“يلّا غزة”.. وثائقي فرنسي يقدّم صورة بانورامية عن القطاع في قرن كتب يوسف الشايب
كتب يوسف الشايب -الايام الفلسطينية

“يلّا غزة”.. وثائقي فرنسي يقدّم صورة بانورامية عن القطاع في قرن
كتب يوسف الشايب:
أكثر من قرن على حكاية القضية الفلسطينية، وواقع قطاع غزة، منذ الحقبة العثمانية، مروراً بالبريطانية، فالمصرية، فالاحتلال، فاتفاق أوسلو، والانسحاب أحادي الجانب، والانقسام، ومن ثم الحروب المتتالية، اختصرها المخرج الفرنسي رولاند نورييه، في قرابة مئة دقيقة مقدماً بانوراما وثائقية شاملة عبر فيلمه “يلّا غزة” (2023)، في واحد من أوائل عروضه عالمياً، مساء الأربعاء الماضي، بالتزامن مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، مدشناً من قاعة سينما القصبة بمدينة رام الله، الفعالية السينمائية التضامنية لمخرجين أجانب، وتحمل اسم الفيلم، وتتواصل حتى العشرين من الشهر الجاري، بواقع عرضين أسبوعياً مساء كل أحد وأربعاء.
وقال نورييه في كلمة له بالفيديو عرضت مسجلة قبيل عرض الفيلم، الذي تم تصويره في العامين الماضين: الفيلم بالأساس يقوم على رفض الأحكام المسبقة وفضحها، وأعني الانحيازات السلبية التي غالباً ما تتناقلها وسائل إعلامنا عن الفلسطيني عامة، والغزّي على وجه الخصوص.. الفكرة الرئيسة للفيلم هي استعادة إنسانية الفلسطينيّين في غزة، لأنه يتم تجريدهم من إنسانيتهم باستمرار، حتى ما قبل السابع من أكتوبر.. لقد تمّ ذلك بالفعل، وأنا غاضب من وسائل إعلامنا وطريقة تعاملها مع الأحداث الجارية.. نسمع مراراً وتكراراً أن إسرائيل تشن حرباً على حماس، والحقيقة هي أن إسرائيل تشن حرباً على الفلسطينيين لإبادتهم، مشدداً: نحن الذين نؤمن بعدالة قضية الفلسطينيين وحقوقهم علينا أن نواصل العمل بما نؤمن به، ويجب ألا نتخلى عنهم.. الأفلام هي وسيلتي الوحيدة في القتال، وهي طريقة غير عنيفة كما أنا للتضامن مع الفلسطينيين، عبر سرد تاريخهم وواقعهم، وهو ما كان في فيلم “يلّا غزة”.
وفي إطار التأريخ والتحليل السياسي، تنقل نورييه بين جان بيير فيليو البروفيسور الفرنسي المتخصص في العلوم السياسية ومؤلف كتاب “تاريخ غزة”، والمفكر والباحث ثوماس سواريز مؤلف كتاب “دولة الإرهاب: كيف شكل الإرهاب دولة إسرائيل الحديثة”، وحسّان بلعاوي ممثل منظمة التحرير الفلسطينية لدى الاتحاد الأوروبي، وباسم نعيم القيادي في حركة حماس، والمؤرخ الفلسطيني غسّان وشاح، وسيلفيان سايبيل الصحافي الفرنسي المتخصص بالعلاقات الأميركية الإسرائيلية، وماتياس شمالي مدير عمليات “الأونروا” في قطاع غزة، وإلينور برينتستين إحدى مؤسسات منظمة “لا للاستعمار”، وغيرهم.
ويسلط الفيلم أيضاً الضوء على الجانب الثقافي والفني والأكاديمي والتعليمي والإغاثي في قطاع غزة، والتحولات التي طالت هذه القطاعات جرّاء المفاصل التاريخية، والحروب المتكررة على قطاع غزة، ودور الفاعلين في هذه القطاعات في نهضة القطاع، لاسيما ما بعد الحروب والنكبات، عبر وحيد أبو شحمة مدرب الدبكة الذي حول هذه الرقصة الفلكلورية الفلسطينية إلى فعل مقاومة وصمود وتفريغ خاصة لدى اليافعين ما بعد الحروب، والجرّاح الفرنسي كريستوفر أوبرلين الذي لطالما تطوّع في العمل بمشافي قطاع غزة، بالإضافة إلى الحضور الخاص للمخرج البريطاني العالمي الشهير كين لوش، المعروف بتأييده لعدالة القضية الفلسطينية.
ولم تغب الحكايات الإنسانية التي تعكس صمود أهل القطاع، كما لم تغب النماذج التي ترمز إلى التحدي كلاعبات كرة القدم من الفتيات، والسباحين ولاعبي الكرة من مبتوري الأقدام، إضافة إلى علاقة الصداقة الاستثنائية بين المسلم الملتزم الضرير الدكتور حاتم وصديقه المسيحي كمال نرزي، ويصفه بأنه “عيونه”، بحيث يرى من خلاله غزة.
وكان وزير الثقافة د. عاطف أبو سيف، وفي كلمة مسجلة بالفيديو من قطاع غزة، حيث هو منذ ما قبل الحرب بأيام، شدّد على أهمية “يلّا غزة” كفعالية تعرض أفلاماً يفضح مخرجوها ومنتجوها إجرام المحتل الإسرائيلي وحروب الإبادة بحق قطاع غزة، وتقدم شهادات بصرية على عراقة غزة وحضارتها، لافتاً إلى أن القطاع الذي يتعرض للموت والدمار يسعى للنهوض دوماً والاحتفاء بالحياة.