إدارة بايدن تسعى إلى إنشاء «مناطق خفض اشتباك» في غزة وفكرة «المساعدات المشروطة لإسرائيل» تزداد شعبية في واشنطن
إدارة بايدن تسعى إلى إنشاء «مناطق خفض اشتباك» في غزة وفكرة «المساعدات المشروطة لإسرائيل» تزداد شعبية في واشنطن
واشنطن / رائد صالحه
وجهت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تحذيرات عاجلة لإسرائيل بشأن المرحلة التالية مما وصفته عمليتها العسكرية في غزة، قائلة إن الحملة في جنوب القطاع يجب ألا يتم تنفيذها بنفس مستوى الدمار الذي حدث في شمال القطاع.
وتقترح الإدارة أن توافق إسرائيل على «مناطق خفض الاشتباك» والتي تشمل منشآت الأمم المتحدة وملاجئها التي لن تخضع لقتال عسكري نشط.
وقال مسؤولون أمريكيون في إطار مكالمات هاتفية لمناقشة الجهود المبذولة لزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة إنه لا يمكن أن يتكرر النزوح الذي حدث في شمال غزة في الجنوب.
ويتركز الآن غالبية سكان غزة، أي أكثر من مليوني نسمة، في وسط القطاع وجنوبه بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة، وتبلغ مساحة القطاع بأكمله 141 ميلاً مربعاً فقط.
وتقول جماعات الإغاثة إن أكثر من مليون فلسطيني في غزة نزحوا من منازلهم، وإن الاكتظاظ الهائل في الملاجئ المؤقتة يهدد بنشر الأمراض المعدية.
ويقدر البعض أن ما يصل إلى 15 ألف شخص استشهدوا في غزة منذ أن شنت إسرائيل حربها ضد المقاومة الفلسطينية في غزة.
ورفض الرئيس بايدن الدعوات للضغط على إسرائيل لوقف عمليتها العسكرية ضد حماس على الرغم من المعارضة الشديدة من المجتمع الدولي والانقسامات داخل حزبه.
القضاء على حماس كسلطة حاكمة
وقال مسؤول أمريكي بوضوح «لتكرار ما سمعتموه بالفعل من الرئيس، ومن كبار المسؤولين الآخرين في الحكومة، نريد أن تنتهي أهداف هذه الحملة، وهي القضاء على حماس كسلطة حاكمة».
وقال مسؤولون أمريكيون إن كيفية إجراء الحملة، خاصة في الجنوب، أمر بالغ الأهمية، بسبب الوضع الهش مع النزوح الداخلي الكبير الذي حدث بالفعل على الأرض.
ويشعر زعماء العالم والأمم المتحدة والعديد من المشرعين الأمريكيين وجماعات الإغاثة والمدافعين عن حقوق الإنسان بالقلق من أن المدنيين العالقين في مرمى النيران يواجهون كارثة إنسانية أكثر خطورة.
وقال مسؤول من البيت الأبيض «من المهم للغاية أن تتم الحملة الإسرائيلية عندما تتحرك إلى الجنوب، بطريقة لا تهدف إلى الحد الأقصى إلى إحداث المزيد من النزوح الكبير للأشخاص».
وأضاف «سيكون الأمر أبعد من التخريب، وسيكون أكبر من قدرة أي شبكة دعم إنساني مهما تم تعزيزها ومهما كانت قوية لتكون قادرة على التعامل معها».
ولذلك فإن الإدارة تضغط على إسرائيل للموافقة على مناطق خفض التوتر، التي تقول إنها تختلف عن «المناطق الآمنة» التي دفعت إسرائيل المدنيين الفلسطينيين إلى الفرار إليها أثناء قيامها بالعدوان العنيف في الشمال.
وقال المسؤول: «ما نناقشه ليس المنطقة الآمنة، المنطقة الإنسانية، التي اقترحتها حكومة إسرائيل قبل شهر تقريبًا. ما نتحدث عنه هو ترتيبات عملية على الأرض، ترتيبات متعددة، ما يمكن أن نسميه مناطق عدم الاشتباك.»
وقد أصبحت المستشفيات والمرافق الصحية في غزة أهدافاً للحرب الإسرائيلية الهمجية على غزة، ما أدى إلى تأجيج الغضب في كل دول العالم تجاه الغارات الإسرائيلية على غزة.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن يوم الاثنين الماضي إن الإدارة الأمريكية تضغط على إسرائيل لتنفيذ حملتها في جنوب غزة بحذر شديد، وإعطاء الأولوية لحماية المواقع المدنية، مثل محطات الكهرباء والمياه والمواقع الإنسانية والمستشفيات و«المنشآت الأخرى بما في ذلك العديد من المنشآت التي تدعمها الأمم المتحدة» والملاجئ المنتشرة في جميع أنحاء جنوب ووسط غزة.
وقال المسؤول إن «مناطق عدم الاشتباك» ستكون مناطق «بناءً على أفضل تقدير للأشخاص هناك، أو الأشخاص الذين قد يرغبون في القدوم إلى هناك، لن تخضع لنشاط حركي».
