من يحقق الحلم العربي؟

من يحقق الحلم العربي؟
خلدون الشيخ
كاتب من أسرة القدس العربي
انتقل اهتمام الملايين في عالمنا العربي من الصراع الدموي وحرب الابادة في غزة الى الصراعات في ملاعب كرة القدم في قطر وكوت ديفوار، على أمل أن تنتهي حمامات الدم في فلسطين بحلول منتصف الشهر المقبل لمعرفة هوية بطلي قارتي آسيا وأفريقيا، في ظل اقامة المسابقتين في توقيت متقارب جداً، وعلى أمل أن يتوج فريقان عربيان في النهاية، فمن يحمل صفات البطل وأحلام العرب؟
من بين المنتخبات العربية الـ15 المشاركة في البطولتين، فان عشرة منها تلعب في بطولة آسيا في نسختها الـ18. ومن النسخ الـ17 السابقة توج العرب 6 مرات فقط، علماً أن مشاركات العرب في النهائيات جاءت متأخرة منذ النسخة الخامسة بسبب مشاركة الكيان الصهيوني في النسخ السابقة قبل ابعاده، ومع ذلك توزعت الألقاب الستة على 4 منتخبات عربية فقط، هي السعودية (3 ألقاب) ولقب لكل من الكويت والعراق وقطر، وفي البطولة الدائرة حالياً في قطر هناك 6 مرشحين أقوياء لاحراز اللقب، بل يجمع النقاد والمتابعون على أن اللقب لن يخرج عنها، وهي المنتخبات التي وضعت على رأس المجموعات، وبينها منتخبان عربيان هما السعودية وحاملة اللقب والمستضيفة قطر، بالاضافة الى ايران وكوريا الجنوبية واليابان واستراليا. وللمفارقة فان كلها حققت انتصارات في الجولات الأولى. أي ان حلم العرب برفع كأس آسيا مرهون بمنتخبين فقط، في حين أن هناك أحصنة سود، قد تشكل مفاجأة وهي قادرة على مقارعة الكبار، واذا كانت في يومها، فانها قادرة على تحقيق اللقب وهي متمثلة بمنتخبات العراق والامارات والأردن، وأيضا هناك من المنتخبات العربية ممن تملك فرصة بعيدة وبحاجة الى ظروف قاهرة للخصم ومواتية لها كي تقترب من الكأس وهي منتخبات مثل عمان والبحرين وربما سوريا ولبنان وفلسطين، علما أن العراق حقق انتصارا مدوياً على اليابان أقوى المرشحين للقب.
وللغرابة فان المنتخبات العربية العشرة في آسيا، حققت الفوز بنصف المباريات في الجولة الأولى، بينها انتصاران عربيان على منتخبين عربيين آخرين، بانتصار قطر على لبنان في الافتتاح وأيضا الفوز المتوتر للسعودية على عمان. واذا أردنا أن نستنتج أمراً ما من أول جولة، فان المنتخب القطري يبدو الأكثر اقناعا من العرب، بل هو من يملك كل المقومات اللازمة للذهاب حتى النهاية، رغم انه لم يختبر بصورة حقيقية، كون الصراعات النارية آتية في جولات خروج المغلوب، وهو ما يبحث عشاق «العنابي» على اجابة عليه بعدما سقط أمام الضغوطات العاتية قبل أكثر من سنة في نهائيات كأس العالم، ولم يصمد أمام التحديات والتوقعات، ولهذا يتطلع أنصاره الى رؤية تصحيح الاخطاء بعد اكتساب خبرة خوض اختبارات ونهائيات في مختلف القارات خلال العامين الأخيرين. أما حامل الأمنيات العربية الآخر المنتخب السعودي، فان وضعه غير مطمئن، ليس بسبب قلة مواهبه او عجز حيله، لكن بسبب مدربه، الايطالي روبرتو مانشيني، الذي ربما أضفى روحاً سلبية على معسكر الفريق، وكأن شيئاً ما ليس على ما يرام، وهو ما رأينا في الارتباك والتخبط خلال المباراة الأولى أمام عمان رغم الفوز الذي جاء بشق الأنفس.
أما في افريقيا، فان من المنتخبات العربية الخمسة المشاركة، فان 4 مرشحة بقوة للقب، بل هي على الورق من بين المرشحين الستة الأبرز لاحراز اللقب الرابع والثلاثين، والمنتخبات هي المغرب وتونس والجزائر ومصر، الى جانب المستضيفة كوت ديفوار وحاملة اللقب السنغال، فيما تعتبر مشاركة موريتانيا انجازاً بحد ذاته، لكن بقية الأربعة سيواجهون صعوبات جمة لنيل اللقب، كون أن الفوارق بين المرشحين بقوة والاحصنة السود من المنتخبات، على غرار نيجيريا وغانا والكاميرون ومالي، ليست كبيرة، والدليل النتائج المثيرة والغريبة وفي الجولة الاولى من النهائيات، فكل المنتخبات العربية أخفقت في تحقيق الفوز عدا عن المغرب، الوحيد قدم مباراة مقنعة بالعرض والنتيجة في مباراته الأولى، فيما سقط الفراعنة في فخ التعادل مرتين، وفي مرتين اضطر الى العودة بالنتيجة بعد تخلف، فيما سقطت تونس في مباراتها الأولى أمام المغمورة ناميبيا، وتعادلت الجزائر مع المكافحة أنغولا، علما المنتخبات العربية أحرزت اللقب 12 مرة من أصل 37 نسخة، ومن خلال 5 منتخبات فقط، هي مصر (7) ولقبان للجزائر، ولقب لكل من المغرب وتونس والسودان.
ومع ذلك، ورغم البداية المتواضعة، فهذا لا يعني أن المنتخب المصري لن يتعافى، بل معروف عنه ان بدايته دائما تكون بطيئة، في حين أن المنتخب التونسي يتوق للعب عكس التيار وضد التوقعات، بل «يتعملق» في الظروف الصعبة، فيما يملك «محاربو الصحراء» ما يكفي من المواهب لتكملة المشوار رغم الاجواء السلبية مع تشبع الافكار من بلماضي، ورغم كل هذا يبقى المنتخب المغربي صاحب أقوى فرص لتحويل الحلم العربي الى حقيقة بالتتويج، ليستكمل حكاية القدر، التي تنص دائماً على أن من يجد ويجتهد يجد، ومن يفكر ويخطط ويبني يجني في النهاية الثمار، وهو ما فعلته الرياضة المغربية والقطرية في السنوات الأخيرة.