نقد الفكرة والتعبير عنها
نقد الفكرة والتعبير عنها
بكر أبوبكر
إن الفكرة لمجرد أنها فكرة فهي نتاج بشري سواء تعلقت بتفسير مقدس أو بعلم تجريبي أم إنساني…الخ، فكلّه لارتباطه بالعقل قابل للأخذ أو الرد، ومن هنا إذا لم يتعلم الشخص أو التنظيم أو أي مؤسسة هذه المعادلة التي توجب التفكير بقرار رباني (لعلهم، وأيضًا لعلكم تتفكرون، وأيضًا لقوم يتفكرون..الخ-من الآيات) فإن الشخص أو التنظيم فاشل مهما افترض غير ذلك.
يتوجب على التنظيم أو الجماعة أو الشخص أن تفتح بابها للهواء النقي، ولا يأتي الهواء النقي أبدًا بأغلاق الأبواب أو النوافذ بل إنه يعطن، كما تأسن ماؤه ولا يعود صالحا للشرب أو التنفس فيموت الشخص أو التنظيم بفكره أو رأيه المطلق الصواب أو المقدس.
يمكننا التعبير عن الفكرة بعدد من الأوجه يمكن أن نعرضها كالتالي:
1-الفكرة المرتبطة بالثابت العقدي أو القومي أو الفكراني (الأيديولوجي) لذا ففكرها هنا لايُمس، ويتم تقديسه وقد يتحول لفكر انغلاقي لا يقبل الهواء الجديد، وفكر تنزيهي للذات وعدائي اتهامي وإقصائي للآخر.
2-فكر الواقع المتغير، أو فكر التحليل العلمي (التجريبي)، وفكر الشك والبرهان والدليل والحجة ومن المفترض أن يكون سِمة العلماء والاول منه على الأقل سِمة السياسيين.
3-فكرة أو فكر التحفيز والدفع للأمام وهو ما يميز الأنبياء والمفكرين والمصلحين ذوي النظرة المستقبلية التي تعي وتفهم القادم وترى المتغيرات قبل حدوثها.
4-فكر الأماني والآمال والرغبات وغالبا ما يميز البعيد عن الأمر أو الموضوع أوالحدث، وهو الذي يرغب بما تحركه عاطفته ويأمل ولا يعمل.
5-فكر الأساطير والخرافات وتجدها عند المستسلمين في كل الأديان وعلى الأخص المتطرفين الذين يغرفون من أساطير وأوهام التناخ (التوراة والأسفار اللاحقة..)، وأمثالها في كل مجتمع.
6-فكر التساوق (المجاملة) مع المشهور أو المعروف أو السائد ولو كان فاسدًا، أو مع ما تضخّه وسائل الاعلام التقليدي أو الاجتماعي بما تحويه من سياسة توجيهية، وهم مَن أسماهم الرسول صلى الله عليه وسلم الإمعات، أو بلفظ علي بن أبي طالب هم الهمج الرعاع، الذين يميلون حيث تميل الريح.
7-فكر الهوى الشخصي والنزق والمصلحة والاستبداد وهو غالبًا ما يكون خطاب السلاطين والمستبدين ومن تخلّق بأخلاقهم مهما كان موقعه في خريطة السلطة أو الوظيفة أو العمل.
ونفترض هنا أن الفكرة من حيث هي جهد عقلي قد يكون كبيرًا ومثمرًا وقد يكون محصلة صراع ناجح أو فاشل بطبيعة الناتج فإننا نرى 3 مراحل بالنقطة الأولى أي الفكرة المرتبطة بالثابت العقدي أو القومي أو الفكراني.
الأولى أنها تكون فكرة عقدية واعية مرحابة متقبلة للآخر.
وقد تصبح فكرة مقدسة لا تفهم الألوان، فليس أمامها الا ملاك مقابل شيطان أوأسود مقابل أبيض أو إما أنا وإما أنت! فأنا الصواب والحق المطلق وأنت الخراب والدمار والشيطان.
وفي مرحلتها الثالثة قد تتحول الفكرة الى متطرفة جارحة قاتلة أي تنتقل من القول الى الفعل بالإقدام على محو الآخر عقليًا وجسديًا. (سلسلة نجمعها تحت عنوان: النقد المحرم وجريمة التفكير).