وفي سياق متصل، تزاد فكرة «المساعدات الأمريكية العسكرية المشروطة لإسرائيل» شعبية في واشنطن والكونغرس بعد أن بقيت المساعدات لعقود بدون أي شرط أو تدقيق، وقال رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، مايك تيرنر (جمهوري من ولاية أوهايو) إن ربط المساعدات الأمريكية لإسرائيل بمطالب معينة، سياسة تتوافق مع سياسة الولايات المتحدة مع الدول الحليفة.
وفي مقابلة مع برنامج «واجه الصحافة» على قناة «إن بي سي نيوز» قال تيرنر إنه يعتقد أن البيت الأبيض كان واضحًا بشأن ضرورة قيام إسرائيل «بتقليل» عدد القتلى الفلسطينيين بين المدنيين، ولكنه زعم أن إسرائيل اتخذت خطوات لتلبية هذه المخاوف.
وقال: «أعتقد أن البيت الأبيض كان واضحا، وأعتقد أن سياسة الولايات المتحدة كانت واضحة، كما تعلمون فيما يتعلق بتقليل الخسائر البشرية في صفوف الفلسطينيين الذين ليسوا من حماس». وأضاف تيرنر ردا على سؤال عما إذا كان سيدعم الدعوات المتزايدة لجعل المساعدات الأمريكية مشروطة «بالتأكيد إسرائيل أوضحت الأمر في المناطق التي سيحدث فيها صراع وتحاول إقناع الناس بمغادرة تلك المناطق لتقليل الخسائر».
وضغطت كريستين ويلكر، مراسلة شبكة «إن بي سي نيوز» مرة أخرى بشأن ما إذا كان سيصوت لصالح «المساعدة المشروطة» لإسرائيل إذا ما طرح الأمر للتصويت.
فأجاب تيرنر: «حسناً، أنا لا أقترح ذلك، لكنني أعتقد أنه يعكس بدقة سياسة الولايات المتحدة».
تزايد الدعوات لوقف إطلاق النار
وتأتي تصريحات تيرنر وسط تزايد الدعوات لوقف إطلاق النار وفرض شروط على المساعدات الأمريكية لإسرائيل وسط مخاوف بشأن ارتفاع عدد القتلى المدنيين في غزة.
وأشار الرئيس جو بايدن إلى تكييف المساعدات العسكرية المستقبلية لإسرائيل بأنها «فكرة جديرة بالاهتمام» لكن بعد أيام، أوقف مسؤولو الإدارة أي حديث عن حدوث ذلك.
وتحدث العديد من المسؤولين الأمريكيين بكثافة على برامج الحوارات التلفزيونية، الأسبوع الماضي، لاستبعاد الاقتراح، ملمحين – ولكن ليس القول صراحة – أنه لن يكون هناك تحول في سياسة الإدارة الأمريكية تجاه إسرائيل.
وقال ثلاثة مسؤولين أمريكيين إن بايدن لن يقيد الدعم لإسرائيل في أي وقت قريب.
وقال أحد المسؤولين: «إنه ليس شيئًا نسعى إليه حاليًا».
وأشار مسؤول آخر إلى أن تعليق بايدن، الذي جاء ردا على سؤال أحد الصحافيين، لم يكن يتعلق بالانحياز إلى مشاعر التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي بقدر ما كان بمثابة نافذة على إحباطاته الشخصية من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ولطالما انتقد بايدن بشكل خاص نتنياهو، وكان يتذمر أمام المقربين منه خلال عيد الشكر من أن رئيس الوزراء يمكن أن يكون شريكًا صعبًا، وفقًا لما قاله مسؤول آخر.
ويعتقد بايدن أن نتنياهو لم يركز دائمًا على المحتجزين، ومن المحتمل أن يعكس تعليقه بشأن المساعدة المخاوف بشأن المضي قدمًا في قيادة نتنياهو. تترك هذه الملاحظة بعض الغموض الاستراتيجي حول احتمال قيام الإدارة بتغيير المساعدات في المستقبل، لتكون بمثابة وسيلة لبايدن لإبقاء نتنياهو تحت السيطرة.
ومع ذلك، فإن الموقف الحالي للبيت الأبيض يمكن أن يضع الرئيس في مسار تصادمي مع أعضاء حزبه. واجتمع الديمقراطيون في مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء الماضي لمناقشة الضغط على البيت الأبيض بشأن الشروط، حيث أشار بعض أقوى حلفاء بايدن إلى أنه يمكنه استخدام اللوائح الحالية لتقييد المساعدة.
وقال السيناتور كريس كونز (ديمقراطي من ولاية ديلاوير) وهو أحد أقرب أصدقاء الرئيس في الكونغرس، الثلاثاء الماضي، على قناة «فوكس نيوز»: «هناك شروط مرتبطة بالفعل بمساعدتنا لمجموعة واسعة من البلدان. الشروط المطبقة بموجب القانون كافية لهذه الظروف».
«القدس العربي»: