونصر من الله وفتح قريب