رئيسيالافتتاحيه

الوحدة العربية… في رؤيا منتدى القوميين العرب

الوحدة العربية… في رؤيا منتدى القوميين العرب
بقلم رئيس التحرير
ونحن نقلب صفحات تاريخنا العربي القديم والمعاصر لنتلمس اهمية الوحدة العربيه ومدى حاجتنا لتحقيق هذه الوحده ، حيث ما تحققت وحدة العرب أو بعضهم مرّة إلا وحققوا النصر على أعدائهم، وتحقق الازدهار للمجتمع العربي ، وما تفرق العرب مرّة إلا وذاقوا مرّ الهزائم ومرارة الفشل وقسوة العيش وهذا ما نلمسه بواقعنا العربي حيث الفرقه والتشرذم بحيث يطمع فينا اعداء الامه العربيه ويستحوذوا على ثرواتنا
ان الوحدة العربية كفكر ونهج يتبناه منتدى القوميين العرب ضمن رؤيا تقود لتوحيد أبناء الأمة العربية من خلال التجسيد العملي لرابطة ثقافية حضارية عقائدية جمعت العرب في الماضي، وباتت شرطاً لاستقلالهم في الحاضر، وضرورة لنهضتهم في المستقبل.
اذ قلّما اجتمعت لجماعة أو أمة عوامل تشدها إلى بعضها البعض كما اجتمعت للأمة العربية التي يتكلم أبناؤها لغة واحدة هي اللغة العربية وما يرتبط بها المجتمع من ثقافة توحدهم ، وتجمعهم حضارة واحدة هي الحضارةالعربية
ومصالح مشتركة تجمع بين اقطارها سواء على الصعيد الاقتصادي او السياسي او الثقافي مع ضرورة تحقيق الامن القومي.
وفي الوقت ذاته قلّما اجتمعت على جماعة أو امة أو حتى قارة من القوى لمنع وحدتها كما اجتمعت على الامة العربية قوى خارجية لها امتداداتها في الداخل، سعت وتسعى إلى ابقاء هذه الامة مجزأة، متناحرة، مشرذمة لمنعها من امتلاك الإرادة والقدرة على تحقيق استقلالها، واستثمار مواردها بمايحقق تكاملها الاقتصادي ويحقق قوتها
في ظل هذا التناقض بين حاجة الأمة إلى وحدة تنسجم مع ماضٍ تليد جعلها في مقدمة الأمم على مدى قرون، وتواجه حاضراً مهدداً بكل انواع التحديات، وتهيء لمستقبل ناهض، وبين عوائق خارجية وداخلية تحول دون تحقيق هذه الوحدة، فان الأمة العربيه تخوض في مواجهتها، وما تزال، أكبر معاركها من أجل استقلال دولها وحرية مواطنيها وتنمية مجتمعها وعدالة انظمتها والتجدد في عطائها الحضاري، وهي أهداف يسعى منتدى القوميين العرب لتحقيقه ضمن مشروعه النهضوي لتحقيق هدف الوحدة العربية متلازماً مع الأهداف الأخرى، التي لا مقايضة بينها، ولا إقصاء لأحدها لحساب الآخر، بل بينهما تكامل
برؤيتنا ان هذا التناقض الصارخ الذي تعيشه امتنا العربيه بحيث نعيش في عصر لا مكان فيه للتكتلات الصغيرة، ولا مستقبل لها، بل أن بعض هذه التكتلات الذي يقوم اليوم بين أمم وجماعات مختلفة، شهدت فيما بينها صراعات وحروبا دموية عنيفة، لكن رغبتها بالبقاء والتقدم فرضت عليها شكلا من أشكال الوحدة، الاقتصادية، وحتى السياسية، بذريعة وجود مصالح تدفعها إلى ذلك في عالم يقولون إنه يقوم على المصالح لا المبادئ.
ان الوحدة العربية التي نسعى لتحقيقها تجمعها المبادئ والمصالح معاً، فكل ما نحمل من عقائد وقيم وروابط تاريخية ومشاعر إنسانية يدفعنا نحو الوحدة بعيداً عن التشرذم والتناحر والانعزال، كما أن كل نظرة موضوعية إلى الوطن العربي، مساحة وموقعاً وموارد، تظهر أن قيام أي شكل من أشكال الوحدة العربية أمر تفرضه مصالح الوطن الكبير كما مصلحة كل قطر من أقطاره، الكبير منها والصغير، الغني منها والفقير، حيث تتكامل عناصر الإنتاج مع شروط التنمية داخل وطننا العربي الكبير كما لا تتكامل في أي وحدة قائمة اليوم في العالم
ان نظرة سريعة إلى واقع التنمية العربية نجد ان أزمتها تطوق كل أقطار الأمة سواء الغني منها، المهدد دائماً بمصادرة ثرواته من قوى الهيمنة، أو الفقير منها المتخبط بالفقر والبطالة والهجرة، بل نجد أن لا حل جذرياً لهذه الأزمة إلا بأشكال متعددة من التكامل الاقتصادي وصولاً إلى الوحدة الاقتصادية العربية.
وما ينطبق على التنمية المستقلة ينطبق أيضاً على الاستقلال الوطني والأمن القومي للأمة، كما لأقطارها، فلقد أثبتت الأحداث والتطورات كلها ان ما نالته أقطارنا العربية من استقلال في العقود الماضية بقي استقلالا منقوصاً ومنتهكاً على الدوام من قوى خارجية تتفوق علينا في موازين القوى، بدءاً من اغتصاب كامل للأرض كما في فلسطين، وصولاً الى أراض عربية محتلة أو مسلوبة من أقصى المغرب العربي إلى أقصى المشرق، ناهيك عما نشهده حاليا من حروب وقواعد أجنبية وتدخلات خارجية مباشرة في العديد من اقطار الامة.
وقد أثبتت التطورات المتسارعة في وطننا العربي أن الأمن الوطني لكل قطر، مهما كان هذا القطر كبيراً، مرتبط بالأمن القومي العربي ، وان السيادة الوطنية لكل بلد هي جزء لا يتجزأ من السيادة القومية ضمن مفهوم الامن القومي العربي ، وقد أثبتت التطورات كذلك انه في غياب الأمن القومي العربي لا تتلكأ الأقطار عن نصرة بعضها البعض فحسب، بل ان حكام تلك الأقطار، ولأسباب متعددة، يصبحون جزءاً من منظومة العدوان على أقطار أخرى وأحياناً من المحرضين عليه او مشجعيه كما رأينا في الكثير من الصراعات والحروب ضد العراق وحربةاليمن والصراع على سوريا وما يعيشه لبنان من صراعات وما تعانيه ليبيا واخر الحروب وليست نهايتها الحرب على غزه من قبل “اسرائيل ” حيث تتعرض غزه لحرب اباده والعرب كل العرب عاجزين عن نصرة غزه وعاجزين عن ادخال المؤن لغزه وهي تخضع لحصار قل نظيره في العالم وسياسة التجويع والعالم العربي بمختلف أقطاره لا يقدم ولا يؤخر وبدلا من أن يهب العرب لنجدة غزه تحول هذا النظام العربي ليلعب دور الوسيط
ان الخلافات بين اقطارنا العربيه ما كانت لتحدث لو كان هناك قاسم مشترك لتحقيق الوحده
ان ثقافة الديمقراطية و آلية المشاركة الشعبية الفاعلة في الحكم، هما صمام أمان الوحدة الوطنية بين مكونات متنوعة تتساكن في وطننا الكبير، والضامن الحقيقي لحقوق الإنسان، وان الاستبداد وغياب الديموقراطيه تبقى حياتنا السياسيه مشوهة وناقصة او قابلة للتشويه في ظل كيانات صغيرة تتوفر فيها للفئة الحاكمة كل سبل الاستبداد وإقصاء الآخر لأنها بإمساكها آلة قمع فتاكة، وإمكانات مالية وافرة، تصبح قادرة، وبمساعدة خارجية عادة، على إخضاع شعوب محدودة العدد أو على إشعال حروب وفتن، متعددة الاشكال والمواصفات، داخل هذه المجتمعات، وهي وسائل وآلات وقدرات تصبح محدودة التأثير لو كانت تواجه امة موحدة تضم مئات الملايين من المواطنين.
من هنا فان رؤيتنا في منتدى القوميين العرب ان الوحدة العربية والديمقراطية هدفان متلازمان ومن خلالها يمكن تحقيق احدهما الطريق لتحقيق الهدف الآخر، إذ أن الخيار الحر لأبناء الأمة العربية هو الخيار الوحدوي إذا توفرت ديمقراطية حقيقية لهم، والوحدة العربية، أيّاً كانت صيغ العمل بها، تعطي القوى الشعبية قدرة اكبر على ممارسة حقوقها في المشاركة، ناهيك عن حقها في التعبير والتغيير.
ولو تأملنا جيداً في الصحوة الشعبية العربية ، لاكتشفنا وحدة أبناء الأمة من خلال انتقال الحراك الشعبي، وبسرعة مذهلة، من قطر إلى آخر، وتداولها للشعارات ذاتها تقريباً، ولكننا لو درسنا جيداً أسباب تعثر بعضها لاكتشفنا ان على رأس هذه الأسباب هذه اضطرار هذه التحولات إلى الانكفاء داخل أقطارها، وعدم تبنيها لبرامج ومشاريع تدفعها للتكامل مع الأقطار الأخرى، أو لتبني قضايا تهم الأمة كلها بل احيانا الى الاستعانة باعداء الامة لتحقيق اغراضها، الأمر الذي سهّل لأعداء الأمة عمليات اختراق وتشويه وتجويف هذه التحركات رغم أصالة انطلاقاتها، ووطنية الكثير من مطلقيها وصدق العديد من مناضيلها.
وبقدر ما تشكل الديمقراطية الإطار السليم لتنظيم العلاقة بين الدولة والمواطن، كما بين الدولة والمكونات الآثنية والدينية والمذهبية لمجتمعها، فان الوحدة العربية، كإطار أوسع يحمل في اطاره كل آفاق التقدم والرخاء والازدهار تصبح قادرة على التعامل برحابة إنسانية واسعة، (هي من صلب تراثنا العربي )، مع كل هذه المكونات التي تصبح حينها أكثر انجذاباً لدولة ديمقراطية قوية مزدهرة نامية من جهة، كما تصبح تلك الدولة الديمقراطية القوية أكثر استعداداً لاحترام خصوصية تلك الجماعات وأكثر قدرة على التعاطي الايجابي معها، لأن الدولة الكبيرة تكون مرتاحة مع نفسها، ومع مكوناتها، ولا تعيش حذراً وتوتراً من مكونات داخلها تطالب بحقوق مشروعة لها.
ان الوحدة العربية التي نسعى لان تتحقق ليست خيراً على العرب وحدهم، بل على كل من يساكنهم في أرضهم، ويشاركهم في مصيرهم، بعد أن كان هؤلاء شركاء أساسيين للعرب في تاريخهم وفي معاركهم ضد الغزاة (دور الاكراد في مقاومة الفرنجة، ودور الامازيغ في مقاومة الاىستعمار الغربي)، بل أن الوحدة العربية بارتكازها على منظومة التلازم بين العروبة وكل المكونات العرقيه تصبح الإطار الأرحب للعرب، مسلمين وغير مسلمين، وللمسلمين عرباً وغير عرب، فتشكل وعاء تفاعل حضاري خلاق، عربي إسلامي، كما كان الحال على مدى قرون طويلة من الزمن.
ان الكيان الصهيوني نفسه، الذي تم إنشاؤه على ارض فلسطين العربية كحاجز يمنع توحيد شطري الوطن العربي الكبير ويسعى إلى زرع بذور الفتنة والاحتراب في كل المجتمعات العربية والإسلامية، سيصاب اصحابه بالإحباط وهم يرون أمامهم كياناً عربياً كبيراً، متفاعلاً مع دوائره الحضارية والإستراتيجية الأوسع، ويحسون بمخاطر تهدد وجودهم أمام قوة عربية كبرى قادرة على احتضان مقاومة الشعب الفلسطيني ومدها بكل أسباب القوة، وبالتالي يصبحون أمام احتمالين أما مغادرة ارض اغتصبوها واستعمروها وشردوا أهلها، وإما القبول بالاندماج كجماعة دينية في إطار عربي أوسع.
بل قد يجد بعض اليهود، من سكان الوطن العربي تاريخياً، والذين هاجروا الى فلسطين المحتلة، أنفسهم منجذبين إلى جذورهم الأصلية في تلك المجتمعات، وقد باتت في ظل الوحدة أكثر قوة وازدهاراً، بل قد تجد بعضهم ربما مشدوداً إلى العروبة نفسها خصوصاً انها لم تقم يوماً على فكرة التمييز بين الناس على أساس الدين أو اللون او الجنس أو العرق أو الدم أو النسب وهو ما كان عليه تاريخ اليهود مع العرب والمسلمين قبل قيام المشروع الصهيوني – الاستعماري.
فالوحدة العربية إذن هي إطار امثل لحل قضية الصراع العربي – الصهيوني، سلماً بالاستيعاب الديمقراطي الإنساني، أو حرباً بتفوق القوة، ولعل هذا ما يفسر الحرب الصهيونية الدائمة على كل ما يوحد العرب، فكراً أو نضالاً أو مقاومة أو مشاريع مشتركة، بل هذا ما يفسر موقف الدول الغربية الداعمة للكيان الصهيوني، باعتبار هذا الكيان – الحاجز احد ركائز استراتجيتها لمنع قيام قوة كبرى في الوطن العربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب