تحقيقات وتقارير

«كعكة» انتخابات الأردن: الوسط ينافس بعضه ومعركة «الأشلاء» أولوية الإسلاميين ومزيد من الرموز في الاشتباك

«كعكة» انتخابات الأردن: الوسط ينافس بعضه ومعركة «الأشلاء» أولوية الإسلاميين ومزيد من الرموز في الاشتباك

بسام البدارين

عمان انضمام أسماء لامعة لبعض أحزاب الوسط الأردنية عشية التحضير لانتخابات 2024 مؤشر إضافي على اشتعال حمى التنافس تحضيرا لتلك الانتخابات التي أصبحت معركة طوفان الأقصى بصيغة أو بأخرى من عناصر الجذب والتأثير فيها، مع أن التيار الإسلامي برمته والذي تخشاه السلطات وأحزاب الوسط رفع مبكرا شعاره القائل «الأولوية لمعركة الأشلاء في غزة ولا نهتم بالانتخابات».

بالتوازي لا تريد الجهات المخاصمة للإسلاميين والتي تخشى استثمارهم اجتماعيا بالانتخابات لما يحصل في غزة الانتباه لما يقوله قادة التيار الإسلامي في السياق، فيما تستمر هندسة الأحزاب الوسطية باتجاه محاولات لإنعاشها وتأطير جهدها برامجيا مع الاحتفاظ بتلك المعادلة التي تقول بأن المجال غير متاح أمام تسليم حزب واحد حتى لو كان وسطيا زمام الصدارة والتفوق .
مؤخرا أعلن أقدم أعضاء مجلس النواب وأكثرهم خبرة في التشريع عبد الكريم الدغمي انضمامه لحزب «إرادة» الوسطي مع عدد من النواب الذين يؤثر فيهم .
ومؤخرا أيضا دمج مثقف ليبرالي بارز هو الدكتور مصطفى الحمارنة جهده الذي عمل عليه لسنوات في تأسيس مبادرة الاشتباك الإيجابي ومدرسة حزبية بالانضمام علنا إلى «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» والذي تميز عن غيره بتقديم حالة اجتماعية يسارية مختلطة فيها نكهة تقدمية دون إغفال وجود شخصيات وسطية بالمقابل.
عمليا في السياسة وفي الإدارة لا تلتقي مدرسة الدغمي مع مدرسة الحمارنة، لكن المؤشر بات مرجحا بأن المتخاصمين ومن مختلف التيارات برسم الانضمام للتجربة أيضا .
كلاهما اندمج بالتجربة الحزبية الجديدة على جبهة الوسط وكلاهما ينضم لحافلة العمل الحزبي التي تتحرك وان كان ببطء في البلاد حتى الآن، الأمر الذي يوحي ضمنا أن أطيافا وشرائح إضافية من النخب لا تزال في منطقة التردد وأحيانا التشكيك على حد وصف القيادي في «حزب الميثاق الوطني» محمد الحجوج الذي يعيد التأكيد أمام «القدس العربي» بأن حافلة مسار التحديث السياسي انطلقت وبدلا من الجلوس مطولا في منطقة التشكيك يمكن الالتحاق بها والتأثير في التجربة من داخلها .
صيغة مماثلة كانت قد سمعتها «القدس العربي» من أحد رموز هندسة التحديث السياسي وهو رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات موسى المعايطة الذي اقترح على النخب وقيادات المجتمع الجالسة الاندفاع نحو تأسيس أحزاب وقول كلمتها والتأثير في الواقع بدلا من الاستمرار في الجلوس والانتقاد .
لا أحد يمكنه أن يشخص بعد تلك المساحة التي يمكن أن يؤثر فيها مفكر وسياسي ديناميكي مثل الحمارنة في تجربة الحزب الاجتماعي الديمقراطي.
ولا أحد بالمقابل يمكنه التكهن بالبصمة التي يمكن أن يضيفها على حزب مثل «إرادة» وجود شخصية إشكالية صاحبة تجربة كبيرة في التشريع مثل الدغمي .
لكن ما يظهر عليه الأمر أن المزيد من الاندماجات والانجذابات تحصل وأن أحزاب الوسط تحديدا واحدة من مشكلاتها أنها لا تفكر بمزاحمة أو منافسة اللون الإسلامي انتخابيا على الأقل بقدر ما هي مهووسة ومشغولة بمنافسة بعضها البعض، حيث ثمة أساس لمخاوف ونتائج مثل هذا التنافس وثمة مشكلات لم يعارضها المعايطة عندما تحدث عن تجربة انتخابات أولى في مسار التحديث السياسي وعن أخطاء يمكن أن تحصل وحاجة للمزيد من النضج مع الوقت والتجربة.
يعتقد عمليا وإجرائيا بأن الأحزاب الجديدة برمتها تعاني من إشكالات مالية .
ويعتقد أيضا بأن من يملكون المال بأحزاب الوسط الطازجة قد يتصورون بانهم العنصر الأكثر تأثيرا مستقبلا في مزاحمة المرشحين الخبراء للانتخابات المقبلة أو حتى في تحديد الفرص والمقاعد والمجالس في قوائم محلية وأخرى وطنية للانتخابات .
وقد لا تقف التعقيدات عند مؤشرات التنافس وأدوار المال السياسي في العمل الحزبي والتي سبق أن حذر منها علنا بجرأة الأمين العام لحزب الميثاق الوطني الوسطي الدكتور محمد المومني .
لا بل الانطباعات تترسخ أكثر بأن التحديات أمام أحزاب الوسط وأمام التنميط الحزبي في الانتخابات المقبلة لا يستهان بها، فلا أحد يعلم بعد ما الذي يعنيه وجود أربعة أو خمسة أحزاب وسطية كبيرة لها طموح بالحصة الأكبر من كعكة القوائم الوطنية في الانتخابات وحمولتها 41 مقعدا في برلمان 2024 .
ولا أحد بالمقابل يعرف إلى أين يمكن أن يتسلل عبر القوائم المحلية حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض ولا المكان الذي يمكن أن تذهب إليه تجارب حزبية وطنية لها حضور قوي في الواقع والمجتمع واستهدفت أو طوردت أو لفظتها الأطر القانونية لمسار التحديث الحزبي مثل «حزب الشراكة والإنقاذ» .
المكان الذي قد يجلس فيه «الحزب الوطني الإسلامي» بعد دمجه وتغيير إسمه وسط هذه التنافسات ليس معلوما بعد .
وليس معلوما أيضا موقع وموقف مطبخ التيار الإسلامي الانتخابي إذا ما قرر وفي اللحظة الأخيرة تطبيق معايير الاشتباك الإيجابي التي طالما اقترحها الحمارنة على الجميع في سياق تنويع التيار الإسلامي لفلسفته القائلة بأن الأولوية لمعركة الأشلاء في غزة وليس لمعركة صناديق الاقتراع في عمان .

ـ «القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب